برأيكم لماذا لا يحصل كتاب السيناريو على التقدير الكافي بقدر ما يحصل عليه ممثلين العمل ومخرجينه؟

سواء في هذا المجال أو غيره الواقع أن هناك أبطال ظل لولاهم لما ظهر هذا العمل للنور, ليس التمثيل فقط بل في الرياضة والمسابقات وحتى الحروب الكبرى فبطل الظل هو الذي يعلم ويؤهل ويخطط والمنفذ هو وسيلة يجب أن يكون ماهر وشجاع ولديه العديد من الصفات والمهارات قد لا تتواجد في بطل الظل, فكلاهما يؤديان لظهور عمل ما للنور, ولكن في النهاية المشاهد النهائي أو المستمع في أي مما سبق ذكره فهو يعرف مايراه فقط (المنفذ أو الممثل)

الممثل قد شرحت كفاية أنت سبب شهرته ولذلك سأبدأ من المخرج وأقول أنه بالتأكيد يكون مشهور بسبب أنه في معظم الأحوال هو من يختار النص الذي سيعمل عليه والممثلين والطريقة، يعني هو يحدد الكثير من الأمور وبالتالي جزء من شهرته تأتي من قوته ومن رغبة الناس بتملقه ليس إلا لتحصيل الانتباه عنده وبالتالي العمل معه ولهذا الشهرة التي يحصلها هي مختلفة عن شهرة الممثل، شهرة الممثل شهرة أضواء، أما شهرة المخرج شهرة قوة وتمكين، تشبه الشهرة السياسية.

ما يفقده هنا الكاتب صار واضحاً، هو يفقد الشهرتين، شهرة الضوة وشهرة التمكين، وبالتالي هو عنصر تأسيسي للعمل أو أساسي هيكلي، وأي أساس في أي بناء غالباً يكون تحت التراب، مثله مثل أي جذر يكون تحت التراب رغم أهميته.

هذا الكاتب غالباً تكون قوته كامنة، يأخذ المال بشكل غير مبخوس ولكن بلا شهرة وهذا الأمر برأيي ليس ظالم بالمرة وليس له علاقة ببخس الحقوق.

أعتقد أن الكاتب لا يحصل على شهرة ولا يحظى باهتمام الجمهور لأن هذه الأمور ليست من ضمن نتائج عمله ولا من مقاييس النجاح بمجاله، فلو نظرنا للممثل سنجد أن الشهرة والاهتمام نتيجة لعمله ومقياس لنجاحه، وكذلك الأمر بالنسبة للمخرج الذي يحتاج لأن يكون نجم لامع حتى يهتم الجمهور بأعماله، أما الكاتب فلا الشهرة ولا الاهتمام مقياس لعمله، فمثلاً مصمم الاستعراضات مقياس نجاحه يكمن في البراعة والابتكار والقدرة على التدريب وتنفيذ الأفكار، فلو كان مشهور أو غير مشهور فهذا لن يؤثر عليه بشئ طالما يعمل ويتقاضى مقابل عمله.

لكل عمل يتعرض للأضواء يوجد الجانب الظاهر والمخفي، حتى في السياسة مثلًا، أنت تعلم من هو وزير الخارجية أو المتحدث الرسمي عنه، ولكنك لا تعلم شيئًا عمن يقومون بأعمال الوزارة، في الأحزاب يعمل المنتسبين بجد ولكنك لا تعرف منهم سوى الوجه الإعلامي الذي يتحدث نيابةً عنهم، من جهة أخرى في عالم الموضة، نحن نتحدث عن المصمم فقط ونوجه كل احتفائنا له، ولكن يضيع الخياط وغيره في المنتصف، نتحدث عن الشركة ونتجاهل الموردين والمصنعين، وهكذا ليس الكل سيكونون عرضة للأضواء والإحتفاء، ولا أعتقد أن هذه مشكلة كبيرة، في النهاية نحن نعلم أن العمل ما كان ليكون العمل لولا وجود كاتب، سواء احتفينا به أم لم نفعل، وعلى كل شخص يعمل خلف الستار أن يفخر بأنه كان جزءًا من النجاح وكما نسميه "الجندي المجهول".

في إحدى الفعاليات في الجامعة قمت بكتابة فقرات المسرح، وقام بإلقائها أحد الزملاء المتميزين بإلقائهم الجميل، الحضور استمتعوا بالإلقاء ووالكلمات ولا يعلم أحد أصلًا بوجودي في هذه الحياة، في النهاية لم يكن لينجح العرض لولا النص الذي كتبته ويكفيني أن أعرف ذلك.

كُتاب السيناريو إذًا هم الذين لا يهتمون بالتسويق لأنفسهم، فماذا لو عمل أحدهم صفحة، وبعد عرض الفيلم يعرض مقتطفات من كتابته، ويشرح أنه كان محتارًا بين أن يقول كذا أو كذا، لكنه شعر بكذا، وينتظر تفاعل الجمهور ويجيب عليهم ببعض من خفة الظل وإثارة أسئلة تفاعلية، فهذا سيعود عليه بشهرة وشعبية، وقيمة أكبر تمكنه من أن يصبح نجم يتهافت الممثلون من أجل العمل على أوراقه.