هل ندمت يوما لأنك اعترفت أكثر مما ينبغي؟

هل سبق أن ندمتم على أشياء بحتم بها يوما؟ وكيف تربّون أنفسكم على الصمت؟

دائمًا أذكر نفسي بالمثل القائل إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.

بالطبع لا يجب أن يكون المرء صفحة مفتوحة لمن حوله لأن كلامه قد يؤخذ عليه وإن كان سليم النية، ولذا فعلينا دائمًا أن نحسن اختيار كلامنا حسب المجلس الذي نحن فيه، ومدى استيعاب الأشخاص، ودرجة قربهم، الفضفضة لا يجب أن تكون مع عموم الناس، إنها نشاط لابد منه، ولكن يجب أن نخص به الأشخاص المقربين والدائرة الصغيرة المحيطة بنا، مع أنني شخص صريح جدًا في حياتي و أفضّلأ الصدق، إلأا أنني لا أتحدث كثيرًا، وأفضّل الجلوس مع شخص واحد ةفي الجلسة الواحدة، لأن هذا يجعلك تطرح كلام مناسب لشخص واحد وبالتالي تكون صادقًا وصريحًا دون أن تضر نفسك ولا من حولك.

المشكلة المحزنة التي يعاني منها من يبوح بأسراره أكثر من اللازم، هي رفيق المجلس، عدم الإختيار السليم لمن نبوح له بما نشعر به؛ عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يُحذيك – يعطيك - وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة" . رواه البخاري

هل سبق أن ندمتم على أشياء بحتم بها يوما؟ وكيف تربّون أنفسكم على الصمت؟

نعم حدث هذا من قبل، وأندم علي هذا الآن، ولكن لن تحدث مرة أخري، فنحن نتعلم كيفية الإختيار ومتي نتكلم ومتي لا.

مررت بموقف شبيه بالأمس، المعروف عني أنني شخصية عفوية وصريحة ولكن مع الأسف قد لا أتمكن أحيانًا من ضبط تلك العفوية بحيث أخفيها عن بعض الناس. أشعر وكأن العالم كله جيد وبالتالي لن يساء فهم عفويتي الغير مضرة لأي أحد، إلا أن الأمور لا تسير على هذا المنوال. المواقف التي أمر بها مع بعض الأشخاص تجعلني أتيقن أن بعض الناس إما أن نتعامل معهم بالصمت أو بالمدح، ولكن لا ينبغي قول الكلام الصحيح طالما أنه سيخالف هواهم.

وكيف تربّون أنفسكم على الصمت؟

لدي تجربة غريبة نوعًا ما وهي أني أكتب ما أود البوح به، ببساطة أبوح لقلمي بكل ما بداخلي وبالتالي قد لا أحتاج إلى الكلام مع الكثير من الأشخاص إلا الأقربين فحسب.

لم أندم يومًا على الاعتراف بشيء، فعلى الرغم من أننا لا يجب أن نقول كل ما نعرفه، فإن الاعتراف بأي شيء حبيس النفس أيًّا كانت طبيعته يعتبر انفراجًا ما بعده انفراج، ويسري ذلك بالنسبة إليّ على العديد من أنواع الاعترافات، كالاعتراف بالحب أو الخطأ أو الحقيقة، أو أي شيء من هذا القبيل. المسألة برمّتها، وإن ساقت الأحداث إلى شيء سلبي، تعد أحد السلوكيات الأكثر راحة في الحياة، فهي توفّر علينا عناء الاحتقان النفسي وتخلّصنا من الأحمال التي نكبتها في صدورنا. وعليه، فإن هذا الشعور لا يجب أن نندم عليه مهما حدث.

كنت في البداية أخاف من الفضفضة والاعتراف، خاصة عندما حدث موقف ذات مرة، بعد فضفضة عابرة ...، وقال الطرف الآخر أنني شخص طيب جيد ولا يمكنني أذية الآخرين لذلك تمت مصادقتي، بمعنى لا تخاف من أن أؤذيها وسهل عليها إيذائي، وتحججت أنها تمزح وآذتني بالفعل.

لكن الآن لم أعد أخاف ولا أندم، أعترف بهدف الراحة وأفصفض، وربما أتكلم عن أسوء مخاوفي وأشير لأعمق نقاط عدم الأمان في داخلي ولا أبالي.

مع أنني من الأشخاص التي لا تبوح كثيرًا بما لديها إلا أنه أحيانًا العفوية في طريقة حديثي مع بعض الأشخاص قد تغلبني المشكلة أن الندم لا ينتابني إلا بعد البوح بما في قلبي وبعد مرور من الوقت على بوحي للآخرين، فعندما أنظر للمرآة أتذكر أنه من الخطأ أنني قمت بالفضفضة لفلان وأحيانًا الندم ينتابني عند الخلود إلى فراش النوم ووضع رأسي على الوسادة.

هل سبق أن ندمتم على أشياء بحتم بها يوما؟ وكيف تربّون أنفسكم على الصمت؟

لا أتذكر أنني ندمت على أشياء بحت بها على الأقل مؤخرًا. لكن قبل سنة تقريبًا ندمتُ على بوحي لصديقتي عن موضوع معين ومن بعد ذلك وجدت أن اركتب أكبر خطأ عندما هذا القريب بالخطأ أخبر بعض الأشخاص عن بوحي له.

كيف تربّون أنفسكم على الصمت؟

أفضل شيء بالنسبة لي هو التجاهل، أيضًا كثيرًا ما أشعر بالرضا أن تواصلي مع الأقارب والأصدقاء وكل من يحتك بي قليلًا جدًا.

هل سبق أن ندمتم على أشياء بحتم بها يوما؟

إنني شخصية محاطة بأسوار عالية و لست ممن يبوحون على الإطلاق ، لا أعتقد أن السبب في ذلك هو أنني بالغت في البوح و تعرضت للخذلان و لكن السبب هو أنني لا أعرف التعبير عما أشعر به ، أعتقد أنني أفشل من يبوح في هذا الوجود و إذا فكرت يوماً أن أبوح لأحد فلن يفهم شيئاً و هذا ما مررت به عدة مرات حتى توقفت تماماً عن المحاولة لمن لا يفهمني و توجهت إلى من يعلم ما بي حتى و إن لم أبُح به .. توجهت لرب العباد ، و أشعر بالحرية الآن .

 وكيف تربّون أنفسكم على الصمت؟

بالدعاء و الحديث مع الله ، ثم ألجأ للكتابة فهي وسيلة رائعة جداً لتخفيف ثقل المشاعر و الأفكار ، كما أنني أحدّث نفسي و أناقشها -إن كان جنوناً فماذا أسمي هذه الحياة ؟- .

هل سبق أن ندمتم على أشياء بحتم بها يوما؟

فعلياً أنا شخصية سيئة جداً بالحديث عني أو عن أمور حياتي.. لا أجيد ذلك ولا أعرفه.. لذلك لم يحدث أن ندمت أنني خصصت أحداً بخبر ما لأنني لم أفعل ذلك.

لكن ربما أكون -ولا أقول ندمت بقدر ما هو تعلّمت- حيث أنّني أعرفني جيداً.. شخصية بقدر ما أجيد استفزاز المحيطين بي فإنني سهلة الاستفزاز جداً، أقل تصرّف خاطئ قد يثير حفيظتي ويقلب مزاجي كلياً فأصبح حادّة نوعاً ما، وهذا الأمر كنتُ أخبره للأصدقاء حتى لا يحاول أحدهم افتعال أمر أمامي يجعل ردة فعلي تضايقه..

المؤسف أنّ بعض منهم استغل هذا الأمر بشكلٍ كبير فكان ردات فعلي عليهم حادّة جداً..

لكنني لم أندم.. فقد عرفت أن أكبر الأخطاء أن تهدي الآخرين عيوبك وإن كنتَ تظنهم مقرّبين لديك..

وكيف تربّون أنفسكم على الصمت؟

فقط أقول في نفسي ما القيمة المضافة التي ستنعكس حين أقول هذا الأمر؟ إن لم أرى قيمة مضافة له للشخص المقابل لا أقوم أبداً بقوله أو فعله.

هذا محتوى توجيهي مهم جدا وارى انه مهم للغاية بحيث نحظر من الحديث المجاني والفضفضة التي تعود عليها بالسلب او حتى بالمشاكل. وكما يجب الا نضع ثقتنا الكاملة في اي شخص يحسن الاستماع لنا ثم يتصرف بما فضفضنا له إما بالاساءة لنا او بسرقة افكارنا واعمالنا واخذ السبق فيها وبالتالي نندم على ما فعلنا!

ان خير الأمور الوسط وعلى الانسان العاقل الا يعتقد ان الطيبة هي الفضفضة بل هي الحكمة والقدرة على قياس الأمور والتوازن في كل شيء مع الغير وليس كل ما يسمع يقال وليس كل ما لدينا يجب ان نقوم بتفريغه لغيرها وقيل القرش الابيض ينفع في اليوم الأسود لذا علينا ان نبقي في داخلنا كل ما نعتقد انه يجب ان نحتفظ به والا نبوح لغيرها باي تفاصيل فيه كي لا نندم يوم لا ينفع الندم.

نعم في احدى المرات كنت اتحدث مع زميل ثقة لي في نفس دائرتي حول خطة تنقلات بين الموظفين وهي خطة نبتغي منها الرقي الامور التدريبية ونقل المعرفة والتجارب بين الموظفين. لقد كان منصتا بطريقة غريبة حقا جعلتني اعتقد انه مستمع جيد لي، فبدأت بشرح كيف سننتقل من قسم لقسم وبل الأسوا حين كنت اذكر له الاسماء والتي ننوى ان نقوم بعملية التبديل فيما بينها ونقلها من اماكنها.

في صباح اليوم التالي، كانت الدائرة تشتعل، لم تكن الأمور كما يجب، شعرت ان هناك شيئا خطأً في الأمر. توقعت أنه بالفعل تم تسريب شيء ما وخاصة ان بعض الموظفين المستهدفين كانوا يتصرفوا تصرفات غريبة وغير معهودة.

طلبت الشخص الذي فضفضت له واستدرجته عن حالة الموظفين ولماذا هم كذلك في غير عادتهم، قال لي محتبس في كلماته ومقتضب انه اراد ان يعمل اختبار لرد الفعل بين الموظفين وبقيت استمع له حتى النهاية. وهنا خرجت مني ضحكة عالية جدا اردت بها معالجة الأمر بصورة مغايرة تماما. وقلت له ولكنني كنت اختبرك انت ولم اكن انوي ابدا اجراء عملية التنقل بين الموظفين وان قرارا سوف يصلك خلال 10 دقائق وسيوزع في الدائرة وسوف تنقل الى قسم آخر خارج الدائرة لتدريب الموظفين هناك لمدة عام!

هذه من بين المشاكل التي اعاني منها، واندم عليها مرارا وتكرارا العفوية الزائدة، البوح الزائد ومعرفة اشخاص عوالمنا الصغيرة والتفاصيل الدقيقة عنا قد يكون سلاحا يتخذه يوما ليهاجمنا به، ولو كان هذا التصرف يعبر عن معدن الشخص و عدم تحليه بأمانة المجلس، الا ان الخطأ الاول يعود لنا، كنا عفويين اكثر من المطلوب.