يبدو أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءًا لا يتجزّأ من حياتنا اليومية. من استخداماته في تشخيص الأمراض وعلاجها، إلى مساهماته التي لا تنتهي في العلوم والتعليم والاكتشافات الجديدة العديدة.

وآخر ما توصّلت إليه هذه التقنية، هي عثورها على طريقة لتدخل إلى مجال الحب والعلاقات العاطفية البشرية. فقد تطوّرت أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى الدرجة التي يُمكنها أن تجد شريكًا ملائمًا وفق شخصية المستخدم وما يُفضّله!

وفي هذه التجربة، لا يسعنا إلا أن نستحضر فيلم "Her" والتجربة التي سلّط المخرج الضوء عليها عندما بادل كاتب يعيش في المستقبل القريب، مشاعر الحب والعواطف لبرنامج رقمي على هاتفه على شكل مساعدة صوتية رقمية.

وإن كنّا نظن أن فكرة الفيلم مبالغٌ بها، إلا أن تطبيقات المواعدة المنتشرة للغاية هذه الأيام مثل Tinder و Match و OKCupid أثبتت أن بإمكان البرامج الرقمية أن تعثر لنا على الشريك الملائم!

هذه الصناعة الرقمية استحوذت على حصة ضخمة في السوق بلغت أكثر من 4 مليارات دولار أمريكي، ولا يزال عدد اللاعبين في تصاعدٍ مستمر في السوق الذي تُهيمن عليه شركة Match والتي تمتلك تطبيقات المواعدة المذكورة أعلاه.

هذه المواقع بشكلٍ عام تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال محاورة المستخدم في محاور عديدة لتكوين صورة عمّا يُفضّله وما يبغضه، ثم تقوم بعرض ما يتوافق مع هواه من تحليل الإجابات التي منحها للبرنامج.

أي يُمكن القول أن كل الملفات التي ستظهر للمستخدم بعد تحليله ستكون متوافقه مع هواه وما يبحث عنه في شريك حياته!

بل الأدهى من ذلك، أن هذه التقنيات فائقة التطور ستُتابع سير عملية المواعدة وتقترح ما يُمكن أن يدفعها للأمام، كاقتراح اسم مطعم يرغب كلا الطرفيْن بزيارته!

لكن وعلى الرغم من ذلك، فإن هذه التطبيقات المدفوعة بالذكاء الاصطناعي لا تتمتّع بموثوقية كبيرة كونها تُشجّع المستخدمين على الحكم على الشركاء المحتملين من خلال عدد قليل من صور السلفي ونصوص قصيرة للتعريف بهم!

ومع التطوّر الكبير للغاية الذي تشهده هذه التقنيات وهذا السوق تحديدًا، والتي ربما حقّقت خطوة للأمام في وقت طرحي لهذه المساهمة، هل تظن عزيزي القارئ أن الذكاء الاصطناعي سيأخذ دور الخطّابة في يومٍ من الأيام؟

وهل تثق بهذه التقنيات فائقة التطور لاختيار شريك حياتك؟