ثمة مثل يتداوله الكثير من الناس في عدة دول عربية، وهو "القرعة تتباهى بشعر بنت أختها".فلماذا نتباهي ونتفاخر بشيء لا يخصنا؟ لماذا الشخص الغير متعلّم يتفاخر بأخيه المتعلم؟ ولماذا الشخص الفقير يتباهى بأخيه الغني؟ ولماذا من لا يمتلك شكل جميل يتفاحر ويتباهي بشكل بأخيه الجميل وهكذا. تساؤلات جعلتني أطرح عليكم مثل هذا التساؤل. دعونا نتعرّف على الاسباب والمبررات التي تجعلنا ب نتفاخر بملك غيرنا؟
لماذا نتفاخر بملك غيرنا؟
أعتقد أن هذا من باب تغذية عقدة النقص التي تتكون بداخلنا فنحاول البحث عن مكملات في محيطنا.وقد نفشل حينا وننجح أحيانا.. لكن أظنها من النواقص أن تتفاخر بإنجازات غيرك في حين يبقى سجلك فارغا.. فالمرء بما قدم لا لمن انتسب
أعتقد أن هذا من باب تغذية عقدة النقص التي تتكون بداخلنا فنحاول البحث عن مكملات في محيطنا.وقد نفشل حينا وننجح أحيانا
برأيي أن هذا سبب منطقي
.. لكن أظنها من النواقص أن تتفاخر بإنجازات غيرك في حين يبقى سجلك فارغا.. فالمرء بما قدم لا لمن انتسب
ولكن بشكل عام سيشعر بالرضى القليل عن نفسه وعن حياته، أي نعم هو يفتخر بما لا يملكه ولكن على الأقل هو يحاول أن يتباهى أمام غيره بما يملكه معارفة. مجرد علاج موضعي مؤقت فقط. ولكن للاسف إن جلس بينه وبين نفسه، سيلوم نفسه بشكل كبير على هذا النقص.
في داخل الإنسان رغبة لا تُقاوم بأن يفتخر بشيء أو بشخص، سواء كان هذا الافتخار يستحق أو لا يستحق، ولعل هذا يفسر مثلاً ارتباط شخص بفريق رياضي يشجعه، فيتفاخر به وبلاعبيه وانتصاراته كما لو كانت تخصّه شخصيًا! أو لعله يتفاخر بأنه يعرف "فلان" أو يسكن بالقرب من علان.
يتولّد شعور الفخر نتيجة ارتباطنا بالشخص الذي نفتخر به، فالأم تفتخر بإنجاز ابنها مثلًا، وشعور الفخر أحد المشاعر الإيجابية، ولكن علينا التفريق بينه وبين التباهي، فالتباهي بإنجاز لست صاحبه وليس لك الفضل فيه، يتأتى عن محاولة تغطية عيوبك ومحاولة إظهار إنجاز معين نتيجة افتقارك للإنجازات التي يتم تقديرها من الآخرين، وهذا لا ينطبق على إنجازات الآخرين، بل ينطبق على الإنجازات التي لا نبذل جهد في تحصيلها مثل الجمال الذي خلقنا به، واللون، والنسب واسم العائلة، فالتباهي بهذه الأمور إنما يدا على فراغ المتباهي للحد الذي يجعله يرتكز على أمور لا يد له فيها
بالتأكيد هذا شق يمكن طرحه في هذا الأمر يا زينة. لكنني أرى أن الأمر لا يعتمد كليًا عليه، بل أنه في معظم الأحيان قد يكون سبب هامشي، حيث أنني أرى أن النصيب الأكبر من التفسير يعود إلى الشعور بإنقاص قيمة الشخص لنفسه من جهة -جانب سلبي- ويعود في أوضاع أخرى إلى محبة الشخص للآخر وفخره الحقيقي به من جهة أخرى -جانب إيجابي- وبالتالي فأنا لا أجد من ذلك سوى أننا في هذا الصدد لا يمكننا أن نعزوها إلى المحبة والعلاقة المترابطة كسبب رئيسي.
ولماذا من لا يمتلك شكل جميل يتفاحر ويتباهي بشكل بأخيه الجميل وهكذا.
لأن هذا يزيدنا فخراً فكل نجاح وامتياز لللمقربين لنا يعتبر نجاح لنا، ولأن هذا أعتقد أنه يحجب الناس عن التركيز مع عيوبنا، فعندما نتكلم عن ميزات أخوتنا وأقاربنا وكأننا نتكلم عن نفسنا... عن نفسي عندما أتطرق بالكلام عن محاسن أحدهم أشعر أن ذلك تلميح مني للمستمع أنني أيضاً جيدة بقدر هذا القريب. أتذكر مسرحية "موعد مع الوزير" للقدير سمير غانم، عندما علم الناس أن الوزير قريبه أصبحوا يعاملونه وكأنه هو الوزير.. هي خير مثال على ذلك.
انه شعور الاحترام للذات وصنع للقيمة الشخصية وربما الشعور بالرضا لانجازات الاخرين بالتالي هو ترجمة للاحاسيس الداخلية للانسان التي تترجم الى فعل وسلوك.
الشعور بالمباهات او التفاخر بالغير يقسم وفقا لدرجة القرابة او الحميمة .. فمثلا تباهي الاب بابنه او ابنته او زوجته او اخيه يختلف في معناه ومنطلقات ومبرراته عن المباهاة بشخص غريب. لكن ربما هي مباهاة حقيقة لا تصنع فيها وتترجم عدم وجود فجوة في نفسية الفرد تجاه اي فرد في المجتمع (نجاحك نجاحي !)
هو الإنسان بطبيعته هكذا لابد أن يجد شيئاً يفاخر به ولو لم يكن له يد فيه، يمكنه المفاخرة بالتراب الذي يمشي عليه لا مشكلة الأهم أن يغذي هذه الطبيعة الإستعراضية التي يملكها حتى الشبع، ولن يشبع !
ولكن ألا يوجد سبب منطقي يجعله يتفاخر بذلك. ربما تقوى الكثير منا في نفس المركب. نشعر بأننا بحاجة حقا لان نتفاخر بأحبائنا ومن هم قريبين على قلبنا؟
نشعر بأننا بحاجة حقا لان نتفاخر بأحبائنا ومن هم قريبين على قلبنا؟
التفاخر بالأحبة في كثير من الأحيان يكون نابع من حبنا لهم ولرؤيتهم في أفضل المناصب والأحوال، فعندما أفخر بنجاح أختي فأنا لا أفخر من باب الإستعراض والتباهي بل من باب الخير لها، وهذا ما يفسر ترافق كلمة "أنا فخور بك" بدمعة فرح تسيل مؤكدة على هذا الشعور .
أما بالنسبة للسبب المنطقي الذي يجعلنا نميل إلى التفاخر فأعتقد أن لعلم النفس تفسير لهذه الحالة المتفشية والشائعة فينا بكثرة ولعلني لم أطلّع كثيراً حول هذا الأمر، ربما خبراء حسوب النفسيين باستطاعتهم تقديم اجابة منطقية وعلمية أكثر .
التعليقات