لا شك أن معظمنا سمع بقصة انتشار المواد المخلة المزيفة المولَّدة بتقنية التزييف العميق لتايلور سويفت والتي انتشرت بسرعة على منصة X تويتر، الأمر الذي دفع المشرعين لمحاولة وقف هذا الانفجار في المواد الإباحية المصنّعة بالذكاء الاصطناعي، لكن الحقيقة الصعبة حول هذا الأمر هي أن إيقاف هذه الأشياء ليس من السهولة بمكان، فهناك مشكلتان تجعلان من مكافحتها تحديًا كبيرًا؛ الأولى هي سهولة صناعة الذكاء الاصطناعي لتلك الصور، والأخرى هي سرعة انتشار تلك الصور.

فقد فكرت شركات التكنولوجيا التي تصنع منتجات الذكاء الاصطناعي مثل Stable Diffusion بحلول مثل إزالة صور البالغين من مجموعات التدريب الخاصة بها لتجعل من الصعب صنع صور للبالغين، لكن المشكلة تكمن في أنك لا تحتاج الآن إلى مجموعة خوادم فاخرة وتقنيات متطورة لصنع مواد بالتزييف العميق، فمولدات صور مفتوحة المصدر أصبحت أمرًا في منتهى السهولة ويمكن إنجازه على الحواسيب الشخصية المتواضعة، ثم هناك سؤال حول كيفية انتشار تلك الصور، فصور تايلور سويفت المزيفة التي انتشرت بسرعة على X شوهدت عشرات الملايين من المرات، ورغم كونها محظورة بالفعل من قبل المنصة إلا أنها لا تزال تنتشر، فحتى لو تم تحديد صورة واحدة على أنها سيئة (مثل صور تايلور سويفت) فيمكن لأي شخص أن يأخذها ويضخ ملايين النسخ المختلفة قليلاً.

وفي حالة سويفت فقد قيّدت منصة X الآن عمليات البحث لجعل العثور على الصور أكثر صعوبةً، لكن هذا التقييد لن يكون فعالاً بشكل كبير، ولعل أقرب الحلول الجيدة والقابلة للتطبيق في هذا الصدد هي إنشاء تقنية دفاعية تعتمد على الذكاء الاصطناعي نفسه ويمكنها أن تكتشف وتحظر تلقائيًا أي صور قد تتسلل إلى هذه المنصة أو غيرها، لكن هناك مشكلة أخرى في هذا الحل تكمن في أن الكشف بشكل موثوق عما هو صورة ذكاء اصطناعي وما هو صورة حقيقية أمرٌ صعبٌ للغاية، وأصعب بكثير من مجرد إنشاء صور الذكاء الاصطناعي نفسها.

لذا تعمل الكثير من الشركات حاليًا على تطوير وتحسين تقنيات جديدة للكشف عن التزييف العميق، وبالرغم من أن تحسن هذه التقنية مقترن أيضًا بتحسن جودة صور الذكاء الاصطناعي نفسها لكنه على أحسن تقدير قادر على منع انتشار تلك الصور وهو قليل التكلفة وسهل الاستخدام،

بالنظر إلى الماضي، هناك في الواقع مثال واحد يعطي الأمل، حيث وضّح بعض الخبراء أن أفضل سيناريو في مكافحة المواد الإباحية المنشورة دون موافقة أصحابها يمكن أن يكون عبر ما حدث للبريد الإلكتروني العشوائي. ففي التسعينيات، كانت رسائل البريد الإلكتروني العشوائية تشوش صناديق البريد الإلكتروني للجميع، وبدت أنها مشكلة مستعصية يستحيل إصلاحها، ثم تغيرت الأمور. ومن الناحية التقنية، قامت شركات مثل جوجل بتطوير مرشحات متقدمة للتخلص منها، وغيرت القوانين وفرضت غرامات كبيرة وعقوبات جنائية على الشركات التي تقف وراء رسائل البريد الإلكتروني العشوائي المزعجة.

فهل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز الإجراءات القانونية ويكرر قصة نجاح القضاء على رسائل البريد الإلكتروني العشوائي أم أن الأمر مختلف في حالة الصور المزيفة؟ وهل برأيك ثمّة حلول أخرى يمكن أن تحدّ من انتشار تلك الصور؟