يُعرف الموت الرحيم بأنّه قتل إنسان وصل به المرض إلى حد لا يمكن الشفاء منه فيُقتل كي لا يتألم أكثر.
فما رأيك بالموت الرحيم؟
حين كان أبي بالمستشفى (أصيب بجلطتين الأولى دماغية والأخرى قلبية) أشار لنا الأطباء بعد سوء حالته جداً أنّهُ يجب علينا الاستسلام وعدم التفريط بأسطوانة أوكسجين أخرى (هذا بسبب الضغط الكبير كان عليها أيام الكورونا، أوّل الانتشار) لكننا لم نقبل بعد أن فكّرنا بالأمر جيداً، ليس هُناك موت رحيم، هُناك قتل رحيم، لكنّه بالأخر سيكون قتل حتى لو كان رحيماً.
الدنيا يومياً تُسجّل مُعجزات رهيبة بشفاء أشخاص من السرطان أو نجاة أحدهم من حادث أليم أو تحسّن شخص أصيب بالزهايمر، هذا كله يسجّله الطب، متى؟ هي تسمى معجزة لإنّ الطب يُسجّلها بعد أن يفقد الأمر أصلاً.
لم لا يكون أبي هو شخص من هؤلاء؟ بناءً على هذا السؤال لم نقبل (رغم أنهُ توفي بعد يوم)
لا يجب أن يُسمح بهذا الأمر، مهما كان الألم شديداً، اللهم إلّا بموافقة المريض نفسه (ومحض السؤال عن هذا الأمر للمريض هو سؤال أخلاقي آخر يجب أن يُناقش).
أولا رحم الله والدك و جعل مثواه الجنة.
لكن ماذا لو كان هذا الشخص يتألم بشدة و استمر الأمر لأشهر حتى؟ (لنتفق بداية على أمر، أنا أيضا ضد الموت الرحيم لكنها مجرد أسئلة موضوعية)
اللهم إلّا بموافقة المريض نفسه
و إن وافق ألن يُعتبر ذلك انتحارا؟
و إن وافق ألن يُعتبر ذلك انتحارا؟
يبدو أنّ الأمر برمّته غلط في غلط، ولذلك نصتدم بعد كل سؤال بإجابتنا ذاتها، هذه أسئلة أخلاقية من الصعب أن تُحلّ، أشار لها أستاذ الفلسفة مايكل ساندال في مساق في جامعة هارفارد مُسجّل كاملاً بالعربية على قناة اليوتيوب: شمسنا العربية.
كان سؤال الأخلاق المعياري، في أنّهُ ماذا لو كان كذا وكذا هو كذا، هل يمكن أن نفعل كذا؟ (وطرح أمثلة كثيرة مشابهة لما نتحدّث عنه). أنصحك بالمتابعة.
ربما هو قتل بطرق ملتوية، ونتفق أم نختلف علي هذا فهو إثم ووزر علي من يقوم به مهما كانت المعاناة ومهما كانت الضغوط فلا حق لإحد بتقرير حياة غيرة، والحقيقة فلدي رأي في هذا الصدد وهو "أن الموت الرحيم فقط من الله الرحيم ولا رحمة بانهاء حياة انسان بدون إذن خالقها".
أتفق معك، لكن ليكن سؤالا موضوعيا:
ماذا لو كان هذا الشخص عزيزا عليك (لا قدّر الله) و تراه يتألم أمامك بشدة لا يمكنه تحملها و استمر ذلك لأيام طوال أو أشهر حتى، بغض النظر عن الخلفية الدينية، ماذا سيكون تصرفك وقتها؟
بالفعل كنت شاهدََ علي حدوث هذا الامر شخصياً (في مرض جدتي لأبي) فرغم مرضها الذي إستمر 11عام لتصاب بجلطة دماغية حادة في أخر أيامها ومع قول الأطباء بأن الأمر خطر ونهائي، وقد أشار بعضهم بما ذكرتي بالموت الرحيم، إلا أن الأمر قوبل بالرفض، فكما قلت من قبل لسنا من نقرر حياة الأخرين مهما كانت درجة الصلة لنظل واقفين لأخر رمق متخذين جميع الاسباب في هذا، وهذه ليست من منظور ديني فقط يا فردوس بل فطرتي لا تسمح بغير ذلك ولا يمكن المشاركة في أمر مثلة، لتظل المعاناه قائمة بعد إصابتها بالجلطة الدماغية ويتوفاها الله.
وقد أشار بعضهم بما ذكرتي بالموت الرحيم، إلا أن الأمر قوبل بالرفض، فكما قلت من قبل لسنا من نقرر حياة الأخرين مهما كانت درجة الصلة لنظل واقفين لأخر رمق متخذين جميع الاسباب في هذا،
ماذا لو كانت جدتك طلبت ذلك الموت يا مصطفى، ما موقفك من هذا.؟ هل تدعم قراراها أم تقف ضده؟
فيُقتل كي لا يتألم أكثر.
لقد قلتيها أنتِ .. يقتل ! لا يمكن أن أجد القتل مُبَرراً أو مشروعاً إلّا في حالة القصاص فقط، وفي كل الأحوال القتل جريمة مهما اختلفت مسمياته سواء تم تسميته بالموت الرحيم أو جريمة الشرف أو غيرها من المصطلحات التي نتعرض لها كثيراً في الوقت الحالي .
بالنسبة لي أؤمن برحمة الله وحكمته، وأعلم أن الكثير بالفعل يعاني بشدة وقد يكون الموت هو الحل الأفضل لإنهاء معاناتهم، ولكنني في الوقت نفسه أعلم أن الحياة والموت بيد الله، ولسنا نحن من نقرر بقاء إنسان من وفاته، وليس من حقنا اتخاذ قرارات كهذه، ثم أضيفي على ذلك أن في حالة الغيبوبة أو الموت الدماغي، يفلت الأمر من أيدينا تماماً، فلا نستطيع تخمين ما قد تؤول إليه الأقدار، وكم من مريض بقي مربوطاً بالأجهزة لسنوات طوال ثم أفاق من غيبوبته فجأة، تخيل لو أنك قمت بقتله قبلها !
لماذا نتصرف ونحن لا نملك شيئاً من علم الغيب والأقدار، ولماذا يهون علينا إلقاء أحبابنا في التراب بزعم أن ذلك هو الأفضل لهم بتفكيرنا القاصر، من نحن لنتخذ مثل هذا القرار ؟
ونقطة أخرى، أعتقد أن قرار القتل الرحيم فيه شيء من الأنانية، فغالباً ستكون دوافع الشخص الذي يختار هذا الخيار أن يرتاح من العذاب النفسي وهو يرى قريبه يتعذب ويتألم، يريد فقط أن يستيقظ يوماً ويجد أن كل شيء قد انتهى، يريد أن ينهي ليال وسنين من الإنتظار بلا تطور، يريد أن يوقف الدماغ عن التفكير ويأخذ قسطاً من الراحة، يريد أن يحل الموت على ذلك الشخص ليبكي عليه قليلاً ثم ينسى ويمضي في حياته عوضاً عن انتظار شفائه طوال عمره .
لا أستسيغ هذه الآلية أبدًا ولا أقبلها، الروح التي خلقها اللّه .. يقبضها اللّه.
مَن يعلم كيف تؤول حالة المريض بين عشية وضحاها ؟ ومن يعلم كيف سُبِّب هذا السُقم ليطهّر جسدًا ويستخلص ذنبًا! حتى الشوكة يُشاكها! فما بالكِ بالمرض الذي يأتي ويوهن صاحبه حدَّ الموت!
وبالرغم من أن له أنواع عدة ، أكثرها قبولًا رغم شدة أثرها هي الـ voluntary euthanasia أو الموت الاختياري ، وذلك حينما يختار المريض بنفسه إنهاء حياته.
إلا أن الـ involuntary euthanasia أو الموت اللاإرادي، والموت الرحيم السلبي والنشط، أراهم أساليب جدًا قاسية " فيما يخص قدسية النفس والروح البشرية " ( رغم توصيفها بالرحمة ).
ورغم إتاحة هذه الآلية من قِبل البعض، كأن يصدر المريض قرارًا بموته وأنه وحده من يشعر بالمرض، ولكن في كثير من البلدان تعتبر هذه جريمة يعاقب عليها القانون، ويعتبره الكثير من الأطباء منافاةً للقسم الطبي وهو ما يتضمن عدم إعطاء أي مريض عقار ينهي حياته.
التعليقات