هل الغيرة الشديدة من أعراض التعلق المرضي؟

هذا النوع من التعلق بين الفتيات شائع جدا خصوصا الشابات بمقتبل العمر وأنا أراه أمرا عاديا, لا يمكن أن نحكم على المسألة بأنها مرض, لأن لها علاقة بالمجتمع الشرقي بشكل كبير وأسلوب تنشئة الفتيات ونفسيتهن المختلفة عن الذكور.

يمكن أن يتم تشخيص هذا التعلق على أنه عرض من أعراض اضطراب نفسي ما في حال كان هذا السلوك مقترنا بأعراض أخرى, وكان سلوكا ملازما لهذه الفتاة حتى بعد تجاوزها سن المراهقة وسنوات الشباب الأولى.

مثلا اضطراب الشخصية الحدية, وهو اضطراب يصيب النساء أكثر من الرجال وتتميز شخصيته بهذا التعلق المرضي بالآخرين, اضطراب الشخصية الدرامية تتميز بهذا التعلق والخوف من الفقد, لأنها ترغب في أن تكون محط اهتمام الآخرين جل الوقت, واضطرابات نفسية أخرى ...

أيضا لا ننسى احتمال المثلية الجنسية, فعديد من الأشخاص هم مثليون يكنون مشاعر الحب لنفس جنسهم ولكنهم لا يبوحون بهذا بكل تأكيد, فتبدو تصرفاتهم كتصرفات العشاق الغريبة التي لا يمكن تفسيرها بشكل منطقي من الطرف الآخر.

لا أقول أن هذه الفتاة صديقتك مضطرية نفسيا أو مثلية, أنا أتحدث بشكل عام, وعلى الأرجح هي مجرد فتاة عادية تتصرف كأغلب الفتيات الشابات الشرقيات.

أختي كانت لديها صديقة متعلقة بها بشدة، وقد انتهى الأمر بأنها فقدتها بسبب الخلافات.

أعتقد أن الأمر نابع من عدم توازن وفقدان الثقة بالنفس، الإهتزاز النفسي.

لا أعتقد أن الصديقات يحتجن الغيرة الشديدة، بل لا أظن أنهن يحتجن إليها أساسا في الصداقة.

بخلاف العلاقات العاطفية التي تكون الغيرة المتوازنة مهمة.

كما لا ننسى أن هناك أمراض نفسية قد تؤدي بالفرد لمثل هذه التصرفات، كالوسواس القهري وغيره.

تأكدي انها لا تعاني من أي من هذا الإضطرابات حتى لا تظلميها، حاولي إخبارها ان هذا يؤذيك، ثم إن لم تفهم ولم تستطيعي الإكمال فيمكنك التوقف عن مصاحبتها.

الغيرة بشكل عام صفة يتشاركها العديد والعديد من الأشخاص. وفي الإطار نفسه، فإنني دائمًا ما أرى ملازمة غير مبررة بين الغيرة والمرأة في مجتمعنا العربي، على الرغم من أن المسألة إنسانية بشكل عام لا يمكننا أن نحصرها على الإناث دون ألّا تشمل الذكور، فهي رد فعل إنساني لا يمكن تخطيه مع الشخص سواء كان رجلًا أو امرأة.

وعلى صعيد التعلق، فأنا أرى أن التعلق المرضي لا علاقي له بالغيرة. لكن الغيرة كي نكون على درجة من الدقة تعد أحد أبرز الآثار الجانبية للتعلق المرضي، لكن وجود أحدهما لا يلزم بوجود الآخر.

تشمل العلامات التي تشير إلى اضطرابات التعلق

•     الغيرة الشديدة بين الصديقات علامة مرضية
• التنمر أو إيذاء الآخرين
•    التشبث الشديد
•    عدم الابتسام
•    نوبات غضب شديدة
•    قلة التواصل البصري
•    عدم الخوف من الغرباء
•    قلة المودة لمقدمي الرعاية
•    السلوكيات المعارضة
•    ضعف السيطرة على الاندفاع
•    سلوكيات التدمير الذاتي
•    مشاهدة الآخرين يلعبون ولكنهم يرفضون الانضمام
•    الحالة المزاجية المنعزلة أو الراكدة

وأهم جانب علاجي يتضمن:

   العلاج النفسي: يركز العلاج النفسي لاضطرابات التعلق على تحديد مجالات المشاكل وتقليل السلوكيات الإشكالية. يمكن القيام بذلك بشكل فردي مع معالج ، ولكنه قد يشمل أيضًا مقدمي الرعاية الصحية والنفسية أيضًا.

   التدريب على المهارات الاجتماعية: يمكن أن يساعد تطوير المهارات الاجتماعية على تعلم كيفية التفاعل بشكل أفضل مع الآخرين قد تمارس هذه المهارات مع المعالجين ومقدمي الرعاية  الصحية والنفسية للمساعدة في اكتساب الثقة والخبرة.

   العلاج الأسري: قد يساعد العلاج الأسري ومقدمي الرعاية الصحية والنفسية وأفراد الأسرة الآخرين على تعلم طرق جديدة للتفاعل والاستجابة.

 يمكن أن يساعد علاج الصحة العقلية الذي يشمل مقدمي الرعاية الصحية والنفسية على تعلم تطوير مرفقات أكثر أمانًا. يجب أيضًا معالجة الحالات المرضية.

شخصيا، أرى أن وجود الغيرة بين الطرفين أمر محمود، وهو مؤشر يظهر مدى إهتمام الطرف بالأخر، حتى الله سبحانه وتعالى يغار علينا، وحتى في قصص الأنبياء موجودة الغيرة، مثلا نبينا المصطفى في إحدى قصصه مع أمنا عائشة، عندما جاءت أحد زوجات النبي لتجلب له العشاء، وإستقبلتها عائشة وحاولت بعدها أن تسقط الرغيف، رسولنا قال "أمنا تغير"، لذلك وقتها لم يرى في الغيرة عيبا أو تصرفا سيئا.

في رأيكم وحسب تجاربكم ماهي علامات التعلق المرضي؟ وهل الغيرة الشديدة بين الصديقات علامة مرضية؟

لا أرى بأن الغيرة علامات التعلق المرضي، ولكن الحسد أمر مشين يراد به زوال نعمة من صديقة ما ويصبح ملكُ لها، لكن سواء كانت غيرة أم حسد أرى أن لابد للعلاقات لابد أن يرسم لها حدودا وإلا حدث ما لم يكن في الحسبان يوما.

لقد ذكّرتيني بإحداهن دليلة..

كانت صديقة الطفولة حين كنّا بالمرحلة الابتدائية، ثم تزوجت وهي صغيرة وانقطعنا،

قبل عامين راسلتني على هاتفي وأعلمتني بشخصها فتذكرتها، وأخبرتني أنّ لها سنيناً تحاول الوصول لرقم هاتفي حتى عادت لكلّ صديقات الطفولة آملة أن تكون إحداهن على تواصل مستمر معي، وقد قدّرت لها ذلك جداً.

لكن الأمر أصبح خانقاً، أشعر طيلة الوقت أنني مراقبة، إن كنت متصلاً على واتساب، أو أنزلت منشوراً على فيسبوك، أو كتبت حالة لي، أو مدحت شخصاً أو كتبت لصديقة على موقع تواصل، أرى الرسائل منها تباعاً.

تفاصيل حياتها وأولادها تقحمني فيها، تظهر التعاطف المبالغ فيه أو الخوف الشديد أو التخوف علي من الآخرين، وكأنني طفلتها الصغيرة غير الناضجة التي يجب إغلاق الأبواب والنوافذ عنها.

حتى هنا كنت أبرّر أفعالها أنها ربما بلا أصدقاء وتحتاج لشخص يكون قريباً منها، لذلك كنت أتعمد عدم الردّ المباشر عليها لأجعلها توازن في ذلك الهجوم المفرط من الاهتمام.

ثمّ بدأت تحاول التعرف على أصدقائي وعائلتي فتعرفت عليهم جميعاً بمن فيهم أمي، وبعلاقتها معهم جميعاً تسألهم كيف أقضي يومي أو ماذا أحب أو أكره، أو أيّ تفاصيل تخصني، حينها بدأت أتضايق وصرت أتجاهل رسائلها أو محاولة الاتصال بي، وقلت علّها تفهم أنها تخنقني.

ثمّ صارت تفاجئني بزيارات شبه يومية للبيت، وتراقب مواعيد حضوري للبيت وانصرافي، وتجعل من نفسها محامياً عني وقاضياً على كلّ الأشخاص الذين تربطني بهم علاقة متوترة، وإذا اختلفت مع أحدهم برأي في مواقع التواصل أجدها تحاربه علناً..

حينها أخبرتها أن تتوقف عن هذه التصرفات الصبيانية، واضطررت أن أكون قاسية معها لأقول لها أنها ماضٍ غير متعلقة أنا به، ووصل بي الأمر إلى القسوة عليها علّها تتوقف لكن وكأنها مغيّبة، وكأنني أحادث سواها، حينها اضطررت إلى حظر كلّ أرقامها بعد أن كانت معروفة لدي (رقمها، رقم زوجها، أرقام أبنائها أو أخواتها) لأنها كانت تحاول الوصول إليّ من أي رقم متاح حين لا أجيب اتصالاتها، وحجبتها عن صفحتي على فيسبوك حينه، وأخبرت كلّ معارفي الذين تتواصل معهم أن يقولوا لها حين تتصل لتستفسر عني بأنني بصدق أعاني من اقترابها ولا أريد لها الوجود بحياتي وأنّ أولوياتي بالحياة هي أبداً ليست ضمنها.

أعلم أنني أطلت كثيراً.. ولكن بصدق لأنني تأذيت نفسياً منها،

مثل هؤلاء الأشخاص يجب قطع علاقتنا بهم، لأن العلاقة معهم مؤذية جداً، وتعلّقهم المجنون يجعلنا مقيدين محاصرين ومراقبين، أضف لذلك يجعلوننا أحياناً نقوم بأمور ليست من أخلاقنا فنكره أفعالنا (وأعني بذلك حين نقسو بالتعامل معهم أو نجرح مشاعرهم).