في صورة تستعرض لنا كل شيء وتُسمعنا كل شيء وأمور بسيطة الكل يعرفها، لماذا قد نحتاج إلى معلّق رياضي يصف لنا ما نرى ويقول ما نعرف؟
لماذا نحتاج إلى معلق رياضي يصف لنا ما نرى ويقول ما نعرف؟
أتخيل مبارة كرة قدم دون معلق رياضي، أجدها مملة جدا، وقد لا نحافظ على نفس التركيز طوال المباراة، وجود المعلق بجانب أنه يرى الأحداث عن قرب، لذا ينقل لنا الأحداث بدقة وبطريقة مميزة، بجانب أنه يجذب انتباهنا طوال المباراة.
بجانب أنهم يقدمون تحليلات ربما لا يعرفها كل من يشاهد كرة القدم، فمشاهدي اللعبة كلهم ليسوا بنفس الثقافة الكروية بالتأكيد.
قد يجوز أن أعتقد بذلك في حالة كرة القدم، لإنّها تحتاج فعلاً إلى وقت كبير نسبياً عن باقي الرياضات، لكن ماذا عن الـ UFC مثلاً التي تشبه المصارعة، لكن FREE STYLE تقريباً، هذه مبارياتها بالمجمل لا يمكن أن تتجاوز الـ 20 دقيقة ومع ذلك هناك معلق دائماً وربما بحماس يتفوق على نظيره في كرة القدم وفي رياضة لا ملل فيها تقريباً، حيث كلّها ضرب وصراعات ومشاهد ممتعة بذاتها.
أعتقد أن التعليق على اللعبة يمنحها حماسًا ومتعةً إضافية وهذا بديهي جدًا، وقد يكون مفيدًا في الحالات الآتية:
- قد تمنح مزيدًا من الأنس لشخص يشاهد المباراة وحده، فيكون التعليق بمثابة شخص آخر يشاهد معه المباراة
- تخيل أن الشخص مشغول بعمل ما أثناء مشاهدته للمباراة، فيمنحه التعليق فرصة متابعة الأحداث والتركيز عند وقوع حدث مهم وهكذا
- قد تمثل شرحًا بالصوت والصورة لشخص جديد في متابعة اللعبة
هذه التحليلات المذكورة بالأعلى ربما تكون أسبابًا سطحية، ولكني متأكدة بأن هناك بُعد نفسي أعمق من هذا.
ما تقولينه صحيح تماما يا رغدة، واسمحيلي ان اضيف لكلامك بعض المعلومات، حسب دراستي وتجربتي الصغيرة جدا في عالم التعليق الصوتي، يعتمد التعليق الصوتي عموما والرياضي على وجه التحديد من اجل مرافقة المستمع او المشاهد نحو فهم او استشعار رسالة ما، في حالة التعليق الرياضي، يتم مرافقة المتابع وتهيئته لاستقبال واطلاق مشاعر معينة عن طريق الصوت، بحيث يكون الصوت الموجه للانتباه والمشاعر يتوائم مع الطبيعة النفسية والثقافية للمتابع، لذلك يشترط مجموعة من العوامل لنجاح التعليق من بينها، مدى التزامه بأسلوب التعليق الرياضي، اي الاداء السريع والحماسي بنبرة صوت عالية ونفس طويل، وايضا التعليق بلغة او لهجة الجمهور الاساسي، القدرة على الانتقال السريع بين الاحداث، القدرة على التقاط التفاصيل، القدرة على تأدية ردود فعل انية تجاوبية مع المستجدات....الخ
سنحتاج الى المعلق، ليس فقط للشعور بالصحبة والمساعدة على اسيتعاب المتغيرات السريعة وادراك التفاصيل الصغيرة في اللعبة، بل ايضا الى تحريك الدوبامين وزيادة تدفقه، لو تلاحظين انه كلما كان صوت المعلق قوي واندفاعي وحماسي اكثر كلما زادت فترة مشاهدتنا للمباريات وكلما زادت حماستنا لها والعكس.
بالفعل نحن نعى كل ما فى المباريات حتى أسماء اللاعبين نعرفها ، وقوانين اللعبة كلها ، ولكن دور المعلق الرياضى مهم جداً فهو دور تحفيزى قوى لنا حيث يتبع المحلل منهجية معينة فى نبرات الصوت لكى يحفز فينا هرمون الأدرينالين حين الإقتراب من المرمى .
أعتقد بالفعل أنى لن أتأثر باقتراب لاعب من المرمى إلا من خلال صوت المعلق الذى يرفع نبراته ومع إرتفاعها يرتفع التحفيز لدى وضغط الدماء حتى يحرز الهدف أو تضيع الفرصة مع الأمل والتشويق لهدف قادم وهكذا .
ولكن بهذا القول وكأننا نقول بأنّ المعلق الرياضي هو الحجر الأساس في أي لعبة رياضية، إذ عليه ومنه تُبنى المُتعة والدراما وكل صراع نحتاج ونتمتّع بمتابعته وأنّ كل اللاعبين وما يقومون به من جهود كبيرة جداً لا تُشكّل إلا 40% ربما من الأدوات التي تستطيع إكمال المشهد النهائي الذي يُشعل قلب أي مشجع.
المعلق المحترف لا يقتصر مهمته في وصف المشهد الذي نراه أصلا، ولكن أعجب كثيرا بالمعلقين الذي يربطون الوجه الشاحب للاعب بحالته النفسية أو ظروفه التي يمر بها، وينتقل بنا لما هو موجود في الصورة الى العالم الخارجي بسرد سيرة الذاتية للاعبين، القوانين الجديدة للفيفا والمباريات السابقة مع نفس الفريقين، تشعر بعد انتهاء المبارات كأنك شاهدت أخبارا و تحليلا ومبارة في الأن نفسه، والحمد لله لدينا في الوطن العربي من يفعل ذلك مثل : حفيظ دراجي- الشوالي وغيرهم.
أشاهد العديد من المباريات دون وجود تعليق، اعتدت الأمر برغم كونه عجيبًا في البداية. وجود معلق على المباريات أمر مهم ومشاهدة المبارة أيضًا مهمة، ولكن ماذا لو لم تتوفر الإمكانية لذلك؟ كنا في السكن الجامعي نستمع إلى المباريات الهامة عبر الراديو ونستمتع بذلك لعدم وجود بديل، وهنا كان دور المعلق هو الأساس. أما اليوم فأشاهد المباراة دون صوت في أوقات فراغي في عملي، ولم أجد مشكلة في ذلك.
وربما ارتبطت كرة القدم تحديدًا بوجود المعلق لدرجة أنه أصبح مثل التراث القومي الذي لا يمكن للأغلبية الابتعاد عنه.
لا أعتقد أنني أستطيع ذلك، لا أستطيع متابعة مبارة بدون معلّقها، قد يكون السبب إلى اعتيادي على هذا التلازم، حيث وجود مباراة بلا أيّة تعليق أمر لم أعتاده، وبالمناسبة: مرّة قال لي مشجّع يحضر المباريات من أرض الملعب،هل تعرف لماذا لا نحتاج إلى معلق في المشاهدات في أرض الملعب؟ وأجاب: لإنّ الدراما التي نكوّنها بالتشجيع والصراخ لاجل نادينا، أعلى من تلك التي نحصّلها أو قد نحصّلها عبر معلق رياضي ولو كانت أقل لكانت حرصت كل الملاعب على وضع مضخّمات سوق وتغطية التعليق في الملاعب.
ولو توفرت أصوات المشجعين في بث ما، هل يغنينا هذا عن المعلق؟ أجد الأمر لا يتعلق بالتشجيع والصراخ دائمًا، فهناك من يبث المباراة من داخل الملعب بصوت الجماهير في بعض المباريات المصرية، ومع ذلك تجد المشاهدة لا تتعد بضع آلاف، فيما تتخطى هذا الرقم بكثير على أي موقع يبث المباراة بصوت المعلق. الحقيقة أن المعلق صار جزءًا أساسيًا من حياة المشجع، حتى وإن وجد التشجيع والتهليل من داخل الملعب، سيميل إلى الاستماع للمعلق.
برأيي المعلق الرياضي يُضيف الحماسة إلى اللعبة، كما انه ليس كل من حضر يفهم من يحدث خصوصًا في هذا المونديال.
جربت ان أشاهد بدون معلق صوتي شعرت بالملل الكبير صراحة. لا يقول المعلق الرياضي فقط ما يحدث، بل يقوم بشرحه وتحليله، وهذا يعتمد على المعلق نفسه، بعض المعلقين مملين اكثر من اللعبة نفسها بدون تعليق.
برأيي مشاهدة مباراة بدون معلق رياضي يشبه مشاهدتها في الملعب بدون جمهور قوي او تشجيع عالي، مجموعة لاعبين يركضون وراء كرة.
مجموعة لاعبين يركضون وراء كرة
لا أفهم رغبة بعضنا مثلاً وخاصة مثل حضرتك على متابعة أمر أنت ترفضين جوهره فعلاً أو لا تستلطفينه على الأقل، إذ أهم عنصر لمتابعتي لأيّ رياضة أن أحب قواعدها وأفهمها وأعشق تفاصيلها وهذا غير متحقق في كثير من اللذين يتابعون كرة القدم، رغم أنها الرياضة الأكثر شعبية في العالم!
لم أقل أنني لا أستطلفه وأرفضه، لا أتابع بشكل دوري ولا جميع المباريات المهم منهم فقط، بالنسبة للمونديال الجاري أعتقد أن الأغلب يتابعها وخصوصًا عرب لأنه يُقام فيدولة عربية والحديث عنه في كل مكان فهذا يثيرالفضول لدى الكثير، ألاحظ وقت المباريات على منصة تويتر أغلب المستخدمين يتابعونها لمجرد الفضول ولأن الأغلب يتابع!
بدون أن يفهمها الشخص تكون مملة وهذه وظيفة المعلق الرياضي.
التعليقات