لا شك أنّ تحقيق أي انجاز ما حتى لو كان بسيطًا يجلب لنا السعادة معه سواء كان على الصعيد الشخصي، التعليمي أو المهني، لكن ماذا لو لم ننجز أي شيء؛ هل يمكننا أن نشعر بالسعادة؟
هل يمكن أن نعيش سُعداء بدون تحقيق إنجازات؟!
لكن ماذا لو لم ننجز أي شيء
لا يوجد شيء اسمه عدم الإنجاز بصورة كاملة، فعلى الأقل ننجز ولو شيء واحد ما بين الحين والآخر
الإبتسامة البسيطة هي إنجاز وسط كل تلك المعوقات التي تحدث لنا، فالإنجاز لا يعني بالضرورة النجاح في أمر كبير ومهم، بل الإستمرار في هذه الحياة يعد إنجازًا، وعليه فقد تتحقق السعادة في أي وقت.
أود أن أعقّب على التساؤل في حد ذاته، حيث أنني أرفض فكرة اقتران السعادة بالتحقيق، لأنني أرى أنها فكرة دخيلة على الوعي البشري في إطار عصرنا المتسارع الذي يعتمد كل الاعتماد على الإنتاجية فقط، وأهمل النقطة الأهم في الأمر، وهي أن سعادة الإنسان مرهونة بالكثير من الأشياء، وأنه كائن اجتماعي في نهاية المطاف، يسعد بالبقاء مع أقرانه وبالدعم والدفء الذي يتلقّاه.
وتحميلنا كأشخاص فوق طاقتنا، وذلك الكم الذي نطالب به أنفسنا أدّى بنا في النهاية إلى تصوّر واحد فقط للسعادة، لا يكمن إلّا في تصفيق حار من قبل الآخرين لما أنجزناه، دون النظر إلى ما حققناه في حياتنا العاطفية وفي علاقتنا بذوينا وبمن نحبّهم.
ماذا لو كان هذا الشخص.. وحيدا؟
الإنجاز وتحقيق الأهداف هو سبيله للسعادة، وهو يرى نفسه يتقدم..
للاسف ليس الجميع يملك عائلة وأصدقاء محبين بمثل هذه الدرجة التي تحدثت بها.
تكوين العلاقات يا نور واحد من أهم جوانب الحياة، فالشخص الوحيد ليس عليه أن يندمج مع وحدته ويتمادى فيها، وينخرط في الحياة وتحقيق الأهداف والعمل المستمر والدؤوب دون النظر إلى الجانب الإنساني والعاطفي من حياته.
بالتأكيد العمل المستمر هو غاية سامية، لكنه ليس السبيل الوحيد للسعادة، ولا توجد لدى أيا منا، سواء كان وحيدًا أو لا، رغبة في أن ينتهي به المطاف وحيدًا، دون الحالة الاجتماعية المغروسة في طبيعتنا النفسي الإنسانية كبشر.
لا يمكن أن يشعر المرء إلا بالفشل جراء عدم تحقيقه أي شيء في حياته.
فتجد أن الشخص الذي حقق نجاحا في التعليم، وفشل في الزواج يشعر بنوع من الإحباط، وقس على ذلك الكثير.
المرء يحتاج للإنجاز والنجاح، والتفوق، ولو لم يوفق هو، فهو سيحب أكثر أن يحقق أفراد من عائلته كالابناء مثلا ذلك النجاح، وسوف يشعر برضا وسعادة غامرة.
لذا فعدم تحقيق إنجاز.. هو بالطبع سبب للإكتئاب، فمن يحب أن يرى نفسه كالعربة المهترئة؟!
لدي صديقة سافرت للسعودية، تزوجت هناك، وهي في الأساس مهندسة، ولكنها لا تعمل، شعرت أن حياتها توقفت كليا، وتشعر بإحباط، لأنها لا تنجز.
آخر مرة حدثتني بها قالت لي: أشعر أنني أريد أن أقتل نفسي!
كل ذلك لأنها تشعر بأنها مثل محرك سيارة معطل، لا فائدة منه.
نعم أعرف الكثيرين ممن لم يحققوا إنجازات يشعرون بفيض من السعادة العارمة!
على حد قولهم ليس لديهم أي ارتباطات هم فقط لا يريدون سوى العيش بسلام، وعدم التقيد بأي مسئوليات ولا الشعور بأي شئ سوى الاسترخاء فقط!.
لكل وجهة نظره وهكذا سمعت من أحدهم "ما أحلى اللامسئولية، ما أحلى الراحة وفقط ننتظر مضي الأيام حتى ينتهي العمر"! قد يبدو الأمر جنونيا وغير مقبول لنا ولكن لسنا سواسية في التفكير فبعضهم يرى هكذا.
بالنسبة لي الإنسان في هذه الدنيا عبارة عن إنجازات ونجاحات لابد أن تبقى بعد أن يفنى صاحبها، ومن المؤكد أن تكون إنجازات طيبة بالطبع.
الحلقة التي يمكننا القياس بها تتكون من ثلاثة أجزاء وهي الفاعل وهو الشخص والحدث وهو الفعل والنتيجة وهي محصلة الفعل بواسطة الفاعل ... فكلما وصلت الحلقة الى الرضا الذاتي كلما كان هناك شعورا بالطمأنينة وجلبا للسعادة الداخلية والتي تظهر من خلال الملامح الخارجية وخاصة ملامح الجسد التي نميز بها الناس السعداء من التعساء او الغير راضيين .
ان الاجابة المباشرة لسؤالك هو نعم ان الانجاز يعني تحقيق الهدف وبالتالي النتيجة هي السعادة احتفالا بالأهداف التي تم تحقيقها.
وكلما كان اجتهادنا في الفعل اكبر وعدم قدرتنا على حصد او لمس النتائج كلما شعرنا بنوع من عدم الرضا والسخط والذي سوف يولد لدينا مشاعرا متناقضة وسلبية تبعدنا عن السعادة وتذوق نتاج العمل.
التعليقات