يقال: إذا كان كل شيء في هذا العالم مثاليًا فلن يكون لدينا ما نفعله. لماذا نسعى جاهدين لتحقيق الكمال إذا كان لا يمكن تحقيقه؟
لماذا نسعى جاهدين لتحقيق الكمال إذا كان لا يمكن تحقيقه؟
بداية من منا ومن خلق الله بلا عيوب، سواء كانت خلقية او سلوكية او نفسية او تفاعلية؟
ولربما يعترض احد على ما اتحدث ولكن حتى نلتقي في طريق واحد مكتمل الجوانب في هذا المفهوم (الكمال) لا نختلف على ان لكل منا ظروفه وأهدافه وادواته ووسائله ولكن في كل مراحل البناء هناك خطة وتنفيذ وتقييم، فلا شيء يمكن ان يتقدم بدون تغذية راجعة وتقييم وفي الحقيقة هذا الشيء لسبب واحد انه لا يوجد الكمال في كل شيء سواء كان مادي او حسي؟
هل نسعى للكمال؟ وهل هذا هو المطلوب؟ لربما هذا هو العمل الإيجابي بدلا من الدخول في الجدلية! وفي كل الأحوال ان الشغف الذي يحفزنا هو الذي يأخذنا الى اكمال اعمالنا بالصورة الاحترافية وبل نسعى من اجل ذلك.
ان ذلك الشخص الذي يقع في حيرة من امره وهو يبحث عن الكمال لن يصل الى أي هدف وسيبقى في الدائرة المغلقة وفي التساؤلات التي لا تنتهي. وسيقوم بجلد نفسه ولومها في كل مرة والأسوأ انه سوف يخسر نفسه ويخسر ثقته في كل انجاز يقوم به؟
الانسان يمكن ان يكون الأفضل! ولكن ليس الاكمل ويمكن ان يصل الى الهدف المنشود ولكن يجب عليه الا يفكر في الكمال لانه ببساطه لن يصله مهما كان!
لكن أخ مازن الكثيرين يسعون للمظهر الكامل كما يعرفونه أو للعمل الكامل، لدرجة أنه يتحول لهوس أن يكون كل شيء مثاليًا من حولك ولديك، والرياح لا تجري بما تشتهي السفن كما نعلم، ما أقصده أنه لا يمكن إغفال هذه الحقيقة وسؤالي هو ما الدافع وراء هذا السعي المحموم للمثالية والكمال فيرى الأخ معتز أن هذا السعي يمثل دافع يولد الإرادة بشكل مستمر فما رأيك أنت؟
أرى أن هذا الأمر نابع من طبيعتنا البشرية، فهو شيء غريزي على أية حال لا يمكننا أن نتخطاه في بعض الأطر.
على سبيل المثال، قد نجد الكثير من هذه المظاهر في ترتيب الأشياء على الطاولة أو رغبتنا في إسداء النصائح للآخرين أو عملنا على التطور باستمرار على الرغم من أننا بشكل تقني لن تكون لنا الأسبقية في إتقان مهارة ما. لكننا نبحث دائما عن الكمال المستحيل، وهذا بالرغم من أنه قادر على التدمير، فإنه قادر على البناء أيضا، قادر على بناء درب مستقبلي واضح المعالم، صارم المعايير، يمنحنا الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها دائما. لذلك أرى أننا يجب أن نسعد بهذا الأمر، لأنه بالرغم من أننا لن نحقق هذا الكمال، لدينا القدرة على التطور ما حيينا.
حسب علماء النفس، إن الانسان تولد لديه هذه الشخصية من خلال الكبت المستمر والانتقاد اللانهائي في فترة طفولته، مما يجعله يعتقد أن ما يقوم به دائما خاطئ فيحاول جاهدا أن يسعى للكمال وعدم وجود أي خطأ لو صغير لكي يتجنب هذا النوع من الانتقاد والرفض
وحينما نرى رأي علماء النفس في الموضوع ثم نرى مجتمعنا في نظرة سريعة نرى أن مجتمعنا قائم دائما على التشكيك بمهارة الأفراد وكبتهم ونقدهم والخ فأصبح السعي نحو الكمال شعور عام في مجتمعنا
السعي نحو الكمالية يجب التخلص منه، يجب الاقتناع أن الفرد يتعلم من أخطاءه، ثم وبالعودة لعلماء النفس نرى أن الساعين للكمال دائما متوترون وقلقون ويعانون من مشكلة التسويف وهي مشكلة تولد خوفا من الناتج النهائي لأن النقد إيجابي أو سلبي سيكون اعتمادا عليه فيقوم الشخص بالتسويف.
كما أن السعي نحو الكمالية يجعل الشخص يركز على الأمور السلبية في حياته فقط لأنه يريد حياته مثالية، وهذا مستحيل
اذا...
لماذا نسعى جاهدين لتحقيق الكمال إذا كان لا يمكن تحقيقه؟
لأن طبيعة المجتمع جعلت الناس يخافون من الخطأ فيسعون نحو الكمال الدائم، وهذا يجعل الفرد محبطا لأنه وببساطة لن يصل للكمال مهما فعل
تحياتي...
لقد أشرت لنقطة مهمة، فالمعظم متفق أن السعي وراء الكمال يصبح مثل الوقود للإرادة والذي لا ينفد لأن الوصول مستحيل بطبيعة الحال.
لكن أنت ركزت في الدافع الذي يجعل الكثير من الأشخاص مهووسين تمامًا بالأمر، للحد الذي يمنعهم من الإقدام على أي عمل لأنه سيكون غير كامل مما يجعل من السعي نحو الكمال عائقًا لا ينتهي، كما أن السعي نحوه لا يجب أن يتعارض مع تقبل الأخطاء والعثرات، وإذا أصبح الشخص غير قادر على المضي والتقدم و التقبل إذن أصبح السعي نحو الكمال عقبة وله تأثير سلبي يجب التخلص منه دون إعارة اهتمام لما يراه الناس من حولنا
فعلياً نحن نسعى إلى الإقتراب من الكمال، وليس الكمال ذاته، وهناك الكثير من الأسباب التي تبرر ذلك ومن أهمها: الآباء المثاليون الذين يرغبون بأن يكون أبنائهم هم الأفضل بين أقرانهم من حيث التعليم والثقافة والسباحة والقراءة والمهارات الإبداعية والكثير غيرها، كذلك من جهة نفسية فإن هناك الكثير من الإضطرابات التي يعاني منها نسبة قليلة من البشر حول العالم، والتي تجعلهم يرغبون في الكمال بشدة ومنها الوسواس القهري، وبعض الإضطرابات العقلية الأخرى كالقلق والتوتر المستمر، وأيضاً عندما يكون هناك حب للشهرة والحصول على انتباه الجميع، والنجاحات المتعددة التي قد تأتي في فترات زمنية قليلة، فيرغب هذا الشخص بالارقاء أكثر، وسماع الانبهار من الجميع ممن حوله، بهذا الشكل تجد أن نسبة تقترب من 90% من البشر تسعى إلى الكمالية، وهم غير مدركين لذلك أيضاً، رغم شعورهم المستمر بالقلق والإحباط عندما يجدون بأنهم لا زالوا بعيدين خطوات كثيرة عن الكمال.
التعليقات