الذاكرة كأداة بيولوجية في مقابل المعرفة الديناميكية في عصر الذكاء الاصطناعي

تمتلك النماذج التوليدية تمتلك نوعًا من الذاكرة برأيي، حتى لو لم تكن بيولوجية. فهي لا تبدأ من الصفر كل مرة، بل تُبنى على تدريب سابق، وعلى أنماط تعلمتها عبر مليارات الكلمات والبيانات فكيف لا يمكننا اعتبار هذا ذاكرة

المشكلة ليست في تعريف الذكاء أو التعلم، بل في كيفية استخدامهما اليوم. إذا كان الذكاء الاصطناعي يستدعي المعرفة لحظيا دون ذاكرة تقليدية، فهل أصبحت الذاكرة البشرية عبئا بدلًا من ميزة؟

الذكاء ليس مجرد تخزين أو توليد، بل هو تفاعل مستمر مع العالم. الذاكرة البشرية ليست أرشيفا، بل أداة لفهم السياق وربط التجارب. الذكاء الاصطناعي يعتمد على نماذج احتمالية، لكنه يفتقد الوعي الذاتي والخبرة البشرية التي تجعل ذكاءنا فريدا.

اليوم، ننتقل من التعلم للحفظ إلى التعلم للفهم والإبداع. في عصر الذكاء الاصطناعي، قد يصبح التعلم أكثر تركيزا على التفاعل مع الآلة، وطرح الأسئلة الصحيحة، وصناعة الأفكار بدلا من الحفظ والتحليل التقليدي.

ما قراءته من تعليقات و المساهمة عن الذكاء الاصطناعي وإعادة تعريف الذاكرة والتعلم هو كلام يبدو رومانسيًا على الورق، لكنه في الواقع وهم خطير يخفي وراءه كوارث معرفية وإنسانية. الذكاء الاصطناعي ليس "ذكاءً" بالمعنى الحقيقي، بل هو مجرد آلة تعيد تدوير البيانات بذكاء زائف.. عندما تتحدثين مع ChatGPT، أنتِ لا تتحدثين مع كيان يفهمك. أنتِ تتحدثين مع خوارزمية تعيد ترتيب الكلمات بناءً على احتمالات رياضية. هذا ليس ذكاءً، بل محاكاة فارغة. أن نسمي هذا "ذكاءً" هو إهانة للعقل البشري الذي يفكر، يشعر، ويربط بين الأفكار بطرق إبداعية...والذاكرة البشرية ليست مجرد أداة تخزين؛ هي جزء من هويتنا. هي التي تربطنا بماضينا، تجاربنا، وعواطفنا. الذكاء الاصطناعي لا يشعر، لا يتألم، ولا يفرح. هو آلة باردة تعالج بيانات. أن تقارن الذاكرة البشرية بما يفعله الذكاء الاصطناعي هو مثل مقارنة سمفونية بيتهوفن بصرير باب صدئ..الذكاء الاصطناعي يعتمد على ما تم تغذيته به من بيانات. هو لا يبتكر، بل يقلد. الإبداع الحقيقي يأتي من العقل البشري القادر على الربط بين أفكار تبدو غير مرتبطة، والخروج بجديد. إذا أصبحنا نعتمد كليًا على الذكاء الاصطناعي، فسنفقد هذه القدرة.

سنصبح مجرد مستهلكين للمعارف التي تولدها الآلات، بدلاً من أن نكون مبدعين.الأسوأ من كل هذا هو أن الذكاء الاصطناعي يعطينا وهمًا بأننا نعرف أكثر، بينما في الحقيقة نحن نعرف أقل. عندما تعتمد على ChatGPT أو غوغل للإجابة على كل سؤال، نحن لا نبني معرفة حقيقية. نحن فقط نستهلك معلومات جاهزة. النتيجة؟ عقول كسولة تعتمد على التكنولوجيا لتغطية جهلها.

الذكاء الاصطناعي أداة، وليس بديلاً عن الذكاء البشري

لكن هذا لا يعني أن الذاكرة البشرية أصبحت غير ذات قيمة. الذاكرة البشرية ليست مجرد تخزين واسترجاع، بل هي مرتبطة أيضا بالتجارب الشخصية، العواطف، والقدرة على الربط بين الأفكار بطرق إبداعية. الذكاء الاصطناعي قد يكون قادرا على توليد إجابات سريعة، لكنه لا يمتلك الفهم العميق أو السياق العاطفي الذي يمتلكه البشر.

السؤال هو : كيف يكون الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة تعزز قدراتنا بديلا عن أن تحل محلها؟