إِذا رَأَيتَ الهَوى في أُمَّةٍ حَكَمًا
فَاحكُم هُنالِكَ أَنَّ العَقلَ قَد ذَهَبا      أحمد شوقي

القلب سرّ المرء وصانع ظاهره، وبه يختبر كافة المشاعر الإنسانية، يعظّم وجوده الإنسان، ويوقّر أهواءه ورغباته، أحب أن أسمع دائماً لصوت قلبي، أحب أن أستفتيه في كل خطوة، أقدّر رأيه وما يميل إليه، وألفظ ما ينفر منه، ولكن هل الإنجراف وراء القلب وأهواءه يمكن أن يكون فيه مفسدة لصاحبه وهلاكه؟

يشير شوقي في أبياته أن الأمة التي تحكمها أهواءها، هي أمة قد ذهب عقلها وانتفى، أمة تحركها المشاعر حتى اتباع الباطل بلا تفكير في العواقب، وأمة يسهل خداعها والتلاعب بها من القوى الأخرى، أي أن العقل يجب أن يكون هو الحكم الأول في كل أمة من وجهة نظر أمير الشعراء، يوافقه في رأيه هذا الفيلسوف والسياسي الإيطالي ميكيافيللي، الذي أشار في كتابه أن الشعوب متقلبة العواطف يسهل إقناعها بالولاء والخضوع ويسهل أيضاً ذبذبة قناعاتها بعد ذلك، أي أنها تصبح لعبة بيد الأمير .

هذا على سبيل الأمم، أما فيما يخص الأفراد فلعمر ابن ابي ربيعة تحذير جاد من تقلبات القلب يفسّر لنا كيف أن القلب يجب أن يتم التعامل معه بحذر وعدم اتباع أهواءه دون الإمعان واستجداء مشورة العقل :

ما سُمِّيَ القَلْبُ إلاَّ مِنْ تَقَلُّبِهِ
ولا الفؤادُ فؤاداً غيرَ انْ عقلا

فالقلب هنا غير ثابت على حال، يميل بلا وجهة مدروسة، ويسحب دون حماية من العواقب، أما الفؤاد والذي يختلف لغوياً عن القلب، فمحله الدماغ، وهو أكثر اتزاناً وضبطاً من القلب، فكيف نفرق بينهما ونعطي كل منهما حقه ؟

إِذا نادى الهوى والعقلُ يوماً 
فصوتُ العقلِ أولى أن يجابا
— القروي

وأنتم أصدقاء حسوب، متى تتجاهلون صوت قلوبكم، وكيف توازنون بين صوت العقل والقلب عند اتخاذ القرارات ؟