العقل البشري يميل لإطلاق الأحكام بناء على تصوراته التي يبنيها، ولكن هل يمكننا أن نتوقف عن إطلاق الأحكام على الآخرين تمامًا؟
هل يمكننا أن نتوقف عن إطلاق الأحكام على الآخرين تمامًا؟
لا أعتقد ذلك ولكن السؤال المهم هل نحتاج ذلك؟ بالنسبة لي لا أيضًا فإلقاء الأحكام أمر مهم في تكويننا كبشر والاستماع لحدسنا في تقييم الأشخاص وتحديد من نظن أنه ليس مناسبًا ومن نظن أنه سيئ الأخلاق الخ الخ هي من التقنيات التي تساعدنا على حماية أنفسنا سواء حمايتنا جسديًا أو نفسيًا.
لكن من الأمور الواجب مراعاتها
- ألا تكون أحكامنا نهائية: فالأحكام الأولية هي أحكام أولية يمكن الرجوع فيها أو تغييرها بالكامل حسب ما نرى من الشخص بعد طول العشرة.
- أن تكون تصنيفاتنا قابلة للتطوير: فالغرض هو التعلم وإضافة الخبرة لأنفسنا في معرفة الناس أكثر لذلك علينا دائمًا تطوير نظامنا بناء على التجارب التي نمر بها أو نشاهدها.
- ألا تعتمد أحكامنا على المظهر أو معايير سطحية بالكامل: المظهر مهم في حكم الأحكام الأولية وغيره الكثير ولكن لا يجب علينا الإعتماد عليها على طول الطريق.
- ألا نقول أحكامنا السيئة بصوت عالٍ: فإن لم نرتح لشخص مثلًا أو حكمنا عليه حكمًا ظاهريًا سريعًا فلا داعي لفرض هذا الرأي المبدأي عليه أو على المشتركين بل هي ما تزال نواة فكرة نحاول أن نصل منها لأفضل حكم.
- أن نعلم أن أحكامنا ليست الحقيقة: فنحن لا نرى الشخص كما يراه شخص أخر بجوارنا ولا كما يراه أصدقاؤه أو عائلته ولا كما يرى هو نفسه لذلك فعلينا أن ندرك أن حكمنا يخصنا فحسب وهو يخص الجزء الذي نراه من الشخص وليس بالضرورة يكون هذا منطبقًا مع حقيقة الشخص بل هو حقيقة ما نراه منه فحسب.
لقد رتبت الأفكار في تعليقك هذا، فأنا أعتقد أنه لا يمكننا القضاء نهائيًا على إطلاق الأحكام، وإنما علينا تهذيبها وفي الوقت ذاته لا يمكننا الإنكار أننا نحتاجها لنكون أذكياء اجتماعيًا وأكثر فراسة ودهاء في تعاملنا، لكنها في نفس الوقت أحكام لا يمكن الاستناد عليها بشكل كلي، والأمور التي ذكرتيها يمكن للفرد منا أن يهذب هذه الصفة ويستفيد منها دون أن يضر غيره وبالحد المعقول والمفيد
إن مسألة إدراكنا لأن الأحكام التي نطلقها ليست حقيقية تدحض هذه الأحكام أساسًا يا أمنية، وبالتالي فأنا أختلف معكِ لأنني لا أجد منطقةً رماديةً فيما بين الأمرين. لا أرى أننا في إمكاننا أن نسيطر على عمليات إطلاق الأحكام على الآخرين ونحن ما زلنا نحتفظ بها. أنا أرى أن التقويم المباشر لهذا الأمر ممكن، وأن التعامل مع الآخر بنوع من أنواع الحياد هو أمر حقيقي، لا يتوافر لدينا إلّا عندما نستغني عن عملية إطلاق الحكم الأخلاقي أولًا، والحكم الشخصي ثانيًا، وعندما نتبع قاعدة واحدة، وهي الاحتفاظ بحدودنا مع الآخر ما دام لا يؤذينا بأي شكل.
إن مسألة إدراكنا لأن الأحكام التي نطلقها ليست حقيقية تدحض هذه الأحكام أساسًا يا أمنية
أفهم قصدك تمامًا يا علي ولم أكن أعني في كلامي أننا نطلق أحكامًا زائفة أو لا يمكننا الرجوع إليها بل ما عنيته هو أن ندرك أننا كان معنا عدد من المعلومات والانطباعات فأطلقنا حولهم حكمًا ما.
ولكن هناك الكثير من المعلومات الأخرى التي يمكن أن تغيره والكثير من الذي لم نمر به بعض فعلينا فقط أن نكون منفتحين لجمع المعلومات وتحسين حكمنا أولًا بأول وهو مع لا أعتقده يختلف كثيرًا مع ما قلت فالاحتفاظ بحدودنا واجب طبعًا أيًا كان حكمنا.
لا يمكن يا زينة.
قرأت في كتاب الهشاشة النفسية لاسماعيل عرفة، تناول موضوع الأحكام في عجالة، وأشار إلى أن أجيال اليوم تنهار بسرعة من الاحكام.
وربما لاحظت حتى في المقابلات التلفزيونية تجدين الضيف يتهم المذيع أنه يحكم عليه ويوصيه بعدم الحكم، بشكل وكأن الحكم شيء سيء.
صحيح أنه ليس علينا الحكم في بعض الجوانب لأن الحكم لله وحده في الأمور المفصلية.
لكن أين المشكلة حين نصنع الشخص حسب عقيدته وبلده لنستطيع التعامل معه فقط وليس محاكمته.
في رأيي أن منحى الاحكام أصبح مبالغا فيه جدا، فقط أصبح رواد مواقع التواصل الاجتماعي يرددون جملة لا تحكم. أنت تحكم عليّ بشكل مبالغ فيه ومستهلك جدا.
هناك ارتياب عام تجاه الموضوع وتطرف في طرحه أعلم ذلك، ولذا فأنا أتساءل في خضم كل هذه الدعوات التي تدعو لعدم إصدار الأحكام وتقبل الآخرين، عل نملك بالفعل القدرة الداخلية على فعل هذا والتخلص من إطلاق الأحكام تمامًا حتى اللحظة والتي تصدر بسرعة من عقلنا الباطن ما أن صادفنا أمرًا ما أو شخصًا ما ؟
وأعتقد أن الإجابة هي لا، ولكن يمكننا تهذيب الأمر
لا أدعي انني نجحت تماما في ذلك ولكني احاول الاستماع للاخرين ومعرفة وجهات نظر الطرف الاخر بدون تبني حكم مسبق او منحاز.
والافضل هو الانشغال بتهذيب النفس ومتابعة التعلم والانفتاح على العالم باختلاف ثقافاته.
أتفق معك أننا يمكننا التقنين من إصدار الأحكام للحد الأدنى، من خلال حضور الذهن الدائم وحثه على عدم تبني حكم مسبق، وعدم الانحياز والانشغال بالذات
يمكنني القول أنني تخلصت من هذه الآفة جزئياً، بحيث لم أعد احكم على أي أحد مهما كان إلا إذا ربطتني به علاقة معينة فسأحكم عليه وفقًا لطبيعة العلاقة و وفقًا لعدة مواقف فلن أكتفي بالحكم الاول لانه لن يكون صحيحاً دائماً.
في الوقت الذي نتخلص فيه من الحكم على الآخرين سنجد الراحة والسكينة التامة لأننا لن نفسر تصرفاتهم وفقًا لمعتقداتنا السابقة عنهم وهذا سيريحنا من التفكير السلبي بكل فعل والقيام بردة فعل مناسبة..
فمثلاً كنت أحكم أن فلانة شخصية متملقة وتحب النفاق وكنت احذرها كثيرًا لكني تخلصت من هذا الحكم واصبحت أتعامل معها بما ينبغي علي وأتجاهل ما لا يروقني فهذا ليس شأني وهو امر مريح أن نعامل الناس باخلاقنا لا بأحكامنا.
سنجد الراحة والسكينة التامة لأننا لن نفسر تصرفاتهم وفقًا لمعتقداتنا السابقة عنهم
هذه إحدى الفوائد التي تعود علينا شخصيًا، ولكن يمكن أن يتعارض هذا الأمر مع الفراسة والذكاء في التعامل مع الآخرين، فلنواجه الأمر أحيانًا يتشكل لدينا حدس تجاه الآخر رغم عدم معرفتنا الجيدة به، وبعد مدة يتضح صحة حدسنا، وهذا يكون نابع عن حكم بشكل أو بآخر، ألم تشعري أنه حين توقفتي عن السماح للأحكام بالصدور تجاه الآخرين أنك أصبحت أكثر عرضة الخداع، أو التورط مع أشخاص غير مناسبين، أو إضاعة الوقت معهم؟
الأمر ليس شيء قابل للتنفيذ بشكل فوري، انما يحتاج إلى تدريب شبه مستمر، خاصة وإن كان الشخص معتادًا على اطلاق الأحكام بشكل مستمر وعلى مدار حياته، أو إن كان يعاني من متلازمة OSD التي تجعله غير مرتاح إن رأى فعل ما يتم بطريقة خاطئة، أو شيء في غير مكانه.
اطلاق الأحكام للاسف لا يكون ضارًا للمُطلق عليه فقط، ولكن أيضًا مرهق على من يقوم باطلاقه لأنه يجعله متحفزًا على دوام تجاه أي امر خاطئ.
اطلاق الأحكام يعد ظالمًا لأسباب عدة كأنه يتم على الصورة الظاهرة أمامنا فقط دون أدنى معرفة بما ساهم في الوصول إلى هذا. اضافة إلى أنه يصدر من شخص يجلس في مكانه ولا يعرف إن كان سيستطيع عدم فعل الأمر إن وقع تحت نفس الوضع أم سيصمد.
التعليقات