تخيل أنك على وشك إطلاق بودكاستك الخاص، ولديك فرصة لدعوة أي شخصية مشهورة للظهور كضيف. من هو هذا الشخص الذي تحلم بوجوده بجانبك؟
أنت في استوديو التسجيل، وكل شيء جاهز لإطلاق أولى حلقات بودكاستك. لكن هناك شيء واحد يميز هذه الحلقة عن أي حلقة أخرى: الضيف الذي ستستضيفه. شخص عميق في فكره، واسع في معرفته، وأثره لا يزال باقيا في أذهان الناس.
من يكون هذا الشخص الذي سيضفي على بودكاستك روحا خاصة؟
طالما حلم، كنت سأستضيف الراحل الدكتور مصطفى محمود، سنتناقش حول رحلته من الإلحاد للإيمان، عن الفلسفة، عن العلم وكيف تمكن من تكوين نظرته العميقة الثاقبة؟
الراحل الدكتور مصطفى محمود لم يكن مجرد مفكر، بل كان تجربة إنسانية تمشي على الحافة بين الشك واليقين، بين المعمل والمحراب، وبين الإنسان كجسد والإنسان كروح.
يبدو أن لديك العديد من التسائلات الوجودية , وتريد الاستماع الي تجربة من اقوي تجارب العلم لشخصية نادرا ما تتكرر
يستحسن ألا يحدث، دكتور مصطفى محمود -رحمه الله- لو أدرك زماننا هذا قد يموت من الصدمة مرة أخرى.
ولكني أسأل هل فعلًا سيقدر على استيعاب ما وصل إليه إنسان هذا العصر؟ لأنه كانت لديه فلسفات وآراء عن مستقبل الإنسان.. فكيف سيكون الأمر إذا رأي ذلك وأكثر حقيقة أمام عينيه؟
الكثير من الشباب اليوم يعانى من التشوش ، من ضغوط السوشيال ميديا و من غياب المعنى. وجود شخصية مثل د. مصطفى محمود يذكرنا أن العمق لا يتطلب تعقيدًا، وأن أجمل الإجابات تبدأ من أن تجرؤ على أن تسأل نفسك بصدق. وحتى لو لم نعد نملك فرصة استضافته، فإرثه ما زال حيًّا يمكن تحويل أفكاره، وكتبه ولقاءاته القديمة، إلى سلسلة بودكاست حديثة تعيد تقديمه بصوته أو عبر تحليل أفكاره للجيل الجديد.
الدكتور مصطفى محمود كان استثناءً… جمع بين العالم والفيلسوف، بين الروح والعقل، وترك إرثًا لا يزال حيًا يُلهم أجيالًا.
لكن السؤال الذي يلحّ علينا اليوم:
من يمكن أن يملأ هذا الفراغ الآن؟
من الشخصية التي تملك الجرأة على السؤال، والعمق في الطرح، والصدق مع الذات، كما فعل هو؟
ألسنا بحاجة إلى مصطفى محمود جديد، لا ليقلده، بل ليحاور هذا الزمن بلغته؟
أم أن العصر تغيّر لدرجة لم يعد يحتمل وجود مفكر من هذا الطراز؟
يمكن القول إن غيابه ترك فراغًا نوعيًا، لا لأن الزمان بات عقيمًا عن إنجاب المفكرين، بل لأن البيئة الفكرية والثقافية اليوم تغيرت جذريًا، عصرنا الحالى أسرع، وأقل صبرًا على التأمل، المنصات أصبحت سريعة والمحتوى أصبح لحظيًا، بينما فكر د. مصطفى محمود كان يُخاطب العمق لا السطح.
لو أدرك زماننا هذا قد يموت من الصدمة مرة أخرى.
أعتقد العكس انه سيكون أكثر يقينا بما توصل اليه
ماذا عن رغدة من هي الشخصية التي تراها هي الافضل لتحل ضيفا بالبودكاست الخاص بها ؟
الأديب نجيب محفوظ، سأطرح عليه سؤالا عن رواية السكرية، حول" التغيير الذي حصل في شخصية كمال" فأنا حزنت لأنه غير من شخصية كمال الشخصية التي كانت متدينة، تفكر بطريقة مختلفة عن أخيه ياسين وحتى أبيه أحمد عبدالجواد يتشابه في هذا السلوك، فهؤلاء كانوا غارقين في الملذات ، في حين كانت شخصية كمال شخصية طموحة كل همها العمل في دار المتعلمين كمدرس مثلما كانت أمه تحلم به، هو وصل إلى هذا الهدف المنشود، لكن فيما اصبحت شخصيته متخبطة، يعاني من الاحباط، يلاحق عايدة وبعد وفاتها لاحق اختها، وأصبح يشبه فهمي ولكن بمستوى اقل
أعتقد الاجابة ستكون , إن التغيير الذي حدث في شخصية كمال في "السكرية" يمكن تفسيره بشكل أساسي من خلال غياب الوازع الديني لديه. في البداية، كانت شخصية كمال تتميز بتدينها وطموحها، حيث كانت تسعى لتحقيق حلم والدتها بأن يصبح مدرسًا في دار المتعلمين. كانت هذه المبادئ الدينية تشكل دافعًا قويًا له، وتوجه سلوكه وأهدافه.
لكن مع مرور الوقت، ومع مواجهته لتقلبات الحياة، بدأ هذا الوازع الديني في التلاشي شيئًا فشيئًا. عندما غاب الإيمان الداخلي الذي كان يحكم تصرفاته، بدأت شخصية كمال تتخبط وتفقد الاتجاه. تحول إلى شخص يعاني من الإحباط، يلاحق النساء مثلما فعل أخوه فهمي، ويعيش في دائرة من الفراغ والبحث عن معنى لا يجده. غياب هذا الوازع الديني كان السبب الرئيس في تدهور حالته النفسية وابتعاده عن الطريق الذي كان يسعى إليه في البداية.
سؤالي هنا، لماذا فعل الكاتب ذلك؟ لماذا غير من شخصيته، عندنا فهمي وطني وفي النهاية اُستشهد، عندنا ياسين الشخصية التي تعبر عن النموذج السيء من الشباب، لم تتغير شخصيتهما، لكن شخصية كمال تحولت من شخصية إلى شخصية اخرى، فلماذا اقتصر هذا التغيير على شخصييته فقط أي كمال؟
أتفهم ذلك، ولكنت قد قد تمنيت أن تسير شخصيته كما هي، كنت أود أن تكون نهايته أفضل من فهمي ومن ياسين وحتى من أخته عائشة. يدو بأنه تجري الرياح بما لاتشتهي السفن
التعليقات