أيها القارئ توقف عن القراءة فوراً! لقد خدعوك فقالوا: القراءة تصنع الرجال من ذوي الإنجازات! لقد كذبوك أيها القارئ وإنما العظيم أو صاحب الإنجاز هو من استخدم القارئ الكاتب ليشيع عظمته عبر التاريخ في الكتب ليس أكثر. فهل أدمن يوليوس قيصر أو أوكتافيوس أو الإسكندر الأكبر قراءة الكتب؟! ليس فقط رجالات الدول وساحات الحروب بل رجال المال والاعمال أمثال دونالد ترامب و وزيرة الثقافة الفرنسية فلير بليرين Fleur Pellerin و التي أقرت أنها قد لا تقرب الكتب لعامين متواصلين.  حتى شكسبير نفسه كان رهن الملكة إليزابيث يكتب لها وبما تأمر به.

شبيه بهذا المعنى ينظم العقاد قصيدته يا كتبي ويقول:

يا كتبي ألبست جلدي الضنى       لم يُغن عني جلدك المذهب

كم ليلة سوداء قضيتها           سهران حتى أدبر الكوكب

والناس أما غارق في الكرى       او غارق في كأسه يشرب

فالكتب يا عزيزي تجلب الأسقام وتضيع العمر في غير ما فائدة عملية أو لذة تُستطاب! ومما قرأته في سيرة العقاد أن أمه ذات مرة في ثلاثيينيات عمره زارته وهو طريح الفراش. نظرت حوله فلم تجد إلا الكتب في كل موضع ثم نظرت إليه بإشفاق وكأنها تقول: هذه الكتب هي التي تُشقيك يا ولدي!

فالكتب لا فائدة فيها عزيزي القارئ إلا الصداع وإرهاق العينين وازدحام الأفكار في غير ما جدوى؛ فالقراءة وإدمانها كشرب المياه المالحة تشرب وتشرب وتشرب فلا أنت ترتوي ولا أنت بقادر على الكف عنها؛ فالقليل منها يُغري بالمزيد:

ينتفع المرء بما يقتني       وأنت لا جدوى ولا مأرب

يا كتبي أين تُرى المنتأى    عن أسر أرواحك والمهرب؟!

فهل هنالك فائدة يا صديقي من القراءة إلا إنفاق نور حبيبتيك الغاليتين وإضاعة أعز ما تملك من: صحتك وعمرك ومالك التي تكسبه بشق الأنفس والتعب؟! حول هذا المعنى يُخاطب العقاد - متضجراً - تلال الأوراق حوله:

أنفقتِ مني ما يضن الورى           به على الله ولم يذنبوا

من ضوء عيني ومن صحتي        سدىً ومن وقتي وما أكسب

ثم أخيراً يتمنى العقاد لو كان له ما للجبار من اقتدار على التعذيب بالنار؛ إذن لأورد تلك الكتب التي تأسر روحه بلا جدوى موارد النيران:

لو كنت كالجبار في نقمتي     لكان في النار لها معطب

والآن أيها الأصدقاء: هل ترون كبير فائدة للقراءة؟! ومتى مرت بكم لحظات ضقتم زرعا بكتبكم كما مرت بشاعرنا؟!