كثيراً ما يثار الجدل بشأن تحويل العمل الإداري والتقني من مقرات الشركات إلى المنزل.
وهنا يطرأ تساؤل مهم للغاية، هل بيئة الأعمال العربية مؤهلة لهذا التحول السريع؟
أعتقد أنه في الوطن العربي تحديدا من الأفضل أن يصبح العمل من المنزل لأن بيئة العربية تكون غالبا غير مؤهلة للعمل، ويظهر هذا في استطلاعات الرأي التي تتم على الموظفين، ويرجع ذلك لعدم قدرة المدراء العرب على توفير بيئة عمل تشجع على التطوير
وهل الخدمات التي تحتاجها للعمل عن بعد مثل الإنترنت والكهرباء متوفرة وذات أساس قوي يؤهلنا لهذه النقلة؟
من الجيد جداً أن نطرح هذا التساؤل نورا، كون هذا البعد هو أحد الأبعاد الأساسية التي يجب الارتكاز عليها حتى تنجح التجربة، وإذا ما قمنا بالدراسة فيما يتعلق بهذا الشأن فسنجد أن الكثير من المدن تتوافر بها الخدمات الأساسية بشكل جيد بطريقة تجعل توجه العمل من المقرات إلى المنازل أمر جيد، لكن هناك العديد من الأبعاد الواجب أخذها في الحسبان لكي تنجح التجربة كقدرة الأفراد أنفسهم على التعامل مع الوضع الجديد، وغيرها من الأبعاد المطلوبة لإنجاح التجربة.
بيئة العربية تكون غالبا غير مؤهلة للعمل، ويظهر هذا في استطلاعات الرأي التي تتم على الموظفين،
قد تكون استطلاعات الرأي هذه اخي احمد تمثل رأي الموظفين، لذلك فهو مجرد رأي للموظفين بشكل عام، أما إذا نظرنا إلى الموضوع من جهة أخرى وهي أن العمل من المنزل قد يؤدي لتشتت العاملين وذلك لكثرة المقاطعات الذهنية التي تحدث لمن يعمل من المنزل.
لذلك هلا تكرمت بإبداء رأيك الكريم بخصوص كيفية التغلب على المقاطعات التي تحدث للفرد أثناء عمله من منزله، والتي قد تعيقه بعض الشيء؟
أعتقد أن فترة كورونا أثبتت مدى كفاءة العمل من المنزل رغم الأثار السلبية القليلة، في النهاية أعتقد أن الموظف قادر على التحكم في المشتتات سواء في مكان العمل أو في المنزل، في النهاية فالعبرة بنتائج العمل وليس بالوقت الذي يقضيه الموظف على المكتب.
أعتقد أن فترة كورونا أثبتت مدى كفاءة العمل من المنزل
قبل كورونا لم يكن أحد يتوقع أن يحدث هذا التحول الكبير في توجه "بعض" الشركات ليعمل موظفوها من المنزل، لكن هذه الظروف أتاحت التجربة الإجبارية للجميع، وهذا يجعلنا نفكر قليلاً عن أهمية التفكير المرن وعن أهمية أن يقوم الإنسان بتجربة فعل أشياء جديدة من حين إلى آخر.
رأيت في الفترة الأخيرة نماذج لشركات تعتمد بشكل كامل على المستقلين أو الموظفين عن بعد، والحقيقة أرى أن هذا النموذج سيكون هو الغالب مستقبلا كونه يوفر على الشركات والموظفين الكثير من الوقت والجهد والمال أيضا
لا شك أن العمل من المنزل له مزاياه وله الكثير من العيوب أيضاً، وبالفعل هناك العديد من الشركات التي برعت في مجال عمل موظفيها من المنزل، لكن عندما نتحدث عن تطبيق التجربة بوجه عام على جميع القطاعات، هل سيكون من السهل على القطاع الحكومي الملئ بالموظفين الذين تجاوزت مدة خدمتهم سنوات عديدة أن يتحولو فجأة للعمل من مقر الهيئة إلى العمل من المنزل؟
بصراحة لأ، أرى أن بيئة العمل العربية ينقصها الكثير حتى تتم هذه الخطوة بكفاءة بمحض إرادتها
ولكن ونظرًا للظروف التي مر بها العالم الفترة الماضية أجبرت بعض الشركات على فعل هذا وبالتالي أجبرت أيضًا على التأقلم وهذا قد أدى إلى نتائج محمودة بالفعل. مما يعني أن هناك أحتمالية لكون هذا ممكنًا ولكن نحتاج إلى دفعة صغيرة أو تنظيم خارجي.
أعتقد أن بعض الأعمال سنتنقل بشكل كلي للعمل من المنزل في المستقبل على أية حال وسوف نعتاد الأمر ونحاول إخراج جودة جيدة منه.
بصراحة لأ، أرى أن بيئة العمل العربية ينقصها الكثير حتى تتم هذه الخطوة بكفاءة بمحض إرادتها
لكن الظروف قد تفرض علينا مستقبلاً تنفيذ هذا السيناريو كما حدث في أزمة كوفيد 19 لذلك فعلى الشركات أن تستعد لحدوث مثل هذه الخطوة كرد فعل لأي ظروف مستقبلية قد تحدث في السوق.
وهذا الأمر بحاجة إلى الاستعداد لعملية تغيير ستحدث بالتأكيد في المستقبل بخصوص هذا الشأن.
مجرد قدرتنا الآن على إتمام العمل و الدراسة عن بعد لهو أمر جيد في بلادنا العربية، لكن المشكلة هي عدم الاستفادة من التغذية الراجعة عبر الاستماع لشكاوى المستخدمين، والطلبة ، فمثلا حين يصبح التوزيع الزمني للمحاضرات عن بعد قائما على رغبة المدرس، دون الأخذ بعين الاعتبار ان الطلاب لهم التزاماتهم أيضا، يصبح هناك ضعف في وظيفة الدراسة، كأن تكون مواعيد المحاضرات عشوائية. وربما هذا يجعل العمل عن بعد أكثر نجاحا من الدراسة عن بعد، حين تكون مواقيت العمل ملتزمة ، وستنجح الدراسة عن بعد حين تصبح مجدولة منضبطة بمواقيت محددة.
فمثلا حين يصبح التوزيع الزمني للمحاضرات عن بعد قائما على رغبة المدرس، دون الأخذ بعين الاعتبار ان الطلاب لهم التزاماتهم أيضا، يصبح هناك ضعف في وظيفة الدراسة،
هذا الأمر هو صميم تخصصي وعملي، وعلى المستوى الشخصي فالجهة الموقرة التي أعمل فيها تنظم بشكل واعي مواعيد المحاضرات حتى وإن كانت تتم بنظام الاون لاين، فتنظيم مثل هذه المسألة حله بسيط للغاية ويمكن تنظيمه عن طريق أن تقوم إدارة كل جامعة أو أكاديمية أو معهد أو حتى مدرسة بتنظيم الجداول الخاصة بالمحاضرات والحصص، ولابد لها أن تهيب بضرورة الالتزام بمواعيد هذه المحاضرات كما لو كانت تتم بشكل حضوري في القاعات والفصول الدراسية.
بالتأكيد، الصرامة في العمل ضرورية جدا، وهي لا تتعارض مع المرونة، كأن تؤخذ الأعذار المنطقية بعين الاعتبار بعيدا عن عقوبات تكرهك بالعمل، ولكن من ناحية أخرى، أن لا تتكرر الأعذار ، وأن يتم إيجاد حل للمشاكل المتكررة.
بالتأكيد، الصرامة في العمل ضرورية جدا، وهي لا تتعارض مع المرونة
صحيح، فالإدارة لها بعد اجتماعي وآخر إنساني، حيث يمكننا إذا أن نضع معايير وقواعد أساسية حاكمة للتصرف فيما يتعلق بمواعيد المحاضرات، ومن الممكن أن يستثنى من ذلك من تتوافر لهم أعذار مقبولة، أما بشكل عام فلابد وأن يكون هناك نظام عام لتنظيم هذه المسألة.
في السنوات الحالية ليست مهيئة ولكن لا تدري كل شئ قد يتغير مع مرور الوقت، ولكن في الفترة الحالية لو تنظر بأنه مزال هناك تشييد مقرات المؤسسات وخسائر مادية ضخمة يتم وضعها من أجل البناء وتعديل المكاتب والإدارات يحيلنا الى فهم بأن مزالوا متشبتين بطرق التقليدية في العمل والإنجاز،
قبل أيام مررت بمؤسسة قيد الإنجاز والبناء خاصة بالإحصاء، تسألت، هل حتى يقوم الفرد بإعطاء إحصاء لكل المجالات وتعداد السكان يحتاج الى مكان كأولوية، ما يحتاجه حقا هو حاسوب +أنترنت وشخص متمكن من المجال وكفى، لا يهم المكان، فلماذا هذه كل هذه الميزانية لا أعلم، لذلك مزال أمامنا مشوار طويل لنلحق بركب التكنولوجيا وليحدث ذلك لابد أن نغير العقلية التي نفكر بها أولا.
لذلك مزال أمامنا مشوار طويل لنلحق بركب التكنولوجيا وليحدث ذلك لابد أن نغير العقلية التي نفكر بها أولا.
أرى أن هناك وجهة نظر سائدة لدى غالبية الأفراد وهي أن العمل من المنزل يحتاج إلى تكنولوجيا متقدمة للغاية، لكن في حقيقة الأمر فالعمل من المنزل لايحتاج سوى جهاز حاسوب وشبكة انترنت فقط لاغير، هذا فيما يتعلق بالجزء التكنولوجي من عملية العمل من المنزل.
لا، وإن كان لن يكون بكل الدول العربية، هناك بعض الدول البنية التحتية لها بالإنترنت أسوأ ما يكون وأحيانا تجد أن الخدمات الضرورية للعمل من المنزل مثل الإنترنت والكهرباء غير متوفرين إلا في المدن الرئيسية وهذا بالطبع لن يكون عمليا.
نحن نتكلم عن عمل دوامه سيكون 8 ساعات يوميا، فاستقرار هذه الخدمات عامل مهم جدا، ويجب الحرص على توفره وتوفر البدائل أيضا، منعا لأي تأثير سلبي على الإنترنت، وصدقني إن كانت هذه الأمور ليست مستقرة فقد تسبب ضغط عمل للموظف أكثر من ضغط بيئة العمل بالواقع.
تحدثتي عن عدة عوامل مهمة للغاية نورا فجميع هذه الأشياء مهمة للغاية ولا يغني أي منها عن البقية، ولكي تنجح التجربة فلابد من توافر جميع هذه المعايير بشكل مجتمع،
لكن يتخاطر إلى ذهني تساؤل مهم للغاية، وهو أنه ولكي يتم التحول إلى هذا النظام، فهل هذه فقط هي العوامل التي لو تم تحسينها فستساهم في نجاح التجربة، أو هل هذه هي العقبات الوحيدة أمام تحقيق النجاح في هذه التجربة؟
أعتقد أن العالم العربي غير مهيأ مطلقا لا من الناحية الاجتماعية ولا الاقتصادية والبنيات التحتية للعمل من المنزل.
لا يتوفر الجميع على صبيب انترنت مناسب, هناك مناطق سكنية الانترنت بها شبه معدوم, تعرف بعض الأحياء انقطاع للكهرباء بشكل مستمر.
من الجانب الاجتماعي فإن العديد من المنازل العربية تعرف اكتظاظا وهرجا ومرجا من الأطفال وأفراد الأسرة, كما نفتقر لققافة الخصوصية والالتزام, حيث يتعرض الموظف لضغوط ومشاكل البيت وهو يعمل. كما قد يشكل الموظف ذات نفسه ضغطا على أفراد أسرته بشغل غرفة بالمنزل الضيق يوميا, أو أن يطالب الأب أو الأم من الأطفال عدم اللعب والتزام الصمت طوال الدوام, وقد يكثر الموظف الطلبات من أفراد الأسرة أثناء العمل, بل قد يشركهم مشاكل العمل.
من الناحية النفسية فإن العمل والعيش ببيئة واحدة مضر للصحة العقلية, هناك العديد من الدراسات حول موضوع المكوث بالبيت لفترات طويلة, الاعتياد على العمل من البيت لمدة طويلة جدا ينعكس سلبا على صحة العديد من الأفراد النفسية.
لذا وإن كان العمل سيتم فإن حاصل الإنتاجية سيكون ضعيفا, بل قد ينعكس سلبا على العلاقات الاجتماعية والصحة النفسية للموظف وأفراد أسرته.
من الجانب الاجتماعي فإن العديد من المنازل العربية تعرف اكتظاظا وهرجا ومرجا من الأطفال وأفراد الأسرة,
من وجهة نظري جواد أنه وللقضاء على تلك المشكلة، فأرى أنه يمكن تخصيص مكان للعمل من المنزل، وتربية الأطفال على ثقافة الهدوء أثناء فترة العمل هذه 😀، أرى أن هذا الأمر صعباً قليلاً، لكن مع الوقت قد تجدي هذه الطريقة نفعاً.
وأثناء فترة العمل هذه، ولكي لا يشكل الموظف عبئاً نفسياً على أهل بيته بكثرة الطلبات، فإن الموظف عليه أيضاً أن يأخذ معه في مكانه المخصص للعمل كل ما يحتاجه أثناء فترة الدوام، ويتعامل مع الأمر كما لو كان بعيداً عن المنزل، حتى لا يسبب ارتباكاً لأهل بيته.
لا يمكننا الجزم في الأمر، لأن ذلك يعود لعدة أسباب:
هذا لا يعني أن الدول العربية غير قادرة تحقيق نقلة في العمل عن بعد وتحقيق النتائج المرجوة.
البيئة العربية تختلف من دولة إلى أخرى، ليست كأوروبا ...، مثلا ما ينجح في مصر قد لا ينجح في الجزائر...
بالتأكيد فمهما كانت إحدى الأفكار ناجحة في بيئة معينة فلا يعني بالضرورة أنه لو طبقت نفس التجربة بحذافيرها أن يكتب لها النجاح، لذلك فلابد من تطويع النموذج ليكون مواتياً للتطبيق في بيئة الأعمال العربية، فعلى سبيل المثال يمكن في بداية الأمر تطبيق يوم واحد للعمل من المنزل كتجربة يتم على أساسها قياس الإنتاجية ودرجة الإبداع وغيرها ومقارنة النتائج المتحصلة نتيجة العمل من المنزل بالنتائج المتحصلة نتيجة العمل من مقر المؤسسة، ومن ثم يمكن تقييم التجربة والتعرف على أهم أبعادها.
أدى التحول السريع إلى العمل عن بُعد إلى خلق تحديات جديدة للمؤسسات ، لكن الاحصائيات تُظهر أن المنظمات في جميع أنحاء العالم تختبر حلولًا إبداعية. وبالتالي التساؤل عن البيئة العربية وتأهلها لهذا التحول السريع.
بيئة الاعمال العربية تختلف وفق التطور التقني والتحول من العمل الورقي الى الأتمتة والرقمنة وهذا يعني انها كلما استطعنا الوصول الى المنظمات الرقمية كلمنا تمكنا من قيادة العمل عن بعد ومواجهة الازمات المختلفة.
وايضا في الدول نفسها تختلف البيئة للعمل عن بعد من مدينة مركزية الى مدينة اقل درجة .. ووفق تجربتي في البحث بالبيئة الاماراتية وجدت ان دبي وابوظبي اكثر قدرة على العمل عن بعد في كل المناحي عما يمكن في الشارقة مثلا والسبب ان الشارقة لازالت أبعد بكثير عن قدرات دبي وابوظبي الرقمية. مع العلم ان الاستيراتيجية والرؤية في الامارات واحدة.
لهذا فإنه يتوجب علينا تفصيل هذه البيئات العربية لكي نتمكن من القياس السليم. ولكن بصورة عامة هناك فرق كبير بين البيئة الغربية المتقدمة والبيئة العربية الأقل تقدما وكلما كان هناك تقدما أكثر كلما كان العمل عن بعد أكثر جدوى وانجازا وسرعة في الأداء.
هذا الأمر إذاً على ما يبدو يحتاج إلى استراتيجية حاكمة، ليتم من خلالها التعرف على نقاط القوة ودعمها، ونقاط الضعف والخلل وعلاجها، وللتعرف على التهديدات وتلاشيها أو دعم نقاط القوة لكي يتم التغلب على مخاطرها، كما أنه من خلال التحليل سيتم التعرف على الفرص لكي يتم اقتناصها واستغلالها استغلالاً أنسب،
هذا بالإضافة إلى أن الأمر يحتاج إلى عملية تغيير شاملة ليست في القدرات التقنية فحسب وإنما في تغيير ثقافة الأفراد لكي يتقبلوا الوضع ويتعايشوا مع الفكرة حتى يكتمل النجاح، فقد تتوفر البيئة التقنية وتكون قوية بالفعل لكن الأفراد لا يشعرون بالحماس تجاه تطبيق وإنجاح التجربة، في هذه الحالة بالتأكيد لن يكون هناك نتائج باهرة، إلا إذا تغيرت درجة الحماس للقيام بهذا التحول.
أرى أن العمل عن بعد هي ثقافة كغيرها من الثقافات الأخرى، تحتاج تدريب عليها للموظفين و خاصة أن منهم موظفين حكوميين مثلا قد لا يملكون مقومات التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، وكذلك تدريب المدراء على كيفية متابعة العمل، الإنتاجية ، تحفيز الموظفين، متابعة ساعات الراحة وغيرها.
لذا وبعد وباء الكورونا كثير من الشركات قامت بالتنسيق بين العمل عن بعد والعمل في مقر الشركة، بحيث يكون التغيير تدريجي، ففريق عمل ما يحضر يوم محدد من الأسبوع ليتواصلوا وجها لوجه مع بعضهم البعض، وينجزوا بعض الأعمال، بينما بقية الأسبوع يعملون من المنزل، وفريق عمل آخر يحضر للشركة وهكذا.
أخشى أن العمل عن بعد يزيد من الانعزالية وقلة الإنتاجية وغياب الحافز والتشجيع مع وجود المشتتات الخارجية وتكلفة المكتب أو الشركة التي سيقع جزء منها على العمل من استهلاك كهرباء وانترنت وأكل وشرب، وأحيانا زيادة ساعات العمل دون مقابل.
التعليقات