في 2020 وبعد شيوع شهرة تيك توك في أيّام جائحة كورونا الأُوَل، نُشرَت وثائق مُسرّبة من داخل فريق المنصّة، فيها بعض التعليمات لجعل الخوارزمية أكثر كفاءة، ومن هذه التعليمات أن تكون الخوارزمية "أقل دعمًا" لغير الجميلات (وذلك حسب معايير محدّدة مثل السُمنة وظهور التجاعيد) إضافة لحجب بعض الآراء السياسية الهمجية، لأنَّ هذا لا يجذب المستخدمين الجُدد.

قد لا يفاجئنا ان نرى أن كثيرًا من نجوم تيك توك الاشهر هنّ شابات رشيقات، فيهنّ بياض وأنوثة، وشعر منسدل وجسدهنَّ غالبًا يُجسَّم ببعض الألبسة الضيقة والقصيرة. العائلة مُحافظة وغنيّة، البيت كبير ويحوي في أحيان كثيرة على مسابح تظهر في بعض الفيديوات

هذا ما تقوله ميلاني كيندي الباحثة في الشؤون الاعلامية، في بحث لها نشرته في المجلّة الأوربية للدراسات الثقافية، كينيدي تجعل الدراسة تدور حول أحد المشهورات في تيك توك والتي تنطبق عليها هذه الخواص، ثمَّ تضيف:

تنشرُ فيديوات لها ضاحكة، غامزة، مُخرجة لسانها أو فاغرةً فمها، أو تشدُّ عضلات جبهتها لتنظر بعين مشدوهةً (ولا نرى أيّ تجاعيد)
ترتدي في الفيديوات زيًا شتويًا رياضيًا علويًا على سراويل ضيّقة، او سراويل عريضة على صدرية علويةٍ مُجسِّمة، بشكل يُوحي للمشاهدين أنّها مليئة بالأنوثة ومرغوبة.

نقاط كيندي التي أشارت لها في البحث تعبِّر فعلًا عمّا يحدث، عندما حمّلتُ تيك توك لأوّل مرّة، أوّل ما أظهر لي فيديو لفتاة -أكثر احتشامًا من صاحبة كيندي- تُظهر لسانها وتتضاحك، وقد يقول المشغوف بتيك توك أنَّ هذه الفيديوات لن تظهر لك إن لم تكن مهتمًا بها، وتستطيع الضغط على زر "لست مهتمًا" فلا يظهر لك مثل هذا النوع من الفيديوات من جديد.

لكنَّ هذا ليس صحيحًا تمامًا، قرأتُ مرّة مقالًا لفريق تيك توك، يشرحون فيه عمل خوارزميتهم، وقد أكّدوا على أنّ خوارزميتهم في الغالب تُظهر للمستخدمين فيديوات يهتمّون بها، لكنّها تُظهر بين الفيديوات -خشية أن يسأم روّادها- بعض الفيديوات التي قد تُعجبهم، تنويعًا وترويحًا من أن يرى المستخدم نفس الفيديوات دائمًا وإن لم يكن مهتمًا، لقد نصّوا بوضوح أنّهم لن يضعوا لك فيديوين متتالين من نفس الطِينة، أو البكسلات.

وكيف ستنوِّع لك تيك توك الفيديوات؟ ستقترح لك ما يُشاهده الناس في عمرك ومثل اهتماماتك، وما يشغل أكثر الشباب الموجود على تيك توك في هذا العصر؟ بالضبط، صاحبة كينيدي.

توضّح كينيدي أنّ في أكثر تلك الفيديوات المُبرزة للفتيات، يكون موقع التصوير في الغُرفات، تبدو من الخلفية سرائر نومهنَّ وبعض الملابس مرميّة في الأرجاء، وهذه من الملاحظات الدقيقة، لكن ما يبدو منه بوادر دراسة عميقة، توظّفه كينيدي لطريق آخر، تتظلَّم فيه -بطريقة أكاديمية مليئة بالمصادر- من احتفاء خوارزمية تيك توك بالنساء البيضاوات، وقلّة الحفاوة بالأقلّ منهن بياضًا وأنوثة، على كلٍ هو بحث يستحق القراءة على أيّة حال.

بالمناسبة، كتبتُ مقالًا عن خوازمية تيك توك سابقًا وأحسبه -ورأيي مُحايد- لا يخلو من الفوائد.