في كثير من الأحيان يصعب علينا وضع حدود بين حياة العمل والحياة الشخصية، ولا يتعلق بالأمر بالإفراط في العمل على حساب حياتنا الشخصي فحسب، بل أيضا على صعيد العلاقات، كيف ستمنع تداخل علاقات العمل مع العلاقات الشخصية، وإذا كنت مديرا كيف ستفصل بين التعامل مع زملائك أثناء العمل، وبين التعامل معهم خارج نطاق العمل؟
كيف تضع حدود واضحة بين حياتك المهنية والشخصية؟
كيف ستمنع تداخل علاقات العمل مع العلاقات الشخصية، وإذا كنت مديرا كيف ستفصل بين التعامل مع زملائك أثناء العمل، وبين التعامل معهم خارج نطاق العمل؟
هناك شكاوي عديدة من ازدواجية المهام في العمل، وهي في الغالب تؤثر على العلاقات بين الموظفين، وهذه الأمور يمكن تفاديها من خلال تحديد المهام ومنع التداخل. ولكن ماذا عن التداخل بين علاقات العمل مع العلاقات الشخصية بين الموظفين او كيف يمكننا وضع حدودا للعلاقة بيني كمدير وبين الزملاء على صعيد العلاقات الاجتماعية او بإختصار (الأمور الشخصية والخاصة).
حسناً، في كل كلتا الحالتين سواء تعاملت مع زملائي كموظف زميل او مدير لهم، فيجب ان التواصل بصورة ايجابية مع كل زميل والانفتاح المعرفي وتبادل الخبرات والتجارب والمشاركة في اللقاءات العملية التي تنظمها بيئة العمل أو يتم تنظيمها بيني وبين الموظفين كرحلات عمل او غير ذلك، وهنا يجب الحذر بعدم الخلط بين الرحلات الوظيفية والتداخل الاجتماعي مع أفراد الأسرة.
فمن المفيد ضمان التواصل والتعاون الفعالان بين الموظفين ومشاركتي معهم كمدير يعتبر جانب من البيئة الايجابية والرفاهية في العمل للموظفين وتكريما لهم وبهذا تتحول الرحلة الى جانب عملي اجتماعي هادف يخص بيئة العمل فقط ويجب التداخل بين بيئة العمل وبيئة البيت.
نظرًا لأنك ربما تقضي وقتًا أطول مع زملائك في العمل أكثر من أي شخص آخر ، فمن الضروري أن تكون لديك ، على الأقل ، علاقة جيدة معهم. فالعلاقات المتناغمة في مكان العمل يمكن أن تجعل الذهاب إلى العمل متعة. وفي نفس الوقت بجانب تبادل الاحترام مع الزملاء فليس عليك أن تكون صديقًا لجميع زملائك ، ولكن يجب أن تظهر الاحترام لهم. والطريقة الأساسية للقيام بذلك هي تجنب القيام بأشياء مسيئة وهذا ربما أهم دور لي كمدير لهم.
أحيانًا يصبح الزملاء أصدقاء ، على الأقل أثناء العمل. إنه لأمر رائع أن تكون مرتاحًا تمامًا معهم ، لكن احذر من الشعور بالراحة لدرجة أنك لا تعتقد أن أي مواضيع يجب أن تكون خارج الحدود. يمكن لبعض المواضيع أن تسبب الإحراج ولذلك يجب تجنبها. ومنها الحديث في الأمور الشخصية او الانفتاح على موضوعات حساسة قد تفتح بسبب التآلف بين الموظفين ولكنها تحدث نتائج وخيمة وتسبب الكثير من الازعاج والحساسية لاحقا.
ومن خلال تجربتي في العمل على مدار أكثر من عشرين عاما، عملت على اختيار أفضل الاصدقاء لي في العمل، ولكنهم ليسوا أصدقاء لعائلتي. فهو اصدقاء في بيئة العمل ويمكن مشاركتهم في امور عامة اجتماعية ولكن لا يمكن نقل أمور اجتماعية حساسة لهم. فمجرد مشاركتهم يعني اهتزاز صورتي وضعفي أمامهم .
وكذلك تعودت عند إجراء مكالمات هاتفية ، سواء كانت مكالمات شخصية على هاتفي الخلوي أو مكالمات متعلقة بالوظيفة في مكتبي ، ألا أشتت انتباه أي شخص يحاول العمل. وأحافظ على صوتي منخفضًا وأقم بإجراء محادثات شخصية على انفراد.
فمجرد مشاركتهم يعني اهتزاز صورتي وضعفي أمامهم
لماذا ترى هذا الأمر، ألا يمكن أن نرى مثلا ان مشاركتك للأمور الشخصية قد توطد العلاقة أكثر وأكثر؟
حكى لي أحد الأشخاص مشكلة ما، وهو أنه كان لديه أصدقاء مقربون في العمل، هم أصدقاء داخل وخارج العمل، ثم أصبح هذا الشخص مديرا عليهم، ويقول أنه واجه صعوبة في جعلهم منضبطين، فقد كانوا يتهاونون في العمل كون المدير صديقهم، فهو في هذه الحالة إما يتعامل معهم بصورة رسمية ويخسرهم كأصدقاء، أو يتجاهل تقصيرهم في العمل، كيف يمكنه أن يعلمهم الفصل بين الصداقة والعمل؟
امتلاك الشخص المهارات والصفات القيادية او الادارية تمكنه من التعامل مع الشخصيات المختلفة والفيصل فيما تفضلت به هو مدى التزام المدير الأول (صديقهم) بالاستقلالية والعدالة والمهنية في العمل. فان كان حقا مهنيا فإنني كمدير يمكنني مباشرة الاجتماع مع (الزملاء) وتوضيح لهم ان المؤسسة عبارة عن علاقات عمل وجميل ان يكون فيها علاقات اجتماعية من ضمن رفاهية بيئة العمل وانني سوف اتعامل معهم بصورة عادلة واحافظ على امانة رفع مستوى الاداء والانتاجية في العمل.
وكما في وقت ما في حال عدم استجابتهم، يمكنني تعريض اي شخص منهم لمساءلة مضبوطة النتائج الهدف منها وضع حدودا وانضباطا بين الجميع.
التعامل معهم بهذا الحزم ربما سيجعلك تخسرهم كأصدقاء، وستصبح فقط مديرهم.
هناك سؤال خطر على بالي الان، إذا أردت أن أفتتح شركة؟ هل من الحكمة أن أجعل الموظفين من أقربائي وأصدقائي؟ أم أن هذا سيجعل بيئة العمل أقرب للمنزل أو لجلسة عائلية؟
يوجد في عالم الاعمال ما يسمى بالشركات العائلية وهي تتكون من الأقرباء او الاسرة الواحدة وهي تخضع لمعايير وانظمة خاصة حتى ان كثير من رسائل الماجستير والدكتوراة قد بحثت فيها كثيرا.
قد تكون الشركات العائلية ناجحة جدا ولكن في حال فكرت انت في ان توظف اقرباء لك لمجرد العلاقة بينكم فلتكن الامور واضحة من البداية لهم ان العمل عمل وان النظام العائلي يكون خارج بيئة العمل والا تسمح بان يؤثر وجودهم على علاقتك بغيرهم او العكس
بالطبع أحمد تنظيم جدولنا اليومي من أهم الركائز التي اعتمد عليها في الموازنة بين حياتي الخاصة وبين عملي. النوم مبكرًا والاستقاظ بشكل مبكر من العادات التي اتبعها في حياتي منذ صغري. حيث استيقظ مبكرا، أقوم ببعض الطقوس، أتناول أيضًا وجبة الفطور، ثم تبدأ الساعة الثامنة وهكذا يكوني يومي.
البريد الالكتروني لا أتصفحه سوى مرتين خلال اليوم، مرة صباحصا ومرة مساء.
عندما ينتهي دوام عملي، أحاول أن أقوم ببعض بعض الأشياء الخارجة عن نطاق العمل، أشاهد فيلم ما، هناك دورات عبر اليوتيوب أشاهدها. أيضًا إن كان لدي لقاء مع الأصدقاء أو الأقارب أشارك به وهكذا
تعلمت مع الوقت أن أفضل ما يمكنك فعله للفصل بين حياتك العملية و الشخصية ، هو الابتعاد قدر الإمكان عن الحديث مع أي شخصٍ في العمل في مواضيع خارج نطاق عملكما المشترك ( و الجو طبعاً فالأحاديث التي تصف تغيرات الأحوال الجوية تسيطر على هكذا علاقات ! ) ، إبقاء الحديث موضوعيا من دون تفاصيل شخصية يبقي حدوداً تفصل بها بين علاقاتك في العمل و خارجه ، و إن كانت مع نفس الأشخاص ، أي التفاهم المسبق بعدم التكلم في ما لا يخص الشغل و تأجيله إلى فترة ما بعد الدوام .
أهلاً أحمد،
منذ خمسة أشهر قمتُ بنقل زميلة لنا بالعمل من مديريتي لمديرية أخرى.
هذه الزميلة تربطني بها صداقة جيدة خارج إطار العمل، وهي تعلم كما يعلم جميع موظفيني خطوطي الحمراء بالعمل والتي لا يمكنني أن أغفر فيها وقد تجاوزتها زميلتي تلك.
اليوم هي تراني عدوتها، وأراها زميلة أكن لها الاحترام برغم كلّ شئ.
ولطالما رددت على مشاكل موظفيني، أحلّ لكم مشاكلكم بالعمل، مشاكلكم المبنية على ارتباط شخصي مسألة تخصكم قد أتدخل فيها برضا الطرفين لكنني لست ملزمة بحلّها.
كما أخبرهم دوماً بأنّ الحدود جيدة، لأنها لا تكسر الاحترام الذي قد تخلقه المشاكل الشخصية.
طريقة الفصل في العلاقات ببساطة لدي تكمن في إداركي الحدّ الذي تنتهي عنده صلاحياتي مع سواي، وصلاحياته معي.
وإن حدث وحاول أحدهم الاقتراب أكثر من لزوم العمل تكون إجاباتي مقتضبة، جامدة، لا تحمل أية شروحات، ولا أمانع أبداً بقول: الأمر لا يخصك لأنهي النقاش، أو هو أمر لا يعنيك.
أعتقد أن الحزم والوضوح فيما هو مقبول بالنسبة لك وما هو غير مقبول يختصر الكثير من سوء الفهم الذي قد يقع فيه الكثيرين، ولذا كن صريحًا إذا صدر أي موقف غير محبب أومناسب تجاهك من قبل زميل في العمل وقم بإخباره أن التصرف س غير مناسب لك، مع مرور الوقت يدرك من هم حولك جدود العمل، كما أنني أجد أن كثيرًأ من المدراء الجيدين يقعون ضحية الأحراجات التي يتسبب بها العاملين مما يقلل من جودة العمل وقد يسبب تأخيرات، لذلك فأنا دائمًا أرى أن القواعد المكتوبة، مهمة جدًا لأنها تمنح العامل أو الزميل دائمًا خطوط عريضة فيما هو مسموح وغير مسموح، وكما ذكرت أن الوضوح والحزم هما المفتاح الذي يمكنك من إرساء الحدود التي تناسبك مع الآخرين دون الإخلال بطيب علاقتك بهم.
في كثير من الأحيان يصعب علينا وضع حدود بين حياة العمل والحياة الشخصية
بالنسبة لي مازلت لم أتعلم كيف أضع الحدود، خاصة أنني شخص غير صارم بطبعي، وكم أتمنى أن أصبح مثل أولئك الصارمين الحازمين، الذين يكونون في غاية القوة في اتخاذ قرارات تحتاج حزم وعدم تراجع عن القرار.
بالنسبة للعمل حاليا، عملي لم يفرض علي وضع حدود بمعنى لم أوضع في الموضوع لأرى نفسي كيف أتصرف، لذلك أتمنى أن أجد طريقة لأكتسب تلك الصرامة قبل أن يفرض علي الواقع التصرف.
ماذا تقترح علي أحمد من تجربتك؟
في الحقيقة لا يمكنني إعطائك نصيحة محددة، فأنا صارم وتعاملي جاد ورسمي بطبيعتي، أعتقد أنني ولدت هكذا لذلك لا أعلم كيف يتم اكتساب هذه المهارة، لكي احب جدا أن أتعامل بشكل رسمي، ولكن بشكل عام يمكنك أخذ الأمر بالتدرج، ابدأي بوضح حدود واضحة وصريحة، حتى إن تجاوزها البعض في البداية مع إصرارك عليها سيحترمونك في النهاية.
التعليقات