قبل أيام جرى حوار ممتع بيني وبين صديقتي المقربة- لها كل الحب- حول فكرة التضحية بين المثالية والواقعية، وقد عجبت وأُعجبت بمدى صراحتها حول الأمر، قائلة: ياعزيزتي لا يوجد شخص واقعاً يمكن ان يهلك نفسه من أجل أخر مهما كانت قضية أخلاقية أو تعود بالخير على الأخرين، في النهاية حب الذات أقوى من أي أخلاقيات أخرى، وأن من يدعون التضحية لا يدعونها إلا عندما يكونون في حالة راحة وآمان يتباهون بالكلمات البراقة والعنتريات الفارغة، لكن بمجرد أن يوضعوا في وضع يستدعي التضحية فعلا، فسيولون الأدبار دون أن يفعلوا أي شيء مما يقولون .
وكعادتها في نسج النكات اللطيفة قالت: لا تحزني ولا تلوميني ياخلود، لكن اذا هاجمتنا عصابة او هم قطار بالاصطدام بنا فلا تبحثي عني لأنقدك لأني أكون قد هربت، لكني سأنتظر أن تنقذيني لأتأكد أنك تؤمنين بالتضحية فعلا كما تقولين ، هاهاهاها.....
تقول هذا الكلام وهي من أكثر الناس عطاءً وإيثاراً وحباً للآخر، بشكل يستدعي للسؤال فعلا: هل توجد اليوم فكرة التضحية بشكل فعلي واقعاً- اذا افترضنا أن التضحية سمة أساسية في اخلاقيات الإنسان القديم حسب ما تقول الدراسات الانثروبولوجية ؟ ولأهم هل تتجزء أخلاقيات الخير للأخر بحيث يمكن أن يكون فعل العطاء دون وجود فعل تضحية، أم أن فكرة التضحية تم تشوييها في النظام الأخلاقي الجديد المبني على الأنانية الفردية والمصلحة الخاصة؟
التعليقات