لاشك أننا جميعا نتعرض من وقت للآخر بالتفكير بماضينا، خاصة المواقف السيئة، الفرص الضائعة، النكابات والأحزان.
كيف يمكن تخطي الأمر خاصة أوقات الضيق والحزن، ماذا تفعلون؟
من يقول لك بأنه بإمكانك تجاوز الماضي فهو يكذب، لا يمكن تجاوزه، وانما تقبل ما حدث في الماضي، ذكريات الماضي بالرغم من كونها محزنة الا انها تبقى راسخة في عقل صاحبها وليس بالسهولة تجاوزها.
كيف يمكن تخطي الأمر خاصة أوقات الضيق والحزن، ماذا تفعلون؟
لا اتخطاها، وانما أفكر في النتائج التي خلفتها تلك اللحظات في شخصيتي، دعيني اعترف بان أكثر اللحظات التي تغيرت فيها بشكل افضل و شخصيتي أصبحت اقوى هي اللحظات المحزنة.
الامر له علاقة بطريقة تفسير الماضي. ما فات هو تجربة تعلمنا منها، النجاح هو ثمرة الفشل المصاحب للاصرار. نحن نتعلم من التجارب السابقة، شخصيتنا صقلها الماضي ويغيرها الحاضر.
الفرص الضائعة
بدلا من الحزن على الفرص الضائعة. اسال نفسي كيف استطيع اغتنام الفرص القادمة المشابهة.
النكابات والأحزان
لا تنتهي. كيف استطيع بناء القدرة على التحمل، انتهاج التخطيط البديل. دراسة التوقعات الشخصية التي نكونها حول الافراد. كم كثيرة هي التجارب الناتجة عن الخذلان بسبب توقعات مبالغ بها.
مثال للتعامل مع النكبات المالية هو توفير خطة ادخارية لراس مال مخصص للشدائد.
هناك ثمة فرق واضح بين أن أتخلص من ذكرى حزينة ومؤلمة تترك أثرها على نفسي وربما تبقى عالقة إلى مدى الحياة في ذهني ومخيلتي مثل وفاة شخص عزيز عليّ وبين موقف بسيط مررتُ به أو وظيفة أو منحة دراسية افتقدتها لسبب ما، فحقيقًة الفرق واضح وشاسع وأثرهما متفاوت وبالتأكيد سيكون هناك فرق في تخطي هذه الذكريات بشكل واضح وملموس.
فقدت عدة وظائف، منحة دراسية، مواقف ألمت بي كانت قاسية بشكل كبير وانعكست على حياتي الخاصة والمهنية، ولكن استطعت التغلب عليها ليس بشكل جذري ولكن لنقول أن أثرها إلى حد ما كان بسيطًا، كنت أحاول أن أخفف عن نفسي وأقول؛ يجب أن أتذكر من هم في المستشفيات ويعانون من أمراض خطيرة وكيف يعانون أشد المعاناة، أيضًا أسعى إلى مسامحة نفسي ومسامحة الآخرين، كما أنني من الأشخاص التي تواجه مثل هذه المواقف ولا تستسلم، وأدون كل شيء حزين في كتيب خاص بي.
حتى عندما فقدت المنحة الدراسية، كنت أقول صحيح أنني فقدتها ولكنني حصلت على التوفل، وطورتُ من نفسي ومن مهاراتي، وربما الصبر مفتاح الفرج ويأتي ما وأحقق أمنيتي، إذًا أبليتُ بلاءً حسنًا لا يمكن تجاوزه.
لكن أن تقول لي أنه كيف أتخلص من ذكرى فقدان شخص عزيزٌ عليّل هو أمر صعب حقيقًة، قبل يومين توفي زوج إبنة عمتي، شاب عمره في الثلاثين، توفي فجأة نتيجة سكتة قلبية، والآن ابنة عمتي تعاني الويلات في كل ساعة يغمى عليها، حاولت أن أسأل نفسي، كيف سستخطى هذا الأمر وخاصًة أنها زوجها ووالد ابناءها صغير في العمر! كيف ستستمر حياتها! صراحًة لم استطع الاجابة عن هذا السؤال، مع أنّ البعض يقول بأنه ربما من خلال مرور وقت معين قد تنسى هذه الذكرى الحزينة إلى حد ما، ولكن حقيقًة مجرد التفكير في الاجابة على هذا التساؤل أشعر بالغثيان.
لا ينبغي دائمًا أن نتخطى الأمور الحزينة، بل أن نجعلها درسًا نتعلم منه الحياة
فالحياة قصيرة ولن نضيعها في الندم، مررتُ بأمور صعبة تخطيت الكثير منها.. ولكن البعض ما زال عالقًا في ذهني وليس لدي مشكلة أن أتذكره بين الحين والآخر.
تلك المواقف التي تدخل حيز التفكير وتأبى أن تخرج منه علينا أن ندربها وفقًا لما نريد، تعرضتُ لصدمة في شخص ما ومازال الأمر يشغل تفكيري.. لا بأس فيكفي أني عرفته على حقيقته، وعليَّ أن أنتبه فيما بعد عند تكوين الصداقات.
فقدت الكثير من فرص العمل بسبب الواسطة والمحسوبية كما يقولون، ومع أني كنت الأحق بالعمل في أغلب تلك الفرص، إلا أن الأمر لا يسرى بالأحقية.. وهو ما تعلمته من تلك التجارب.
مشكلتي الأكبر هي فقدان شخص عزيز ، لا أعلم كيف أتخطى الأمر ولا أعلم كيف أتعلم من مثل هذا الموقف.. وكل ما بيدي حينها أن أدعو بالصبر والسلوان.
من بين الأمور التي أؤمن بها ما قرأته في رواية في ديسمبر تنتهي الأحلام، "أننا نعيش لحظة سعادة بين حزن وحزن"..
وعادة الماضي الذي نتذكره الأحداث الحزينة أما الفرح فيكون نادرا، أنا من النوع الذي إذا تذكرت شيئا حزينا أعيشه وأحزن معه، أو سيكون هذا كبتا للمشاعر ينعكس علي فيما بعد ويثقلني..
يجب أن نؤمن بأن الحزن لحظة حتمية، لا عيب في أن أبكي بحرقة مع نفسي، وأفرغ الطاقة السلبية، وبعدها أنهض من جديد، أما محاولة الابتسام ولعب الإيجابية طوال الوقت هو أمر سيء للغاية نفسيا وصحيا، ومستقبلا ينعكس عضويا..
يمكن أم تستعين بطرق أخرى لكن دون كبت للمشاعر، كالتنفس بعمق، عدم التعمق في الحزن عبر تذكر اللحظات السعيدة
ممارسة الأنشطة كمشاهدة فيلم ترفيهي مثلا، تناول الوجبات المفضلة، شخصيا حين أشعر أني أنغمس في الحزن أقوم بمشاهدة المسلسلات أشعر أنها ترفه علي
ولماذا نتخطى الأمر؟
جميلٌ أن نحتفظ بمخزون من الذكريات، حتى لو كانت مؤلمة، لأننا لن نتعلم دون أن نجرّب، فألم احتراق الجلد من النار أداة تنبيه لعدم الاقتراب منها، ووجع العلاقات الفاشلة درسٌ لعدم خوض تجربة دون التأكد من نجاحها، وألم الخيانة درسٌ للاحتراس وعدم منح الثقة كاملة.
الأهم في ذلك كلّه أن لا يسيطر الماضي على أفكارنا، بل أن نستغلّه لتعليم أنفسنا.
أما وإن فعل وسيّطر على مداركنا، فاسمح لي، هذا أكبر درس بأننا ما نزال نعيش بالماضي، ولن نتقدم في حياتنا خطوة واحدة.
جزء من تركيبتنا قائمة على النسيان والتجاوز، فإن لم نفعل ذلك فالعلّة في أفكارنا، وفي قدرتنا على التحكّم بتصرفاتنا وقراراتنا، وهو ما لا أظن أحدنا يتمناه لنفسه.
التعليقات