متى تُضحي من أجل الآخرين؟

لماذا نربط بين التضحية ونموذج الأم دائمًا؟ وبناءً عليه نضع توقعات غير منطقية بالنسبة لأي أم، فقط لانها من المفترض أن تضحي لأجل التضحية! بالنسبة لي هذا المفهوم يعبر عن الحب والعطاء، ولكن ليس للدرجة التي تجعل الشخص يفقد هويته شيئًا فشيئًا حتى يرضي من حوله، لأنه بعد وقت سيجد أنه تحول إلى شبح "مجازيًا"، لا يقدره أحد على مجهوده، حتى هو أصبح ماكينة حية فقط، ولكن أنا أؤمن أن كل قرار نأخذه نضحي أمامه باختيارات او رفاهيات أخرى، بمعنى السيدة إذا قررت أن تصبح أمًا، ستضحي بكثير من وقتها لأجل أطفالها، وهذا سيؤثر على عملها بنسبة كبيرة في السنوات الأولى لأطفالها، ولكنها تضحية مرغوبة أو لنقل محسوبة بالنسبة لها، من ناحية أخرى، السيدة التي تقرر عدم الإنجاب، هي تضحي بفكرة تكوين عائلة وعيش لحظات لن تعيشها في أي تجربة أخرى، هنا هي تضحي بحياة بأكملها، ولكنها تضحية مرغوبة بالنسبة لها، لماذا؟ لأن مفهوم التضحية مبني على أفكار ومبادئ الشخص نفسه، وكإجابة عن سؤال المساهمة، التضحية الصائبة هي التي يأخذها الشخص بإرادته وقراره الشخصي، وليست مفروضه عليه ومُلزم بها، لأنها ستتحول إلى كبت وضغط وغضب دفين.

هل أنت ضحية الآخرين، أم ضحية تفكيرك غير الناضج؟

هل تجد التضحية عدم نضج بالتفكير؟

التضحية أو المساعدة ما الفرق، بالنهاية أنت تقدم شيء تملكه أي أن كان وقت أو مال أو حتى مشاعر من أجل منفعة الطرف الآخر ومصلحته، قد أضحي ببعض من وقتي لمساعدة صديقي في حل مشكلة تواجهه، قد أضحي بجزء من مالي لمساعدة أخي، قد أتخلى عن بعض رغباتي إرضاء لشريك حياتي.

 فإنه كلما كنت فاقدا للشيء أكثر، احتجت أن تعطيه بشكل أكبر. أن تكون لطيفا مع غيرك هو أفضل ترياق لشعورك بالشّفقة على نفسك.

على العكس تماما، من لا يملك الشيء لن يضحي، مفهوم التضحية بخلاف العطاء، فالتضحية تحمل ورائها خسارة نوعا ما، فالتضحية تحتاج لمستوى أعلى من التنازل والخسارة مقارنة بالعطاء، التضحية تحتاج لنضج كبير فكريا وحتى بالحياة

هذا كلام عام، لكن سؤالي موجه لك أنت كعمر، متى تضحي؟

إذن أنت تضحي طالما لا تقع مصلحتك في كفي المقارنة؟ إذن بعدت نوعا ما عن مفهوم التضحية، يعني التضحية بها نوع من الخسارة مقابل شيء ما، يعني أخسر جزء من وقتي من أجل أن أقضي مصلحة لصديق، اتغيب عن عملي اليوم لأسافر مع صديقي لإجراء عملية. وهذا الذي يجعل التضحية مختلفة عن المساعدة كفعل