أجد الكثير ممن يهتمون بمقولات الأدباء والفلاسفة ورواد الأعمال، رغم أن هذه المقولات لها ظروف معينة ولا يمكن اعتبارها قاعدة نتبعها.
لماذا يهتم الكثير لمقولات الأدباء والفلاسفة ورواد الأعمال؟
عادة ما يهتم الإنسان باستخلاص التجربة. وهو أمر غير حقيقي طبعا لأن التجربة لا يمكن اختزالها في بعض الكلمات، لكن في المقابل الأمر يعد واحد من أهم الأساليب الشفاهية لعرض الأفكار، واللغة تمتلك دافع أساسي في العمل بهذا الأمر، حيث أن لها اليد العليا دائما في التعبير عن الأفكار، مما يدفعنا كقراء إلى الاعتماد عليها في دفع الأفكار إلينا بأقصر الطرق.
سبب آخر بالنسبة إلي يتمثل في سمة عصرنا الحالي، وهي السرعة، حيث أن صيحة المقولات قد سطحت شمسها عندما انتشر استخدام الإنترنت بين البشر، وعندما بدأنا في الاعتماد على الأساليب السريعة للقراءة، ومن هذه الزاوية أرى سلبية كبيرة في الأمر. ولعلنا نجد العديد من القراء -من باب شر البلية الذي يضحك- يعرفون العديد من المقولات لديستويفسكي، على الرغم من أنهم لم يقرأوا له كتابا واحدا.
إنهم مفكرون وحكماء وفلاسفة. لقد أنتجوا كتابات لا تحفز فكريًا فحسب ،بل تقدم أيضًا نصائح عملية فيما يتعلق بالطريقة التي نعيش بها حياتنا. نستمع إلى آرائهم لأنهم يفهمون الحياة بطريقة لا يفهمها الآخرون. يتردد صدى وجهات نظرهم بعمق في داخلنا لدرجة أن الحكمة الواردة فيها لا تزال سارية حتى اليوم على الرغم من أنها كتبت منذ سنوات عديدة.
يمكن لأقوال الكتاب والفلاسفة ورجال الأعمال أن تلهمنا للقيام بعمل أفضل. لقد صنع هؤلاء الأشخاص اسمًا لأنفسهم من خلال القيام بشيء متميز في مجالهم. لقد تغلبوا على التحديات والصعوبات التي لا يواجهها معظم الناس أبدًا.
لقد ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في انتشار تلك الاقتباسات و المقولات التي أحيانًا يكون معناها لا يتوافق مع ما يقصده ناقلها، ناهيك عن أنه يتم تداول جمل وتنسب لغير أصحابها، و هذا شيء قاتل للإبداع فبدل أن يصوغ المرء جملة تتماشى مع الموقف و تصف مشاعره بدقة، يختار نقل مقولة مشهورة لكنها قد لا تفي بالغرض.
وفقاً للعديد من الناس، يعد الأدباء والفلاسفة من أكثر الناس علماً وحكمة. وبالتالي، هم أحسن الناس على فهم الحياة. ومن هذا المنطلق، ترى الكثير يستخدم مقولاتهم للتعبير عن موقف أو واقع مشابه لمعنى المقولة التي أطلقها الأدباء والفلاسفة. وكأنهم يؤكدون في هذه الحالة ععلى صدق ما قاله الأدباء والفلاسفة. أما بالنسبة لرواد الأعمال، فوصولهم لمرحلة كافية من النجاح، تجعل العديد يلهث وراء مقولاتهم ليستفيدوا من تجربتهم، لعل تلك المقولات تكون بداية النجاح والتفوق لهم.
أرى هذا الأمر من زاويتين:
- الزاوية الأولى: من الأشياء المؤسفة وعواقب انتشار السوشيال ميديا، دائما ما يتناقل الكثيرون بعض هذه الاقتباسات دون وعي منهم في أي مناسبة قيلت ولا لما قيلت واستخدامها في غير مناسبتها واعتبارها قاعدة عامة جمعاء.
- الزاوية الثانية: من الأشياء الجيدة على الأقل من ناحيتي أنني أحاول البحث في مصدر هذه المقولة أو قراءة الرواية أو الكتاب بأكمله إذا ما أعجبتني أو أثارت فضولي.
التعليقات