هل ما ينجزه الابن في حياته من نجاح، وظيفة، تطور، دراسة، تعليم، دراسات علمية، أبحاث، تعتبر إنجازات للآباء والأمهات؟
أم أن الأب والأم، يعتبرون هذه إنجازات للأبناء فقط؟
أنا من أنصار الفردية، حيث أنني لا أستطيع إنكار الجهد الذي يبذله شخص لدعم شخص آخر والاعتناء به. لكنني في المقابل لا أقبل أن يسند إنجاز شخص إلى أشخاص آخرين، لأنني أفكّر في العملية بطريقة معكوسة، أي أن الإنجاز لم يكن ليتحقق لولا مثابرة الشخص نفسه، لذلك، وفي ظل عدم إنكار فضل الآخرين طبعًا، أرى أن الفرد هو المسؤول الأول والأخير عن الأمر. لا لشيءٍ إلا لأننا لن نلوم شخصًا آخر إذا ما فشل هذا الشخص ولم يستطع تحقيق هدفه أو استغلال ما يمتلكه من ظروف. لن نلوم أحدًا على تفويت الفرص، لذلك فليس من العدل أن نسلبه حق الإنجاز وحده.
بالضبط ليس من المنطقي أن نلوم أنفسنا عندما نفشل وعندما ننجح ننسب انجازاتنا لغيرنا, الذين يوافقون على هذه النظرية كأنهم مقتنعين أن الفرد ماهو الا آلة في مصنع, اذا قامت الآلة بانتاج المنتجات وأصبح صاحب المصنع ثريا سينسب الفضل لنفسه جاحدا عمل الآلات, واذا فشل المصنع سيلوم آلاته التي لم تصنع له المنتج المثالي ولم تحقق له الأرباح التي يحلم بها.
جدتي لم تكمل تعليمها مع أنها كانت من المتفوقين في دراستها ولكن مع اصرارها وشعورها بأنها لم تنجز في المجال الأكاديمي؛ سعت إلى أن ترى الإنجاز في ابناءها وبالفعل هذا ما ما تحقق بالفعل. دائمًا أقول أنا حققت انجازات بتعليم ابنائي. فالأم والأب الذين سهروا الليالي ودفعوا أموالًا باهضة في سبيل تعليم أبناءهم، ألا يرون أن انجازات ابناءهم هي انجازاتهم!
في الأسرة المستقرة فإن الأبناء هم حصيلة تعب الآباء والأمهات لسنوات عديدة، الإنجاز البسيط الذي يقوم به الطفل يكون في أعين الآباء وكأنه قد حصل على جائزة نوبل
بالتأكيد للأسرة المتزنة دورها في أغلب الإنجازات، ألم يقوم كلًا من الأب والأم بمساعدة أبنائهم في رسم طريق التفوق؟
قاموا بتشجيعهم حينما يأسوا، تهيئة الجو المناسب لهم كي يجتهدوا ويتفوقوا في أماكنهم.
المشاركة الإيجابية للآباء في حياة أبنائهم خاصة الحياة التعليمية هي ما تجعلهم يستمرون في تحقيق الإنجازات، وبالتالي تصبح إنجازات الأبناء هي إنجاز للأسرة بأكملها.
دائما يحدثني والدي أن أفضل إستثمار يمكن أن أقدمه في هذه الحياة هو أن أستثمر فيكم، في تعليمكم، تكوينكم، وتوفير لكم بيئة ملائمة لتكونوا منتجين أكثر....
ومع الوقت بدأت أحس بقيمة ذلك، ليس إنجازا فقط وإنما إستثمارا هادفا، أن يتخرج الإبن معلما أو طبيبا، فالفائدة لا تتوقف عن توظيفه فقط، عنصر واحد قد يحي أمة بالكامل اليوم، ويبني جيل القادم التي يأتي بعده.
التعليقات