مؤخرًا توفي بعض المشاهير، تأثرت بنبأ وفاة بعضهم، وأصبت بالصدمة الشديدة مع أنني لا أسمع عنهم سوى في التلفاز ووسائل التواصل، لكن ما السبب الذي يجعلني أتأثر بشخصية مشهورة لا تربطني علاقة بها؟
لماذا نتأثر عند وفاة شخصية مشهورة؟
هذا شيء طبيعي، قد يلعب الاتصال العاطفي دورًا مهمًا في هذا الصدد. فمثلا نقرأ ونشاهد صورة مشهور نشعر بأن هنال اتصال عاطفي بننا وبينه. وربما لان هذا يذكرنا بالموت. زربما بسبب النوستالجيا
موقع Psychology Today يرى بأننا نرتبط بالمشهور لأننا نميل إلى أن هذه الشخصية مرتبطة بتجاربنا الخاصة. أيضا نعتبرها جزءً من ذاتنا. فمثلا تجدنا نحزن على شيخ كوننا سنخسر نصائحه الدينية. أو مثلا البعض يحزن على الاميرة ديانا كونها شخصية انسانية، كما أن خدماتها الخيري
مثلته لنا موسيقاهم أو شخصياتهم الدرامية أو مداخلاتهم الدينية أو أبحاثهم العلمية وربما مسيرتهم السياسية، وأثرها على حياتنا.
على الرغم من أن المشاهير هم أشخاص عاديين في النهاية، وأن التعامل معهم هو أمر ليس له أدنى علاقة بما يقدّمونه من أنشطة أو فنون أو سلوكيات أو أدوار.. إلخ، فإن التعامل معهم كثروة اجتماعية أو ملكية اجتماعية هو أمر شائع جدًّا للأسف. على سبيل المثال، لو رأينا مغنيًا اليوم يرفض أن تلتقط له صورة مع أحد المعجبين، فإن معظمنا يتهمه بالغرور والانعزال عن الجمهور وانعدام الخلق الفني. على الرغم من أن هذا هو حقه الشرعي، أن يرفض في وقتٍ ما أن يكون ملكية خاصة لأفراد المجتمع. لهذا السبب فإن المعظم يتفاعل مع مختلف تفاصيل حيوات هذه الفئة من البشر، لمجرّد أنه يشعر أن له جزءًا يمتلكه في كيان هذا الشخص.
أصبحت عواطفنا الآن متصلة بكل من نشاهده من خلال التلفاز أو مواقع التواصل الاجتماعي، نحن نعيش معهم في حياتهم اليومية وفي مختلف روتينياتهم، آلامهم آلامنا وما يفرحهم يفرحنا، واعتقد أن هذا الارتباط العاطفي هو سبب التفاعل والحزن.
من جهة أخرى ربما أنت إنسانة حساسة في الأصل، أنا إنسانة عاطفية وفي الغالب أبكي وأتأثر مع التمثيليات وأنا أعلم أنها ليست حقيقية.
كذلك فرضية أخرى ربما سماع الخبر تسبب لعقلك في جلب ذكريات من عقل اللاواعي مثل وفاة صديق أو أحد من العائلة ربما كان في نفس العمر أو توفي بنفس الطريقة وعندما قام عقلك بطريقة الربط شعرتي بالحزن.
الشخص المشهور الذي تحزن عليه هو شخص لك معه ذكريات من نوع ما، فإن كان لاعب كرة فمن المؤكد أننا سنتذكر اللحظات التي أسعدنا فيها وساهم في فوز فريقنا المفضل، وإن كان رئيس جمهورية سنتذكر المواقف التي ناضل فيها من أجل قضاياه بكل صدق وتفاني، فلا بد حين وفاة هذا الشخص ستشعر بنوع من الفراق، فأنت مرتبط بوجوده عاطفياً لذا لا أجد الأمر غريباً.
أخبرني أحد المتمرسين في الفن أن هناك أشخاصاً انتحروا حزناً على موت عبد الحليم حافظ، بعيداً عن مدى صدق ذلك ولكن رغم غرابة الأمر إلا أنه مبرر، فالارتباط العاطفي من الوارد جداً أن يفعل ذلك وأكثر.
أشعر وكأن هناك سببًا عميقًا حول ذلك وأعتقده فلسفيًا بعض الشيء، وكأننا حينما نرى الشخصية المشهورة تعيش الحياة، تتحدث، تمثل، تدافع ونحن نتابع بأعيننا تفاصيل حياتها، يخيل لنا لو أن هذه الشخصية باقية للأبد ولن تموت.
لكن الصدمة أنها تموت، وكأننا لم نتوقع أن يحدث هذا يوما.
يخيل لنا لو أن هذه الشخصية باقية للأبد ولن تموت.
لا أعتقد ذلك راغدة، فكيف سندرك أن الشخص الفلاني لن يموت في ظل أن موت البشر من البديهيات، لذا أرجح أن التأثر يكون بسبب التعلق العاطفي، فأحياناً يكون للممثل أو المغني المتوفي دور ما في طفولتنا مثلاً وذكريات عالقة تكون السبب في حزننا لموته وتأثرنا بفراقه.
وأصبت بالصدمة الشديدة
قد لا يكون هذا أمرا عاديا للأمانة، قد تكونين مصابة باضطراب الحساسية المفرطة.
الذي يطلق عليها اختصارا (hsp-highly sensitive person).
هناك اختبار بسيط للتّاكد من هذه النّقطة تجدينه على مواقع الإنترنت.
في الحقيقة مثل هذا الإضطراب ليس سيّئا لتلك الدّرجة لكن يجب عليك تعلّم كيفية التعامل مع نفسك.
أصحاب هذا الإضطراب هم أشخاص يؤذون أنفسهم أكثر من غيرهم، يرون العالم من زاوية مختلفة.
يشرّحون المواقف حتى تلك التي تبدو تافهة و بسيطة، يدققون في الروائح، و يملكون حسّا رفيعا تجاه الفنّ بأنواعه.
هناك الكثير من الدّراسات عن هذه الفئة يمكنك الإطلاع أكثر.
أنصحك بالإستعانة بكتابة يومياتك للتخلص من بعض آثارها عموما ستفيدك حتى لو لم تكوني مصابة هذا الاضطراب.
اطلعي على الأمر أكثر لتفهمي نفسك.
دمت بخير ^_^
لنبأ وفاة أي شخص سمعنا به وقع خاص يختلف عن أي نبأ آخر، وأظن أن كثيرون منا وبشكل لا واعي ينظرون إلى المشاهير على أنهم بشر مختلفون حتى وإن لم يدركوا ذلك، ولذلك عندما نسمع بوفاتهم، نشعر ولو للحظة بشيئ من الاستغراب، فقد اعتتدنا عليهم بأبهى صورة وحلة. ومن جهة أخرى، مع أن المشاهير ليسوا معارف حقيقيين لنا، إلا أننا نشعر وكاننا نعرفهم بسبب أعمالهم الفنية وتواجدهم معنا في بيوتنا من خلال التلفاز والحواسيب والهواتف، فهم متوفرون متى أردنا.
القهريّة، أعتقد أنّ الزاوية التي تجعلنا نبخع للموت في هذه الحالات، هي صفة القهرية، حيث أنّ الموت يأتي إلى فنان مثلاً لديه أسطول سيارات مثلاً، عديد المنازل، ملايين المُعجبين والمعجبات، أعماله تُتابع من الملايين، صفقات لا تنتهي، تاريخ فنّي يطول لهُ من العمل والهناءة، نوستالجيا تتكوّن بفعل الزمن معهُ وصورة قيّمة وصعبة يتحصّل لها في أذهاننا ثُم فجأة وبعد كل ذلك يأتي الموت مُتسللاً ليُميت هذا الفنان، يُنهيه، يقهره، يسحبه إلى خارج العالم وبلحظة، ومن بين كل ما سبق ذكره، ليعود كأنهُ لم يكن، هذه الفكرة تجعل الإنسان يخاف، ليس بالضرورة على نفسه، لكن ربما من الوجود الذي هو فيه الأن.
التعليقات