في الآونة الأخيرة تناول العديد من المقرّبين والأصدقاء الهجرة كأمنية فعلية. وعلى الرغم من أن الأسباب قد تكون ملموسة وشائعة، فإنها تختلف من شخص إلى آخر، ومن مجتمع إلى آخر.
في رأي كلٍّ منكم، ما هي أبرز الأسباب التي قد تدفع الفرد إلى التفكير في الهجرة؟
ما هي أبرز الأسباب التي قد تدفع الفرد إلى التفكير في الهجرة؟
العديد من الشباب والشابات في بلدي الذين قرروا الهجرة وكانت سبيلهم الوحيد للنجاة، معظم شباب الوطن العربي يعاني من غلاء المعيشة والظروف الصعبة فحتى حقوقنا وأصبحنا نطالب بها.
البحث عن الحياة الكريمة هي أهم سبب يدفع الفرد إلى التفكير في الهجرة، عدم توفر مناصب شغل حتى في حالة أخذ القرار بعدم الاستلام والتفكير خارج الصندوق والبحث عن طرق للعمل من خلال الإنترنت أو مشاريع خاصة الإجراءات التي تتبعها الدولة تضيق عليك كل سبل البقاء في البلد.
بالتأكيد العامل الاقتصادي له دور حرج جدًا في مسألة الهجرة. والأزمة هنا تصبح مضاعفة للأسف، لأن الهجرة إلى العديد من دول العالم التي نستهدف الهجرة إليها أول ما تحتاج إليه هو الدعم المادي. والعديد من الشباب الذين يطمحون إلى الهجرة قد كمحوا إليه بسبب تضييق الظروف المادية كما نشير، وبالتالي فإن عملية الهجرة تصبح أكثر صعوبة على من هو في حاجة إليه، حيث ان الصعوبة تتناسب طرديًا مع الحاجة، وهذا أمر عسير جدًا على العديد من الأشخاص، خصوصًا في عالمنا العربي.
لا أحد يفكر في قرار الهجرة إلا بعد تجرعه الويلات في موطنه والقرار لا يتم أخذه إلا بعد دراسة طويلة وربما خيار الهجرة مؤقت. بالطبع ثمة أمور تجعل الشخص يفكر في مثل هذه القرار مثل كسب الرزق، ربما لأن هذا الشخص وقف في طابور البطالة لمدة طويلة ولكنه لم يحصل على الوظيفة نظرا لانعدام فرص العمل.
ربما هذا الشخص شعر أن هناك بعض الدول تحتضن المواهب بجميع أنواعها على العكس من دولته. وربما هذا الشخص شعر أن التعليم في بلده لا يرقى بأن يسمى تعليمًا حقًا.
الظلم، الاضطهاد، كبت الحرية والفساد. كل هذه عوامل تجعل الشخص يفكر في الهجرة خارج وطنه.
هنالك أزمة في هذا الصدد يا هدى، وهي أن الكثير ممّن يقدمون على مثل هذه القرارات لا يلجأون إلى التخطيط أو إلى الدراسة الطويلة. ولدي اعتراض كبير في هذا الصدد، وهو أننا لا نمتلك القدرة على تحليل الأمر من زاوية واحدة، لذلك أرى أن الكثير من الشباب يعتمد على فكرة الهجرة كأنها طوق النجاة الأول والوحيد، وهي فكرة ساذجة للغاية، حيث أن الكثير من الأشخاص لا يمتلكون قدرة فعلية على ذلك، ولا يمتلكون مشروعًا هم في حاجة إليه من أجل صقل قدرتهم على بناء أنفسهم في الخارج.
عندما يفقد الفرد الامل في الحصول على غدا افضل له ولمن يعيل سوف تراوده بكل تأكيد احلام الهجرة والحصول على حياة و مستقبل افضل. عموما كل شخص له تطلعاته واسبابه الخاصة فيما يخص الهجرة مثل الهجرة من اجل كسب مالي اكبر او علمي وثقافي غير متوفر في مكانه الحالي. وهناك من يتقن لغة ما ويحب ثقافة ذلك البلد الذي يتقن لغته وقد يريد الزواج من جنسية ذلك البلد فقد يهاجر الى ذلك البلد اذا توفرت الظروف المناسبة. والسؤال الذي يمثل التحدي الصعب هو هل تتخذ قرار الهجرة الى بلد ما حين يوفر لك السكن والاقامة والعمل ذو العائد المرتفع وقد يطوك فرصة لتعلم اللغة فما هو قرارك وقتها هل تترك ارضك وجزورك وماضيك وذكرياتك الى مكان مجهول.
للأسف، وعلى الرغم من رغبتي في البقاء بين من أحبهم، فإنني بالتأكيد إذا أدركت أنني أستطيع تأمين حياة كاملة في بلد تمنحني قيمةً إنسانيةً أكبر، فأنا سوف أقبل على هذه التجربة، على الأقل لتأمين ما تبقى من حياتي. وعلى الرغم من أنني لا أمتلك الكثير في الفترة الحالية كي أقدم على تجربة كهذه، فأنا أرى أن حلم الإنسان بأن يجد ضالته في حياة كريمة وأن يعيش في رحاب مجتمع إنساني يحافظ على الحريات ويحفظ الكرامة المادية والمعنوية، فإن هذا بالتأكيد لا يضاهى بثمن.
الهجرة!
كم كنت أخاف هذه الكلمة؛ وأفكر في الأهل والأصدقاء والوطن وغيرها من المشاعر الجميلة، وأحدثك عن تجربةٍ فعلية لمدة 3 سنوات بين الوطن وخارجه.
في البداية لم أكن أرحب بفكرة السفر أبدًا، وكنت أقول إن الوطن هو خير ملاذٍ للإنسان؛ ومع اكتساب خبراتٍ مختلفة؛ أردت أن أحكم على القضية بالتجربة وليس بالمشاعر فقط. فشعور ترك الأهل والأصحاب، ورؤية صور زفاف أصدقائك المقربين عبر الشاشة، وأنت بعيد لا تستطيع مشاركتهم كلها سلبيات ستؤثر عليك كثيرًا؛ إذا فكرت فيها على مدار يومك. لكن من جانب آخر عليك أن تضع قائمة خاصة تجمع بين إيجابيات وسلبيات الهجرة لتتخذ قرارك، وبالنسبة لسؤالك:
ما هي أبرز الأسباب التي قد تدفع الفرد إلى التفكير في الهجرة؟
توجد أسباب كثيرة؛ ففي حالتي مثلًا لم تكن الظروف الاقتصادية من ضمنها؛ لأنني كنت وما زلت أعمل عبر الإنترنت؛ ولم أعمل في الدولة التي سافرت إليها، لكن بشكلٍ عام ستجد المشكلة الاقتصادية والبحث عن حياةٍ أفضل تتربع القائمة.
من أسباب التفكير في الهجرة الخوف من المستقبل؛ والبحث عن الأمان الحقيقي؛ وهذا نشأ مع التقدم التقني؛ الذي جعلنا نرى أشخاصًا يعيشون معنا في نفس الوقت في دولةٍ نظيفة، بها وسائل مواصلات جيدة، ومدارس راقية، وغيرها من المميزات البرّاقة.
ويمكن أن أضيف هنا عنصر البحث عن المجهول والتجربة؛ فالإنسان عنده تطلع إلى البحث عن الجديد، وربما بعد أول لحظة من إقلاع الطائرة يشعر بالخوف، ويعيد التفكير كثيرًا، وفي حالتي كان لدي متسع من الوقت فرحلتي كانت تزيد من 12 ساعة تقريبًا ففكرت في كل شيء، وعندما غادرت صالة المطار ورأيت الوجهة المقصودة، شعرت بالخوف والقليل من الندم؛ للابتعاد عن أهلي وأصدقائي.
في النهاية؛ مهما تعددت الأسباب؛ فلكل إنسان دوافع كبيرة تجعله يتخذ هذا القرار الصعب؛ والنتائج ستظل مقيدة بمدى نجاح التجربة، لكن بعد 3 سنوات أقول للوطن طعمٌ آخر!
في النهاية؛ مهما تعددت الأسباب؛ فلكل إنسان دوافع كبيرة تجعله يتخذ هذا القرار الصعب؛ والنتائج ستظل مقيدة بمدى نجاح التجربة، لكن بعد 3 سنوات أقول للوطن طعمٌ آخر!
للأسف طبعًا للوطن مذاق آخر، ولهذا السبب أكره الظروف التي تجبر شخصًا ما على الهجرة من وطنه إلى بلد آخر، بعيدًا عمّا يحبّهم، وبعيدًا عن التجارب التي عاشها بنفسه والشوارع التي وطأتها قدماه. لكن من جهة أخرى، لا أستطيع أن أتحامل على شخص أو على نفسي بسبب مثل هذه المفاهيم، فهذه المفاهيم المتعلّقة بمن نحب أو ما نعاصره ليست إلّا عرقلات في طريق العديد منّا نحو حياة كريمة.
أرسل أحد الشباب الذين يعيشون الآن في مخيم اللجوء في هولندا يقول :" أنا هاجرت ولي زوجة وأطفال في غزة، أنا كنت أشعر بالضياع، لا عمل لي، كنت آخذ مصروفنا من والدي، حاولت العمل، الفقر والبطالة تسيطر على كل شيء، قررت أن أهاجر، قررت أن أجهز الأوراق لأجل أن يأتي لي أولادي وزوجتي، وأتمنى ألا يأتوا بنفس الطريقة القاتلة التي وصلت بها، إنها مغامرة، وهلاك، ومخاطرة، ولو كنت الآن في غزة وعرفت الواقع هنا الآن لما هاجرت، ولكنني سأفكر في عمل شيء، أتمنى أن يعرف المسؤولين أننا ضحية الاحتلال والانقسام والدمار والحروب، لكننا نريد ان نعيش ".
الأفكار التي تنتقل للناس، وتتناقل بينهم في بيوتهم وأماكن تجمعاتهم كثيرة ومختلفة. “الهجرة المؤقتة”لها إمتداد إنساني وقد علمنا من خلال قراءاتنا في التاريخ، أن هجرات واسعة “إنتقال” قد تمت من مكان لآخر عبر عصور طويلة، بحيث تحولت “انتقلت” التجمعات البشرية من مكان لآخر، تحت تأثير عوامل مختلفة في أغلبها تخص “تحسين ظروف الحياة” سواء بالاستقرار حول الماء والزرع أو هروبا من الحروب والأوبئة والمتغيرات البيئية.
إن ما سبق هو المنطق الذي يمكننا الارتكاز عليه لفهم تلك “الظاهرة”، ولكننا اليوم وفي واقعنا نجد في السنوات الأخيرة قد “هاجر- تغرب – سافر –رحل” الناس الى البلاد البعيدة أو القريبة، وفي بعض ذلك السفر دواعي منطقية، وأخرى ترتبط بالخيال، أو التفكير في مستقبل مختلف بالتخيل، بعيدا عن منطقية القواعد في أبجدية الحصول على الاستقرار والوظيفة الآمنة والعمل بالشهادة او الخبرة المهنية، بل أن النتائج تبقى في علم المجهول، بحيث لا يمكن تعميم النجاح أو الفشل، التقدم أو التعثر، حتى الاستقرار بالحصول على الاقامة او الجنسية لا يخضع “مسبقا” لمدخلات واقعية معروفة، بل يترك لعامل الوقت وما يقال عنه النصيب أو متغيرات ما ..!؟
نعم يا مازن هذا صحيح، والكارثة فعلًا إذا ما اكتشفنا أن خطوتنا نحو الهجرة كانت مبنية على الخيال، فهذا الأمر محكوم عليه بالفشل بالتأكيد. لذلك أنا من أنصار التخطيط في أي شيء، حتى الهجرة، فالتعامل مع الهجرة يجب أن يتم تمامًا كالتعامل مع المشروعات الجديدة، عليه أن يكون في إطار خطة استراتيجية محكمة، بالإضافة إلى دراسة وافية لكافة الظروف المعيشية في البلد الذي نخطط للهجرة إليه، والمشروع الذي نعمل عليها لأنفسنا كي نتمكّن من تحقيق مسار حقيقي وفعلي في الخارج، لا أن نذهب للبحث عن فرصة جديدة لأن هذا من المستحيلات. يجب أن نكون ملمّين بمجال واحد للعمل على الأقل.
قد أبدو أكثر انفتاحا ...
الحدود هي مجرد خطوط وهمية رسمها الإنسان ... وبأغلب الاحيان رسمها الاقوى ...
لذالك أجد من بديهيات البشر هو الانتقال والسعي في بلاد الله الواسعة...
من الرائع أن يفكّر الإنسان بهذه الطريقة، وأنا لا أعترض على حديثك يا صديقي. لكن ما أود أن أضيفه في هذا الصدد أن المسألة لا تعتمد على مثل هذه الأمور داخل كل شخصٍ منّا، وإنما تتمثّل في مشكلات أكثر تعقيدًا لا نستطيع السيطرة عليها، فالمشكلات المتمثّلة في النوستالجيا ومرارة هجر الأحباء وتعلّق الإنسان بالأماكن، كلها معايير لا يمكننا أن نتعامل معها بالانفتاح نفسه، فالحزن سوف يصيبها نتيجة ذلك الهجر مهما كانت المفاهيم التي نؤمن بها.
التعليقات