متى تعرف أن الكاتب الذي تقرأ له موهوب؟
بصيغة أخرى:
كيف تقيم الكاتب وتصنفه؟
وهل من الممكن أن يتفوق كاتب مجتهد على كاتب موهوب؟
بكل بساطة إذا استطاع أن يسحبنى بسهولة من أرضى إلى أرض فيجعلنى أتخيل الصورة كاملة فى عينى وأعيش الظروف التى يعيش وأفكر بفكره وأرى بعينيه وأحكم بعقلى أنا عندها أستطيع أن أصنف أن هذا الكاتب كاتب موهوب .
والكاتب المجتهد لكى يتفوق على الموهوب يحتاج عامل الخبرة وذلك يحتاج وقت كثير لكى يتفوق على الموهوب وأنى له أن يكسب القلوب .
لكن الموهوب بأقل جهد إذا كتب يصل مدى كتابته إلى حجيرات القلوب هذا هو الموهوب بكل بساطة .
والكاتب المجتهد لكى يتفوق على الموهوب يحتاج عامل الخبرة وذلك يحتاج وقت كثير لكى يتفوق على الموهوب وأنى له أن يكسب القلوب . لكن الموهوب بأقل جهد إذا كتب يصل مدى كتابته إلى حجيرات القلوب هذا هو الموهوب بكل بساطة .
أختلف معك في هذا الصدد يا أحمد، لأنني لا أرى أن الموهبة تساوي شيئًا بدون الخبرة، وبمعنى أدق، يمكن لأي شخص أن يصبح ما يرغبه إذا ما ساعد نفسه على امتلاك المقوّمات وتمرّن عليها بالقدر الكافي. والموهبة لا تمنح الطريق السهل كما نظن، ولا تساعد أصحابها على تصدير ما يرغبون في تصديره بأقل مجهود، فالاحترافية أمر واجب، والنكهة المهنية هي الضرورة القصوى التي يجب على الجميع أن يتحلّوا بها، حتى في المهن الإبداعية، فالإبداع هو جندي للعمل الجاد، وأفكار مثل الموهبة والسهولة وخلافه لا أستطيع أن أتوافق معها أمام الخبرة والاجتهاد.
يغريني وصف الكاتب والروائي خيري شلبي لهذه الموضوعة اتي لخّصها بجملة كمقياس حقيقي لكيف يمكن أن نميّز الكاتب الموهوب فعلاً، حيث كتبَ مرةً يقول: "الكاتب الموهوب هو من ينسيك أنك تقرأ، إذ هو يضعك مباشرة في قلب الفعل الحيوي دون مقدمات، يحيلك إلي طرف أصيل في الفعل الفني الذي يبدأ تحلقه بمجرد وقوع بصرك على السطر الأول".
أستاذ الدراما السوريّة حسن سامي يوسف أيضاً يقول بأنّ الكاتب الجيّد يُعرب عن نفسه من الجملة الأولى.
أعتقد أنّ القارئ يُمكن لهُ أن يميز هذا عن ذاك بكثرة القراءة والتلقّي، فالغربلة تأتي بعد الكميّة وزيادة الوعي، أحب أن أقول شيئاً أخر وهو أنّهُ: قد يوجد دائماً كاتباً موهوباً وكاتباً أفضل منه بمرّات (أي أنّ المسألة قد لا تنحصر بين كاتب موهوب وأخر لا)
فأنا مثلاً قد بدأت حياتي وأوّل رواية لي مع تجربة القراءة كانت لرواية "دموع على سفوح المجد" الرواية كانت بالنسبة لي في ذلك العمر، دُرّة من درر الزمان، اليوم لا أستطيع تقليبها حتى، إذاً المعايير والتقييمات تتوقّف أيضاً على أهميّة القارئ أصلاً وخبرته في الحياة لا على موهبة الكاتب فقط.
وهل من الممكن أن يتفوق كاتب مجتهد على كاتب موهوب؟
الكتابة بشكل عام هي مهنة مُجهدة، أعتقد أنّ أي كاتب هو مجتهد أصلاً، لا يمكننا أن ندّعي أن شخصاً كتب 200 صفحة في مجال معيّن (دون عائد مادي غالباً) بغير مجتهد، لكنّ للجهد طبقات وللمسؤولية مستويات، فرانز كافكا استطاع أن يتفوّق على نظرائه من الكُتّاب بعدد أعمال بسيط، غيره لم يستطع ذلك بمجلّدات، كلّهم مجتهدين، ليبقى عامل البقاء هو الفيصل وهذا ما يحدده برأيي الكاتب والقارئ وربما العصر الذي طرح فيه العمل أيضاً في كثير من الأحيان.
فأنا مثلاً قد بدأت حياتي وأوّل رواية لي مع تجربة القراءة كانت لرواية "دموع على سفوح المجد" الرواية كانت بالنسبة لي في ذلك العمر، دُرّة من درر الزمان، اليوم لا أستطيع تقليبها حتى، إذاً المعايير والتقييمات تتوقّف أيضاً على أهميّة القارئ أصلاً وخبرته في الحياة لا على موهبة الكاتب فقط.
هذا حدث معي في رواية في قلبي أنثى عبرية للكاتبة خولة حمدي، مع الوقت أعدت قراءتها ولم أكملها رغم أنني كنت معجب بها لأبعد حد حين قرأتها منذ عامين لأول مرة.
على عكس ذلك هناك كتاب لم أكن أحب القراءة لهم ومع الوقت أصبحوا المفضلين بالنسبة لي.
فعملية التقييم فعلاً لا تتوقف على الكاتب وحده، بل على مدى نضجنا في القراءة كذلك، لذا نرى أحياناً قراء مبتدئين يمتدحون بحرارة روايات دون المستوى.
لذا نرى أحياناً قراء مبتدئين يمتدحون بحرارة روايات دون المستوى.
حتى في حالة مثلاً رواية "في قلبي أنثى عبرية" لا أعتقد أننا بعد أن توصلنا إلى نتائج في هذا الموضوع أن ندعوها رواية دون المستوى، لإنها استطاعت تحفيزك في مرحلة عمرية ما من حياتك، لكننا قد نُحدد المصطلح أكثر وندعوها بما يليق فعلاً: رواية دون مستوايي الشخصي الحالي.
كيف تقيم الكاتب وتصنفه؟
هل من الممكن أن يتفوق كاتب مجتهد على كاتب موهوب؟
برأيي . الموهبة تساوي العمل الجاد، ربما الكثير منا يعتقد بأن لكي تكتب يجب أن تقرأ وتمارس الكتابة بشكل يومي ، لكن ماذا عن توظيف مهارات الكتابة الخيالية؟ ماذا عن الالهام؟
اعود لسؤالك نعم يمكن للكاتب المجتهد أن يتفوق اذا اعتبر الكتابة فن وحرفة
عندما يتناول أفكار في كتاباته من منظور مختلف عما نراه نحن الجمهور
أحياناً نرى كتاباً يتعمدون الكتابة حول موضوعات حساسة بطرق فجة وفي نظره أنه بتلك الطريقة يناقش القضايا من منظور مختلف، وبالنسبة لي فأنا لا أفضل تلك الطريقة كونها أحط الطرق التي من الممكن أن يكتب بها كاتب.
ما رأيك أنت .. هل تتفق مع من يفعل ذلك؟
هذا يختلف حسب المجال الذي أقرأ فيه؛ فتقييمي لكتابة أدبية لن يكون نفسه لكتابة علمية.
أما الكتابة الأدبية فيجذبني كثيرًا الكاتب الذي يستخدم المجاز والتعبيرات الخيالية، أشعر وكأنه يدفعني لإعمال عقلي للتفكير فيما وراء المعنى.
وهل من الممكن أن يتفوق كاتب مجتهد على كاتب موهوب؟
شأنها شأن كل المجالات الأخرى، لا تكفي الموهبة، وإنما على الكاتب أن يطوّر مهاراته ولا يعتمد اعتمادًا كليًا على موهبته.
أما الكتابة الأدبية فيجذبني كثيرًا الكاتب الذي يستخدم المجاز والتعبيرات الخيالية، أشعر وكأنه يدفعني لإعمال عقلي للتفكير فيما وراء المعنى
أنا كذلك يجذبني استعمال الكاتب للغة بتلك الطريقة حتى أنني أكتب بها واستمتع بذلك، بالإضافة للغة القوية والصدق، فأحب الرواية أو الكتاب إذا شعرت أن الكاتب يتحدث بصدق فعلاً، وأفضل من أرى كتاباته صادقة هو الدكتور مصطفى محمود عليه رحمة الله.
وهل من الممكن أن يتفوق كاتب مجتهد على كاتب موهوب؟
برأيي الكاتب المجتهد قد يعمل على نفسه كثيرًا وإن كانت لديه موهبة ضعيفة بالجهد المبذذول على كتابته وتحسينها قد تتطور الموهبة لمستوى عالٍ. أما الكاتب الذي يمتلك الموهبة ولا يمتلك المهارات الكافية قد تكون لا تكفي، ففي الكتابة يحتاج إلى اكثر من موهبة، مهارة لغوية، وإملائية أيضًا.
بالنسبة لتقييمي للكاتب، أرى الكُتاب يهتمون في البداية والخاتمة لأي كتاب على أساس أنهم من يجذبوا القارئ وفي المنتصف تكون فيها مماطلة كبيرة وملل للأحداث وصفحات لا تُعد بدون فائدة مما يجعل القارئ لا يرغب في اكمال الكتاب، أو حتى يأخذ وقت طويل في قراءته. فيكون التصنيف على حسب من يهتم بجودة الكتاب والنص من البداية إلى النهاية.
برأيي الكاتب المجتهد قد يعمل على نفسه كثيرًا وإن كانت لديه موهبة ضعيفة بالجهد المبذذول على كتابته وتحسينها قد تتطور الموهبة لمستوى عالٍ. أما الكاتب الذي يمتلك الموهبة ولا يمتلك المهارات الكافية قد تكون لا تكفي، ففي الكتابة يحتاج إلى اكثر من موهبة، مهارة لغوية، وإملائية أيضًا.
في لقاء صحفي للروائي يحيى حقي، يقول : (أن الكتاب ينقسمون لصنفين، صنف أتاه الله موهبة فهو يكتب ويبدع دون أن يشعر بعناء، وصنف مجتهد وليس موهوب وهذا يحاول دائماً ويتعب ويقضي أوقات طويلة في الكتابة حتى ينتج شيئاً.)
وفي نظري أن صاحب الموهبة لديه ميزة من الصعب أن يصل إليها شخص مجتهد، بالرغم من أنه لو أمامنا روايتين لشخصين واحد منهم مجتهد والآخر موهوب، فقد لا نستطيع التفرقة، ولكن الكيفية التي يكتب بها كلا منهم مختلفة.
لا تعتمد الكتابة على الموهبة فقط برأيي، فهي تحتاج مهارات لغوية وإملائية وأسلوب سرد الأحداث والاهتمام في توصيل الفكرة بشكل جيد.
الكيفية التي يكتب بها كلا منهم مختلفة.
ليس فقط لاختلاف الموهبة أو طريقة التعلم، لكل منا بصمته الخاصة في كل أمر يفعله تختلف من شخص لآخر حتى لو الأسلوب نفسه، وهذا ينطبق على جميع المجالات.
شاهدت مؤخرًا فيلم The best offer عن رجل للمزادات العلنية يعتبر الأشهر في مجاله، كان يجمع اللوحات الأصلية منذ بداية عمله في المجال لأكثر من 20 سنة، ويستطيع التفريق بين اللوحة الأصلية والمزيفة بسهولة من نظرة، سأله شخص كيف تستطيع ذلك، فرد أن حتى من يزيف لوحة بكل تفاصيلها وكل شيء كان مماثل، لا بد أنها يضع بصمته الخاصة. فالأمر نفسه في الكتابة.
التعليقات