قد تكون العودة إلى العمل بعد إجازة طويلة ومريحة أمرًا صعبا، تحديدا إجازات العيد والسفر، خاصةً إن كنا نعلم أن الإجازة جاء من ورائها تراكم للمهام والمسؤوليات وبالتالي ضغطا كبيرا لمجرد اقتراب موعد العودة للعمل، أيضا الانتقال من الراحة التامة والحرية الكبيرة بيومنا لضغوطات الوقت وإدارته، شاركوني تجاربكم كيف تتغلبون على هذه المشاعر وتستعيدون طاقتكم كاملة، خاصةً وأن أغلبنا عاد للعمل الآن.
لماذا نكره العودة إلى العمل بعد الإجازة التي تتجاوز يومين، وكيف نتغلب على هذا الشعور؟
يدخل العقل في حالة أشبه بالإسترخاء خصوصًا بعد عمل شاق أو جهد كبير مبذول وطال لفترة كبيرة.
فنشعر أنه من الصعب أن نستعيد نفس مقدار الشغف والقدرة على الاستكمال مجدّدًا ربما لأول بضع ساعات وربما يصل الأمر لبضعة أيام من بدء العمل.
تبدأ الـ restart cycle أو الدورة الإستكمالية من جديد وهي في rythm ضعيف ، يزداد شيئًا فشيئًا، حتى يصل إلى ذروته مع وجود stress أو مهمة يتوجب علينا إنجازها.
أعتقد أن الأمر ناتج عن فكرة التسويف، وخوفنا من مواجهة مهمة ما لأننا نراها صعبة، فنحاول تأجيل تعبها، ولكن دائمًا أرى أن تقسيم المهام يساعد بشكل كبير في تسهيل فكرة إنجازها وقور البدء بها يصبح من السهل العمل على كل ما تبقى وإنجازه
ما علاقة التسويف بكون الشخص بإجازة ويعود مجددا للعمل، الفكرة أن العقل يكون تعود على الراحة وعدم التفكير، مارس قدر كبير من الحرية دون ضغوطات عكس المتوقع، وبالتالي تكون العودة مهمة صعبة بالنسبة له، فمثلا تلاحظين أن الأداء يكون أقل وليس بنفس الإنتاجية المعتاد عليها، عند أول يوم عمل، وهذا الفرق يكون ملموسا عند الإجازة لعدة أيام، وليس ليوم واحد مثلا.
الشغف هو ما يعيدك للعمل بكل حب، كذلك عدم ترك المهام تتراكم عليك ومحاولة كتابتها وتقسيمها حسب الأولوية في أيام العطلة، في أيام العطلة لا أترك العمل نهائيا وإنما أقوم ببعض الأمور التنظيمية وكتابة الأفكار التي أحتاجها فذلك التفكير يعود عليك بالإنهاك، فحتى مع الراحة أحاول كتابة الأفكار التي أحتاجها في العملي الذي أعود إليه بعد أيام وأحاول تنظيم أموري، الوقت يستغرق مني 15 دقيقة لكنه يجنبني التفكير والكسل اللاحق.
أرى أن الشعور نفسه طبيعي، لكنه نابع من أزمة حقيقية على الصعيد المهني، وهي أزمة عدم الشغف بمجال العمل. فأنا على سلبيل المثال عندما كنتُ أحصل على أيام عطلة طويلة بعض الشيء من الوظيفة، أعود بعدها بمنتهى الإنهاك، ولا أستطيع استعادة بعض العافية للعمل إلّا بعد أيام من بدايته بعد العطلة. لكن الآن، بعد أن عملتُ في مجال لدي به شغف كبير، أرى أن العمل متعة في العديد من الأوقات، وأوقات العطلة بالنسبة إليّ تعيد إليّ حماستي للعمل بشدة.
تراكم المهام سبب كافي لجعل بدء العمل والعودة إليه في غاية الصعوبة.
لذا من الأفضل كتابة كل المهام المتراكمة على ورقة وفلترتها، لتكون لديك خطة عن أهم ما تبدء به وتريح عقلك من التفكير. أستعين في هذا بمصفوفة إيزنهاور:
أبدء أولا بكتابة كل ما تراكم علي، بعدها أقسم الورقة إلى أربع خانات كالتالي:
مهم وعاجل؛ وفيها كل المهام المرتبطة بوقت محدد ويجب تسليمها قريبا، وأبدء بها أولا.
مهم وغير عاجل؛ مهام ومواعيد مهمة لكن مزال على تسليمها أسابيع مثلا.
غير مهم وعاجل؛ وهي أقل أهمية لكنها عاجلة مثال ترتيب ملفات أنجز منها قدر قليل خلال اليوم.
غير مهم وغير عاجل؛ يتم تأجيلها لأوقات الراحة.
يحدث ذلك غالبا لأننا نقوم بأعمالنا من منطلق الأجر المادي فقط ولا نستمتع أبدا بها. فأفضل ما يساعدنا على تخطي هذه الأزمة هو تغيير نظرتنا للعمل وإعطائه قيمة غير المقابل المادي. الكلام قد يكون سهلا أنا أعلم، ولكن أي شيئ في حياتنا يمكن أن ننظر إليه من أكثر من جهة، وإن واصلنا اعتبار عملنا كمصدر رزق لا أكثر، سيبقى ثقيلا على قلبنا وتضيع حياتنا ونحن في انتظار دائم للعطل. ومن هذا المنطلق أيضا، وفي بحثنا عن وظيفة، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الجوانب الأخرى الغير المادية وأن نحاول تعلم أشياء جديدة في عملنا لنكسر الروتين ونشعر بالرضى عن أنفسنا.
التغيير صعب على الأغلب خصوصًا لو كان تغييرًا من الراحة إلى الكد والعناء لكن التغلب على هذه الظاهرة بالنسبة لي تعمل على ناحيتين.
- الشغف: فإن كان هناك على الأقل شيء واحد جيد أو محبب بالنسبة للعمل فعندها ستكون مهمة العودة إليه أسهل أو على الأقل يكون هذا الشيء مهونًا علينا.
- الواجب: فلو رغبنا لكانت الحياة كلها متع وإجازات ولكن واجب الإنسان هو الكد والسعي وانتظار النتائج المستقبلية التي قد تتمثل في مجموعة من المال تساعده في حياته أو تعمل على رفاهيته وقد تتمثل في تطور شخصيَ له وبالتالي تجعله هو بذاته شخصًا أفضل.
والإنسان كما قد يهلك نفسه في صالة الرياضة للوصول إلى جسم مناسب راضيًا ومتعبًا فعليه أن يهلك نفسه في العمل في مجال يطوره حتى يصل إلى شخصية وعقل متطوران باستمرار واستقرار نفسي ومادي أيضًا بنفس الرضا والتعب في الوقت ذاته.
نحن لا نحصل بسهولة على إجازة طويلة نسبيا من العمل ونظل نرتب لها ونستعد ونضع الجداول لاستغلال كل لحظة فيها. ولذا فلا عجب أن نشعر بالحزن عندما تنتهي ، ولكني كنت قد قرات سابقا ان هناك فئتان رئيسيتان مختلفتان من قضايا العمل قد تجعلنا لا نريد أن نذهب اليه مجددا:
الاولى : ان شيئا إيجابيا مفقود في العمل. أي انه "غير كافٍ" بالنسبة لنا ، لا يمثل تحدي ، وليس هادف بما فيه الكفاية. وهنا علينا ان نسعى لتعويض هذا الفقد ، ومن الممكن أن نبقى ضمن دورنا الحالي لجعل الوظيفة مناسبة بشكل أفضل
الثانية : أن هناك الكثير من الأشياء السلبية في العمل. ونحن لا نريد العودة لأن هناك شيئًا مزعجًا، مثل الصراع أو الضغط أو المشكلات الأخلاقية، اما في هذه الحالة فقد يكون تغيير مكان العمل هو الطريقة الوحيدة لإحداث تغيير كبير في اقبالنا على العمل.
التعليقات