أرى العديد من التعليقات التي تدعم فكرة الوثوق بحدسنا دائمًا، وأنه حين نشعر داخليًا بأن علينا التوقف عن فعل أمر ما، أو اتخاذ قرار معاكس للمنطق.. فيجب أن نسمع لذلك الصوت.
ولكن كيف أعرف أن ما يخبرني به حدسي، ليس نابعًا من مشاعر خوف، أو رغبة عقلي في الاستمرار على نفس الحال دون الخروج من منطقة الراحة، أو أيضًا غير تابع لتحيزاتي الفكريةّ!
كيف ترون الحدس من وجهة نظركم؟ كيف تحددون ما هو مبني على منطق سليم وما هو مبني على عواطف فقط؟
الحدس يكون مؤشر داخلي ربما مبني على انطباعات شخصية ومشاعر داخلية لا أساس لها إطلاقا للحكم الصحيح وأحيانا يقودنا هذا الحدس إلى اتخاذ قرارت تجعلنا نندم في المستقبل لهذا لا أعتمد عليه أو لنقل أنني أحلل هذا الحدس بناءا على التفكير المنطقي فلو كان حدسي يخبرني مثلا أن مديري في العمل يحاول التخلص مني حينها أبحث عن المواقف الفعلية التي جعلتني أفكر في هذا فأبحث عن أسباب واضحة ( هل قصرت في عملي؟ - هل حدثت مشكلة واضحة قريبا؟ - هل فعلت شيئا خاطئا؟) وهكذا وحينما أجاوب بنفسي على مثل تلك الأسئلة يمكنني معرفة إذا كان حدسي سليم أم مجرد مشاعر داخلية ليس لها أساس من الصحة وكانت نابعة فقط من شعوري بعدم الرضى عن نفسي أو الوظيفة وأفعل هذا الأمر في كل نواحي حياتي وليس الوظيفة فقط فأني أرى أن أفضل طريقة لمعرفة الحقيقة الواضحة هو البحث عن الأسباب المؤدية لها.
ردك عقلاني جدًا حمدي، وأتفق مع كل ما ذكرته، ولكن ما رأيك في ذلك الشعور الذي يباغتنا في بعض المواقف أو تجاه بعض الشخصيات، ونحاول إنكاره أو التساؤل حوله بالمنطق كما ذكرت أو حتى نجد ما يثبته أو يثبت عكسه، فنتصرف وكأنه غير موجود، لنكتشف بعد فترة ربما طويلة أن ما شعرنا به وقتها كان صحيح وكان يجب السماع لذلك الصوت، فما رأيك في هذه المواقف تحديدًا، ما الواجب فعله لتعامل بحيادية دون نكران أو انصياع كامل؟
لا أنكر أن هذا الشعور يراودني أحيانا لأنه من المنطقي أن أكون مررت بمثل هذا الموقف، حينها يجب علينا تقبل نقطة هامة وهي أننا نخطأ أيضا وأننا لم نبحث عن الحقائق بشكل كافي أو ربما لم تكن هنالك مؤشرات مادية حقيقية تجعلنا نتخذ قرار واضح وعليه قمنا بالفعل كما ذكرتِ بنكران هذا الحدس بشكل كامل وهذا هو الخطأ الذي وقعنا فيه أننا تجاهلنا المؤشر الذي أمامنا.
لذا ما علينا فعله هو تقبل هذا الخطأ الذي قمنا بفعله وأن لا نقسوا على أنفسنا بشكل كبير بل نحاول استخدام هذا الشعور كمؤشر واضح أن نأخذ أي حدس يأتينا على محمل الجد حتى لا نقع في هذا الخطأ مرة أخرى.
اتفق في هذا معك تماما .
هذه الطريقة تستعمل على نطاق اكبر حتى في مجال العمل والمال، يقول جيف بيزس مالك شركة أمزون أن 90 بالمئة من قراراته الناجحة أخذها بالحدس وانه يثق جدا في حدسه اكثر من اي شيء اخر .
طبعا الحدس وحده غير كاف بل ويجب ان تكون هناك طرق ومنهجيات معينة لتحقيق اهداف جيدة من خلاله حسب المجال او الموضوع الذي يستدعى فيه...
طبعا الحدس وحده غير كاف بل ويجب ان تكون هناك طرق ومنهجيات معينة لتحقيق اهداف جيدة من خلاله حسب المجال او الموضوع الذي يستدعى فيه...
بالتأكيد.. أتفهم هذه النقطة وهذا ما أفعله أن أعامل هذا الحدس على محمل الجد من حيث التحليل والبحث فيما وراءه وعدم تركه أو نكرانه بشكل كامل قبل أن نتبع الطرق التحليلية.
أولا : لم يعد الحدس مبهما ، وتحديدا فى مجال علم النفس إذ تم تعريف الحدس بأنه نوع من أنواع التفكير لكنه يحدث على عتبة الشعور ، بحيث لا يمكن للعقل أن يدرك كيفية ماتم التوصل إليه على عتبة الشعور ، إذ أن ذلك حدث سريع و تلك إحدى نظم عمل التفكير البشرى ، لكنها عملية منطقية جدا ، و ليست عشوائية ، ويقول عن ذلك النظام من التفكير أنه مصمم لاتخاذ قرارات سريعة بناء على دلائل قليلة و غير مصمم لتقدير حجم القفزة التى سيقفزها بناء على ذلك التحليل السريع ، و كثيرا ما يصيب حدسنا فى اختياره رغم قلة الدلائل و المعطيات ..... دانيال كانمان الحائز على جائزة نوبل
ثانيا : يستشهد هذا العالم لباحث اسمه بول ميل وكتابه " التوقع الاكلينيكى فى مقابل التوقع الاحصائى ، تحليل نظرى و مراجعة للأدلة " و الذى من خلاله تم إجراء توقعات إحصائية عن مجموعة من الطلبة الجامعيين فى مرحلتهم الأولى حول تقديرات نهاية العام مستعنين فى ذلك بدرجات مرحلة الثانوية ، وعدد من اختبارات القدرات الخاصة بهم ، و مقالة كتبها كل منهم عن نفسه من أربع صفحات ، واستخدمت الخوارزمية قسما يسيرا من هذه البيانات ، وذلك العمل قام به 14 مستشار متخصص لم تكن نتائجهم بذات الدقة التى توقع بها بعض المحترفين فى مجال التعليم الجامعى درجات هؤلاء الطلاب و مستواهم العلمى دون التوغل فى كل هذه الحسابات .
ثالثا : تزداد قدرة الحدس نحو توقع تصرفات وسلوكيات البشر عن قوة الاحصاء و البيانات ، و تلعب هنا الخبرة الحياتية دورا بارزا ، لكن ليس دائما فقد تكون الدلائل التى حصل عليها عقلك صغيرة جدا لكنها قوية جدا لينقبض قلبك من شخص ما مثل حركة حواجبه أو ارتعاشه فى أصابعه أو أى دليل مر على عقلك فى ثوان و لم تتذكره إلا بعد مرو الموقف بساعات على الأقل .
رابعا: إذا كان الحدس عملية تفكير فإنه يقوى بالتجارب و المعلومات و خوض الحياة باعتباره إحدى طرق التفكير
خامسا : يصعب الإجابة عن سؤالك إذا ما تعلق الأمر بتقييم البشر ، مازالت كل الأبحاث و النتائج تشير إلى قوة الحدس عن الاحصاء فى توقع سلوك البشر ، لكن كيف لنا أن نعرف أنه حدسا أم لا ؟؟؟؟ ، وهو عملية سريعة تحدث فى منطقة ذهنية يصعب التقاطها .
ثم يختتم أحد فصول كتابه " متى كنا نستطيع أن نستبدل الصيغ بالأحكام الحدسية البشرية ، فيجب ألا نستبعد الأحكام البشرية تماما " .
هذا الأمر يختلط علي دائما فمن ناحية أؤمن أن هناك فطرة خلقنا بها وهي تساهم في جعلنا نتقبل او لا نتقبل الأشياء من حولنا وهذه الفكرة هي ما أفكر فيه عادة وقت الحديث عن الحدس، لكن من ناحية أخرى هناك الكثير من الأشياء التي يمر بها الإنسان في حياته التي تفسد هذه الفطرة الموزعة فيه من الله، لهذا أشك كثيرا في كون الحدس أمر بالفعل يعتمد عليه خاصة في القرارات المصيرية والمهمة بالنسبة لنا.
بالضبط اسلام، ما خلقنا عليه لا يظل على حاله، بل يتأثر بكل ما نمر به وبالطبع هذا ما يشكل الوعي والنضج، ولكن ما نشهده من مواقف سيئة وصدمات ونجاح وفشل وخذلان وإرهاق وكل ذلك له تأثير على بناء تحيزاتنا الفكرية التي قد نراها على إنها حدس ولكننا في الأغلب نميل لما هو مضمون نتائجه بالنسبة لنا، وعلى الناحية الأخرى قد تجد نفسك في بعض المواقف التي لم تمر بمثلها من قبل، وهناك شعور داخلي يحثك على اختيار أمر ما، فإذا اخترت عكسه فقط لإنكار ذلك الشعور، قد تصطدم بنتيجة سيئة وتقول يا ليتني أستمعت لصوت حدسي، وهنا أجد الحيرة في كيفية اختيار القرارات السليمة وخاصة المصيرية بالنسبة لحياتنا الشخصية، في رأيي الموضوع يحتاج لاعتبار كل ما سبق ومحاولة التفكير بحياديه، ألا تعتقد ذلك؟
الحدس هو قدرتك على اتخاذ القرارات بدون الاعتماد على المعطيات وقوتة تأتي من التجارب الشخصية والخبرات الحياتية السابقة ، الحدس قد يخبر العقل المفكر أين عليه أن ينظر.كلمة قالها الطبيب الامريكي يوناس سولك تجعلنا أن نضع حدسنا في الاعتبار وقت اتخاذ القرار ، فعندما تجد نفسك مضطرب في اتخاذ قرار استفت قلبك
حسنًا بما أنه مبني على التجارب الشخصية والحياتية، ألا يعني ذلك أنه يتبع تحيزاتنا الفكرية، فكيف سنثق فيه تمامًا مع معرفتنا أننا قد نخطئ؟ هل ترى بأن أحيانًا يكون الحدس فطري بشكل ما ويجب التوافق معه في بعض المواقف ؟
بالفعل يعتمد على التجارب الشخصيه والحياتيه وايضا له علاقة وثيقه بافكارنا وعقائدنا ولكن لا ننكر بأن الحدس له قيمة في مواقف متعلقه بتجارب مررنا بها من قبل ، هي مسأله توازن بين ما تفكر به وما تشعر به
ولكن دعني نسأل بشكل أخر هل نستطيع أن نمنع حدسنا من التأثير علينا ؟
بالنسبة لي لمرات عديدة حدسي يكون صحيحا فما يتعلق بخوفي من قرار أو أشخاص أشعر أنني لدي قرون إستشعار للأمور السيئة لذا لا يمكنني إغفال حدسي مهما شككت فيه
قد يكون الحدس متشعب لدينا -نحن النساء- أكثر من الرجال، ولذلك فإننا في كل موقف نبدأ في تقييم الأمور بعاطفتنا والتي يعتبر الحدس شكلًا منها. أنتِ لا تملكين الأدلة لتثبتي للعقل شيئًا، ولكن لديك إحساسك فقط ناحية الشخص أو الموقف.
الحدس دائمًا أربطه بالخوف. ولا مرة وثقت بحدسي، ولعل هذا ما يوقعني بالمشكلات أحيانًا، وأحيانًا يصيب الأمر، والأكثر أن الأمر يصيب، ولكني أعتقد أن هذه هي الحياة بالنهاية أيًا كان اختيارنا.
لنقل مثلًا أن هناك خطوة أريد الإقدام عليها ولكني لا أشعر بالارتياح نحوها. في النهاية ما سأفعله هو أنني سأضرب بحدسي عرض الحائط، لأنني سأساويه بالمشاعر وأفكر بعقلي واتخذ الخطوة حتى أرى دليلًا يشجعني على تركها.
ربما أفعل مثلك واتخذ الخطوة لأن لا دليل لدي على حدسي لكني لا أنكره ولا أضعه جانبا بل أتحسس الخطوات لأني قلقة جراء حدسي فإذا كان حدسي مصيب لا أخسر الكثير
الحدس هو نسبي بين الأشخاص. قثمة أناس يكون الحدس عندهم مؤثّرًا بشكل كبير جدًّا. وعلى المقلب الآخر هناك أناس يكون عندهم انسلاخ عن حدسهم بالرّغم من دوره في حياتهم. أنا بالنسبة لي فإنّني أمشي حسب حدسي في الكثير من الأحيان وإن سألتيني عن السبب سـأقول لكِ الآتي: الحدس هو قوّة قد تكون قائمة على منطق خفي أو على إحساس بحدوث ما هو غير مقرون بدليل. فالحدس برأيي هو قوّة لا واعية بداخلنا لها قادرة هائلة على رؤية مخاطر الأشياء ولكن بشكل غير معلن. ولذلك كثيرا من الأحيان عندما نشعر بالخوف من شيء يكون لحدسنا منطق في الشعور بذلك ونكتشف لاحقًا ذلك. وأمّا إن كان غير مقرون بمنطق خفي، يكون قائمًا على إحساس مجرّد وهو ما قد يصح أو ما لا يصح. بالنسبة لي فإنّني أحيانًا أسير بحسب حدسي وأكتشف أنّه صائب حمدًا لله. ولكنّه في بعض الأحيان يخطئ فأكتشف أنّه ليس حدسي بل خوفي من الأشياء ما يفرض تجنّبها وليس حدسي.
التعليقات