أنت رائع، أنت مميز، أنت مختلف، أنت بطل، أنت لا تشبه الناس، أنت ظاهرة، تقول مارغريت "تذكر دائما أنك فريد تماماً، تماماً مثل أي شخص آخر" ولذلك أسأل: يا ترى التميّز الفردي له وجود أم هو وهم؟ ولماذا؟
مارغريت "تذكر دائما أنك فريد تماماً، تماماً مثل أي شخص آخر" التميّز الفردي له وجود أم وهم؟ ولماذا؟
هذا وهم ، لأن الناس تختلف في صفاتها وفي طباعها وفي أمزجتها، ودائمًا في تميز الذات
أولاً: ما يعتقده الإنسان حول نفسه.
ثانيًا: ما يراه الآخرون حوله.
ومن يرى أنه دائما متميز و مختلف فعلم أن هذا لديه انتفاخ الذات، ونوعية هؤلاء الأشخاص ربما يكون لديهم القابلية في بعض الأحيان لأن يُصابوا بنوبات هوس، ونوبات الهوس، هو ما يسميه عامة الناس بجنون العظمة.
ومن يرى أنه دائما متميز و مختلف فعلم أن هذا لديه انتفاخ الذات
أحيانًا يكون هذا هو الحافز الذي يحرك الإنسان في حياته، حين يرى أنه يستحق الأفضل. وما المشكلة في نفخ الذات أحيانًا؟ يحميك من قلة الوقوع في عواقب قلة الثقة بالنفس. توكيد الذات مهم، وهو ما يجعل لك مكانًا في الحياة. لذلك لا داعي أن ينزل الإنسان إلى الواقع في كل الأحوال. يمكن أن يسبق بخطوة.
لا مشكلة لدي في أن أخبر ابنتي في المستقبل إن شاء الله بأنها جميلة (وإن لم تكن كذلك).
وما المشكلة في نفخ الذات أحيانًا؟ يحميك من قلة الوقوع في عواقب قلة الثقة بالنفس
المشكلة تكون في المبالغة في تقدير الذات، فنحن بالفعل مختلفون وكل شخص منا له طابعه الفريد والمميز، ولكن أن تخبر نفسك بنفسك أنك رائع أنك ممتاز أنك مميز أنك وسيم أنك ناجح بطريقة مبالغة هذا يؤدي لأمر عكسي تماما، وعكس ما تقوليه هنا فأنتِ تشجعين الطفل وتعطيه ثقة في نفسه ولكن لو هذا الطفل ظل يقف أمام المرأة ويخبر نفسه أنه جميل فهنا الأمر مختلف وسيكون تأثيره لو كان مبالغا الغرور وهكذا.
لكن هناك تناقض بكلامك، بالبداية ذكرت أننا مختلفين بالصفات وبالطباع وبتميز ذواتنا ثم انهيت ذلك بأن من يرى نفسه أنه متميز دائما فهذا انتفاخ ذات، كيف ذلك؟
كل شخص فينا مميز بصفة، ومتميز ورائع بجزئية معنية، لكن الفكرة أن الناس تقيس التميز بالنجاح والربح المادي، في حين أن التميز يكمن بالاختلاف، قد تكون شخصا طيبا، أو شخصا مستمعا، شخصا متميز بقدرتك على حل المشكلات، شخص متميز بقدرتك على الإبداع، إلى آخره
كثير من الأشخاص لديهم هذه النزعة للأمانة، الكثير منهم يرون أنهم مميزين بلا ميزة، وربما وسائل التواصل الاجتماعي تعزز عند الناس هذه الفكرة المغلوطة، حتى أنني قد سمعت مرة روضة تلقّن الأطفال كلمات من هذا النوع، فيها: أنا مميز، أنا سعيد، أنا ذكي، ...الخ وباعتقادي أن الأطفال قد يصدّقون هذه الأمور فيعيشون أوهام حقيقية في حياتهم، اا انتاجية وبذات الوقت تفاخر شديد بالنفس.
بالطبع التميز الفردي موجود، فارق الأخلاق يمكن أن يكون تميز فردي، وكذلك فارق العقلية والخبرة والموهبة، أنا مثلاً وأنت لو وقعنا في مشكلة وكلانا تمكن من تحقيق حلها لكن فعلت أنا ذلك أسرع وبطريقة سهلة فهكذا أكون أنا مميز ومختلف رغم أن النتيجة واحدة، وليس للأمر أي علاقة بالغرور.
التميّز لا يأتي بالمقارنة، بل بافتكاك الفرد عن كونه قابل للمقارنة، الجيدون هم من يُقارَنون بالآخرين، أما الممتازون فهؤلاء عبروا مسألة المنافسة إلى مسألة الكمال، ولذلك كلمة ممتاز نضعها بالمدارس على اكتمال العلامة والجيد نقولها على نفصان بعض الشيء منها، فتأتي هنا الجيد وكأنها اعتراف بمنافسة لا بأس بها مع المتميز وإن باءت بفشل
كل إنسان مختلف عن غيره، وهذا حقيقة، لكن ليس بطريقة : "أنت ظاهرة". أقصد أن كل شخص متفرد بذاته ولا يعلم أحد طريقة اختباره للعالم بالضبط. كل يوم نكتشف القليل عن ذلك. منذ أيام، عرفت أن بعض الناس يرى العالم مثل شاشة فيلم حرفيا. وتتحرك فيه بعض الأشياء فجأة: أضواء، حروف، انعكاسات صغيرة تشبه الدود. شيء لم أكن لأتخيله أبدا. ومع ذلك، كان كلانا بعيش معتقدا أن الآخرين يرون العالم بنفس طريقته.
هذا ما ربما نعتقده، حسن رحت لأحضر ورشة كتابة مرة تحت أستاذ مخضرم جداً، أمضى ستين عام بالكتابة، قال لنا هذا الأستاذ: لا تعتقدوا أن هناك موضوعة واحدة في الكتابة لم تُطرَق، لقد تحدثوا عن كل شيء من سبقوكم، تلمسألة باتت كلها بالمعالجة الجديدة للموضوعات القديمة - هذا برأيي ينفي أصالتنا، على الأقل المتأخرين بالبشرية مثلنا على أن نأتي بجديد يميّزنا، لا شيء جديد تقريباً ولا تميّز، محض اختلافات تتفتت بالتدقيق على التفاصيل.
التعليقات