لقد درسنا معاً بعض ملامح حياة المتنبي وقصائده وملامح شخصيته والشخصيات التي عاصرها وارتبط بها وتاريخه الحافل بمزيج من المدح والهجاء على مدار المساهمات الماضية.

ولقد استفادت الكثير من الشخصيات العامة والهامة من مديح المتنبي، كما عانى الكثيرون من ذمه لهم.

ومن أمثلة تلك الشخصيات كافور الإخشيدي الذي كان من الحبشة وقد عانى من الرق ولكنه تعلم القراءة والكتابة وارتقى من مرتبة العبيد حتى أصبح حاكم الدولة الإخشيدية والمسئول عن مصر والشام.

وعندما تشاجر المتنبي مع شاعر آخر يدعى بن خلويه الذي ضربه بمفتاح فشق وجهه في حضور سيف الدولة الذي لم يدافع عنه مما أثار غضب المتنبي وغادر البلاط إلى دمشق حتى جاءته دعوة الإخشيدي من مصر. 

هجاء المتنبي لكافور الإخشيدي بعد مدحه له:

وكما عرفنا عن شخصية المتنبي بأنه يسعى للمناصب والعطايا فقد ذهب للإخشيدي عندما علم أنه يرعى العلماء والأدباء طمعاً في عطاياه وأملاً في منصب هام عنده، فمدحه كثيراً مثل قوله:

حببتك قلبي قبل حبك من نأى

وقد كان غدارا فكن أنت وافياً

ولقد بالغ المتنبي في المديح حتى أنه وصف الإخشيدي بالمِسك وبأنه أفضل الملوك في قوله:

ومَن مثل كافور إذا الخيل أحجمت

وكان قليلاً من يقول لها أقدمي 

ولَم يخيب كافور ظن المتنبي ليس لمدحه له فقط بل لعلمه بأطماعه وأغراضه من ذلك المديح، وخوفه من أن يهجوه كما فعل مع سيف الدولة الحمداني حيث كان يعلم أنه من أنبغ شعراء عصره.

ولكن مع ذلك فأطماع المتنبي تخطت توقعات كافور ولما لم يحصل على ما أراد ترك مصر وكتب قصيدة من أشهر قصائده يهجو فيها الإخشيدي قال فيها:

جوعان يأكل من زادي ويمسكني

لكي يقال عظيم القدر مقصود

فهل سَلِم أحد من غضب المتنبي؟ 

لا، فحتى الذين لمسوا مديحه لم يسلموا من هجائه أيضاً، لذلك فاحذر شر الحليم إذا غضب! 

وأنتم، هل ترون أن الإخشيدي يستحق هذا بعد كل ما فعله مع المتنبي؟