"إذا استشارك عدوك فقدم له النصيحة، لأنه بالإستشارة قد خرج من معاداتك إلى موالاتك"..
هذا ما رآه المفكر قاسم أمين... لكن برأيكم هل يصح ذلك السلوك مع جميع الأعداء والمنافسين؟ خاصة مع وجود فئة منهم لا تقدر ذلك!
لا أعرف إن كانت القصة التي سأنقلها الآن حقيقية أم لا ولكني قرأتها في كتاب لنيل كارنيجي إذ قال أن إبراهام لينكولن قال أنه في إحدى خطبه أنه سيحول أعداءه لأصدقاء فردت عليه امرأة عجوز وقالت كيف تجعل عدونا صديقنا فقال انه بهذا قد انهى العداوة وانتصر على عدوه.
وجهة نظر قاسم أمين تتفق بشكل أو بآهر مع ابراهام لينكولن وتعكس فكرة الاستفادة من استشارة الأعداء وتحويلهم من معاداة إلى موالاة.
ولكن...
قد يكون الأمر معقدًا ومحسومًا بسبب العديد من العوامل المتداخلة، فعند التعامل مع الأعداء والمنافسين، فقد يكون هناك أعداء يعملون بنية سلبية ويسعون للإضرار بكِ، وفي هذه الحالة، فمن الأفضل أن تتخذي الحيطة والحذر وعدم مشاركة المعلومات الحساسة أو النصائح التي يمكن استغلالها ضدك.
مع ذلك، قد يكون هناك أعداء أو منافسين يظهرون بعض الاهتمام بالتعاون أو الاستفادة المتبادلة. في حالة وجود فرصة للتعاون أو الاستفادة المشتركة، يمكن أن يكون من المناسب أن تقدمي لهؤلاء الأعداء النصائح أو الاستشارة في إطار محدد ومحسوب.
على أي حال، ينبغي دائمًا أن تتم مراعاة الوضع الفردي والتقييم الحذر للأفراد المعنيين. قد يكون هناك أشخاص لا يقدرون أو يستغلون النصائح التي تقدمها، وفي هذه الحالة، فمن المستحسن توخي الحذر وعدم تقديم المساعدة أو النصائح التي قد تكون ضد مصلحتك.
فمن الأفضل أن تتخذي الحيطة والحذر وعدم مشاركة المعلومات الحساسة أو النصائح التي يمكن استغلالها ضدك.
أي أن للنصح حدود برأيك؟..
لكن كيف يستطيع المرء تحديد ما يبوح به من نصائح، وما يستأثر به لنفسه، خاصة مع نقص الأدوات الفعلية لمعرفة ذلك!
قد يكون هناك أشخاص لا يقدرون أو يستغلون النصائح التي تقدمها،
هم موجودون بالفعل عمرو، وربمل أكثر مما نتخيل، ولذلك أرى أن مقولة، اتق شر من أحسنت إليه، لم تأت من فراغ، بل عن تجربة ومواقف مماثلة لذلك الوضع.
من وجهة نظري أفضل ما يمكن المرء فعله أن يقرأ في كتب الفقه الإسلامي لأنها تعلمه الأحكام العملية لكيفية التصرف مع الأعداء، وأيضا القراءة في علم النفس وعلم القلوب في الاسلام إذ العلمين ينبئانه ببواطن النفس البشرية مما يمكنه من التغلب على جميع العوائق في معرفته لطبيعة وحقيقة أعدائه.
سأعطيه نصيحة صادقة، أعتقد أنه من المهم أن نكون صادقين حتى مع الأشخاص الذين لا نحبهم، فالصدق فضيلة ومن المهم التمسك بها حتى في مواجهة الشدائد ولكن متى يكون ذلك فعلاً صحيحاً؟ عندما نواجه أحد بنيّة فعل الخير لا الشر أصلاً، فنبقي أنفسنا على المبادئ التي تحرّكنا، أما لو العكس فلا معنى لقيامنا بهذا الأمر.
يمكننا أن نستخدم هذا الأمر أيضاً في أن نشكّل قدوة حسنة للآخرين، هذه فرصتنا الوحيدة فعلاً، إذا كنا صادقين مع أعدائنا ، فقد يكون هذا مثالاً جيداً أكثر من كافي للآخرين، يمكن أن يُظهر للناس أنه من الممكن أن نكون صادقين حتى في مواجهة الشدائد، هذه الأمثلة العملية هي كل ما يحتاج الناس تقريباً ليتمثّلوا هذا الأمر ويقلّدوه، لذلك برأيي حين تلتقط هكذا فرصة والأعين موجّهة نحوك، يجب أن نفعل ما هو صائب فعلاً، لإنّ هذا سيأتي بخير مجموعي ولو ربما عاد بضرر فردي جرّاء استخدام النصيحة ضدّي.
يمكننا أن نستخدم هذا الأمر أيضاً في أن نشكّل قدوة حسنة للآخرين،..
أشرت لنقطة هامة ضياء، حيث تعد معاملة الأعداء بالحسنى ونصحهم، أحد الطرق التي اتبعها المسلمون الأوائل بالفعل، لترغيب المشركين في الإسلام وأخلاقياته السامية، عبر تعاملاتهم معهم.
.. لإنّ هذا سيأتي بخير مجموعي ولو ربما عاد بضرر فردي جرّاء استخدام النصيحة ضدّي.
هل الأمر بهذه الأهمية حقا!
هل يصل لدرجة أن تخاطر بمصلحتك الخاصة، حتى تقدم مثالا جيدا يقتدي به الآخرون!
برأيكم هل يصح ذلك السلوك مع جميع الأعداء والمنافسين؟
يوجد منافس لكنه متخلق، يحمل بجعبته من الأخلاق ما لا يمكنه ضربك في الظهر بعد انتهاء المصلحة، لكن العدو وخاصة الذي ليس عنده قيم ولا مبادئ، المنافس غير العدو، المنافس يمكن التعاقد معه وبناء شراكة ناجحة، لكن العدو لا تأمن له ذلك ابدا حتى لو قررتما هدنة لا تعرف متى يخل بالعقد ويهجم عليك.
لكن العدو لا تأمن له ذلك ابدا حتى لو قررتما هدنة لا تعرف متى يخل بالعقد ويهجم عليك.
طبعا مريم، الوضع يختلف كثيرا إذا ما افتقر العدو لأخلاقيات التنافس الشريف..
فالنصح يجب أن يعطى لمن يحسن تقبله وتطبيقه، لكن للأسف لا يمكننا معرفة ذلك دون تجربته بشكل عملي.. وهنا يحضرني تساؤل آخر، كيف نوفق ما بين قيمنا ومصلحتنا؟!
دائما ما كنت أرى أن أخلاق المرء تظهر من خلال تعامله مع عدوه لا مع صديقه. لذلك فإنني من الأشخاص الذين يهبون لمساعدة الآخرين مهما كانت الظروف بيني وبينهم إذ أن هذا الأمر يتعلق بمبدأ لا بتفاصيل غير مهمة (مثل فكرة العداوة) . ثانيا فإن فكرة الحصول على تقدير عند تقديم النصيحة الصح لا تهمني بالقدر الذي يهمني فيه أن عملت الصح وما يمليه عليي ضميري وأخلاقي. ومن هنا فأنا أقيس الأمر من الزاوية الأخلاقية وهو ما يحتم علينا أن نؤازر عدونا حتى في بعض المواقف. فعند النظر للأمر من الزاوية الأخرى نحن أعداء لأحدهم وبالطبع لدى وقوعنا في مشكلة عويصة فإن نصيحة من أحد هؤلاء قد تنقذنا وهو ما لا يجب منعه بسبب عداوات لا تقدم ولا تؤخر.
.. الذي يهمني فيه أن عملت الصح وما يمليه عليي ضميري وأخلاقي.
نعم فاطمة، الوازع الأخلاقي له دور هام في تحديد ذلك القرار...
لكن ببعض القرارات الحاسمة، التي قد تجلب لنا المخاط، ألا يجب إعمال العقل والحيطة أكثر من الأخلاق عند إتخاذها؟!
خاصة إن كنا لا نثق بأن معاملة أعدائنا لنا، ستكون بنفس القدر من النزاهة والخلق الحسن!
هناك أشخاص كثيرون في هذه الحياة يطلبون النصيحة ولا يستحقونها في الوقت نفسه (عرفت الكثير منهم)، سواء كانوا أعداء أو لم يكون أعداء. بكل تلك الحالات لست مع تقديم النصيحة لمن يطلبها منا لكنه لا يستحقها، أو لا نأمن جانبه.
... هناك أشخاص كثيرون في هذه الحياة يطلبون النصيحة ولا يستحقونها..
أتفق معك نبراس بوجود تلك الفئة وبشكل ملحوظ، لكن هل يصح أن نمنع الشيء عمن لا يحسن إستخدامه من وجهة نظرنا؟..
فمن يسيء إستخدام علمه مثلا، أمن الأفضل أن نحجب عنه إمكانيات التعلم؟
سؤال جميل يا أماني. لست مع حجب المعلومات عن أحد إطلاقاً، وإنما أتحدث على صعيد شخصي. حيث لا أفضل مساعدة شخص يأتيني طالباً النصح والإرشاد، بينما أستشعر أنه استغلالي أو لا يستحق النصيحة من طريقة تواصله وإبدائه لمؤشرات أخرى سلبية (مثال افتراضي: زميل يحاول معرفة منهجية نجاح زميل له كاملة، لكنه غير مستعد أن يعطي أي معلومات مفيدة وباستفاضة من واقع تجربته!). أما بعيداً عن الصعيد الشخصي، أكتب وأشارك المعلومة مع كل الناس دون استثناء.
التعليقات