في حين ينظر العالم للانطوائية نظرة سلبية، يظن فيها أن الانطوائيين أشخاص منعزلين، مملين، مكتئبين، غريبين أطوار، خجولين ولا يمكنهم التحدث بشكل جيد، بحيث يصورون الانطوائية على أنها مشكلة يجب أن يتخلص منها أصحابها، قدم مسلسل مذكراتي التحريرية نظرة مختلفة للأمر، حيث دعا للتخلص من عبء محاولة التغيير لملائمة المعايير وتغيير نظرة المجتمع حول الانطوائية، وتعامل معها على أنها أسلوب حياة ونمط شخصي يفضل البعض أن يعيشه ويستمتع به، وليس لأن طريقة استمتاعهم مختلفة ومقدار تواصلهم أقل هذا يعني أنه هناك خطب غير طبيعي عليهم بعلاجه، هم فقط يفضلون الأوساط الصغيرة ويرتاحون مع عدد قليل من الأشخاص ويفضلون التركيز على ما يهتمون به حقًا بعيدًا عن التفاهات أو ما يجدونه سطحي من وجهة نظرهم، ولو نظرنا لمنطقهم لوجدنا أنه أفضل للنفس على المدى الطويل. فما رأيكم؟
مسلسل مذكراتي التحريرية: الانطوائية ليست مشكلة لكي نحاول التخلص منها.
هناك فرق شاسع بين الانطوائية (العزلة السليمة)، التي هي طبيعة بشرية، والانعزال التام الذي قد يقود الإنسان إلى الوحدة المدمرة. هذا المسلسل من خلال وصفك، كما يبدو لي، قد أشار إلى الانطوائية كاختيار واعٍ وأسلوب حياة يتمحور حول التركيز على الأهم، سواء كان ذلك في العلاقات أو الاهتمامات الشخصية. الانطوائيون لا يعانون نقصًا، بل يتمتعون بحساسية عميقة تجاه الجودة في كل شيء، من الأشخاص إلى الأفكار.
أما الانعزال التام، أو "الابتعاد المُفرط عن العالم والناس"، فهو أمر مختلف تمامًا. إنه ليس اختيارًا، بل استسلامٌ لشعور بالخوف أو عدم التقبل الاجتماعي، حيث تصبح الروابط مع العالم الخارجي مقطوعة بشكل مُنهِك.
يعني أن الانطوائية تجد العمق وسط السطحية، بينما الانعزال يسحب صاحبه بعيدًا عن الحياة ذاتها.. والآن أجيبوني من وجهة نظركم، كيف نضع حدودا بين الانطوائية السليمة، وبين تلك التي تغرقنا في ظلال العزلة؟
أما الانعزال التام، أو "الابتعاد المُفرط عن العالم والناس"، فهو أمر مختلف تمامًا. إنه ليس اختيارًا، بل استسلامٌ لشعور بالخوف أو عدم التقبل الاجتماعي، حيث تصبح الروابط مع العالم الخارجي مقطوعة بشكل مُنهِك.
لماذا نربط الانعزال بالانطوائيين فقط؟ حتى الاجتماعيين قد يرغبون في الانعزال التام إذا تعرضوا لضغوط أو صدمات دفعتهم لذلك، الرغبة في الانعزال قد تحدث لأي إنسان أيا كان نمطه لأنها رغبة غير طبيعية ناتجة عن مشكلات نفسية عميقة قد تصيبنا جميعا.
هذا صحيح هي ليست مشكلة إطلاقاً؛ فليس من الصحيح أن نفترض أن كل العالم أشخاص إنبساطيون منفتحون بشدة على الآخرين. بل قد يكون لدى الإنطوائي قدرة على العيش بمعزله لفترة طويلة وهو ما لم يقدر عليه غير الإنطوائيين. ولكن هناك فرق دقيق بين الإنطوائية السلبية التي ينطوي فيها صاحبها لخوفه من مواجهة الناس وبين الإنطوائية التي فقط يحب صاحبها أن ينعزل حتى يمارس هواياته والفرق يكمن في أن الأول ربما يخشى الكلام أمام الناس أما الثاني ربما لا يجد ما يقوله فقط لا غير.
وبين الإنطوائية التي فقط يحب صاحبها أن ينعزل حتى يمارس هواياته والفرق يكمن في أن الأول ربما يخشى الكلام أمام الناس أما الثاني ربما لا يجد ما يقوله فقط لا غير.
ولهذا أنا لا أفضل وصف الحالة الأولى بالانطوائية وكأنها نوع من أنواعها، الحالة الأولى يمكن وصفها بمشكلات عدم ثقة أو خوف من الرفض، أما مصطلحات كالانطوائية السلبية أو المقلقة أو المرضية وغيرها تثير سوء الفهم عند الناس حول الانطوائية بشكل عام وتضع الانطوائيين ككل في صورة وقالب كالذي أشرت له في المساهمة. الانطوائية كنمط شيء والرهاب الاجتماعي والمشكلات النفسية الأخرى شيء آخر.
أعتقد أن الكثير يخلط بين العزلة والانطوائية.
فالعزلة من وجهة نظري اختيار واع أو ميل طبيعي للعيش بطريقة أكثر هدوءًا وتركيزًا على الذات، والمشكلة ليست في الانطوائية وحدها، البعض يفضل التواجد في أوساط صغيرة ويركز على العلاقات العميقة بدلًا من العلاقات السحية.
ولكن هناك فارق بين الانطوائية الصحية والانطوائية المقلقة. عندما تصبح الانطوائية عبئًا على الشخص، تدفعه إلى الخوف من التفاعل الاجتماعي وتمنعه من العيش بشكل طبيعي، هنا تتحول إلى مشكلة تحتاج إلى معالجة.
الانطوائية الصحية هي خيار، أما الانطوائية المقلقة فهي خوف غير مبرر.
فالعزلة من وجهة نظري اختيار واع أو ميل طبيعي للعيش بطريقة أكثر هدوءًا وتركيزًا على الذات،
لا أعتقد هذا، الإنسان كائن اجتماعي بطبعه فحتى الانطوائيين يتواصلون ويبنون علاقات ويهتمون جدا بها ولكن طريقتهم مختلفة، لذا خيار العزلة ليس طبيعي وقد يكون ناتج عن صدمات نفسية قوية كالخذلان والهجر والخسارة وغيرهم جعلت من الإنسان غير آمن وغير مرتاح للتواجد وسط الناس، وهذا يحتاج لعلاج نفسي لأنه قد يتطور للاكتئاب أو يؤثر على تطور حياة الشخص ونموه بشكل عام.
أما الانطوائية المقلقة فهي خوف غير مبرر.
أفضل تسميتها بأشياء كثيرة بعيدا عن الانطوائية حتى لا نقع في فخ الخلط بين الحالات المختلفة، كمشكلة قلة ثقة أو خوف من الرفض وهذا يحدث لعدة أسباب منها التعرض للتنمر أو التقليل والاستخفاف بالمشاعر والأفكار أو الإهمال النفسي بالأخص لو تعرض الإنسان لكل هذا في مرحلة الطفولة ومن قبل أهله في المقام الأول.
لذا خيار العزلة ليس طبيعي وقد يكون ناتج عن صدمات نفسية قوية كالخذلان والهجر والخسارة
العزلة اختيار في وقت كثير، وليست دائمًا خيارًا غير طبيعي.
قد أشعر أحيانًا أنني بحاجة إلى الابتعاد عن الضوضاء اليومية، وأن أكون بمفردي مع أفكاري ومشاعري. العزلة تمنحني فرصة للتفكير العميق وإعادة تقييم أولوياتي. قد تكون وسيلة لتجديد الطاقة، وأحيانًا تكون الطريق الوحيدة للتركيز على ما يهمني حقًا.
ما تشير له هو صفات الشخصية الانطوائية، أما ما أتحدث عنه هو الانعزال التام لفترات طويلة والذي يحدث بسبب اضطرابات نفسية، لهذا من الضروري الفصل بين الانطوائية كنمط وسماتها، وبين العزلة أو الانعزال الاضطراري لأنه لا علاقة له بالانطوائية. الخلط بين الاثنين يضر بصورة الشخص الانطوائي.
هل من الممكن أن توضحي أكثر الفروقات بينهم؟
لأنني حقيقةً لا أرى أن العزلة دائمًا ما تكون نتيجةً لضغوط من المجتمع كما ذكرتُ.
الانطوائي لا ينعزل بشكل تام أو دائم هو يتواصل يوميا ولديه محيط خاص به يشاركهم الأحاديث والتجارب أي ببساطة لديه حياة إجتماعية كالاجتماعيين ولكنها صغيرة ويحتاج من وقت لآخر لقضاء الوقت بمفرده فقط ليعيد ترتيب مشاعره أو أفكاره ومن ثم يعود مجددا، أما المنعزل نتيجة مشكلات أو ضغوط نفسية فهو الذي يعيش بشكل مستقل تماما، لا أصدقاء، لا تواصل إلا نادرا ومضطرا، ستجده يجلس بمفرده دائما لا يبادر بالحديث ولا يشجع أي شخص يتحدث معه على إكمال الحديث، هذا الشيء قد يصيب الانطوائيين والاجتماعيين على حد سواء لأنه غير مرتبط بنمط الشخصية ولكن في الظروف التي قد يتعرض لها الشخص، ولهذا قد تجد فجأة شخص نشيط واجتماعي قد تحول للنقيب تماما ودائما بمفرده، هذا بنسبة كبيرة بسبب تعرضه لصدمة أو ضغط نفسي كموت شخص غالي عليه مثلا.
الانطوائية أسلوب حياة يتبعه الكثير من الاشخاص ليس من الضروري أن يكون سيئ وانما بعض الافراد قرروا الابتعاد لان لم يجدون أهتمام والتقدير من المجتمع البعض الاخر يخشون الانخراط بالعالم الخارجي لأسباب تتعلق بهم ربما تكون خاصة فهم يجدون الراحة النفسية في الأبتعاد والعزلة
ولهذا دعنا نفرق بين الانطوائية وبين العزلة أو الانعزال، الانطوائي ليس شخصا انعزالي هو لديه حياة إجتماعية ولكن محدودة أو بسيطة لأنه كما ذكرت يفضل الأوساط الصغيرة ولا يرتاح للجميع بسرعة ولا يفضل عموما الاختلاط والتواصل بشكل دائم لأنه يستنزف طاقته ويشتته عن أفكاره الداخلية التي يستمتع أكثر بالتركيز عليها وفي كثير من الأحيان تكون سببا في إبداعه ونبوغه، أما من يعتزل العالم فهو ليس مرتبط بنمط شخصية معين بالعكس قد يكون كثير ممن يقومون بذلك شخصيات إجتماعية ولكنها تعرضت لنوع من الخذلان أو الصدمات المتكررة التي أثرت على نفسيتها فجعلتها ترغب في الانعزال لحماية نفسها.
كما أن الانطوائيين يتم تصدير صورة نمطية عنهم أنهم هادئون طوال الوقت، وربما لا يملكون أي أصدقاء، في حين أن الانطوائي قد يكون صاخبًا بنفس القدر كالاجتماعي لو كان بصحبة أشخاص يفضل أن يكون برفقتهم، وربما يملك أكثر من صديق. وصدقًا في رأيي أن الشعوب العربية كونها شعوب تميل للاجتماعية أكثر وتكوين صديق في كل مكان تذهب إليه ينظرون إلى ذلك النموذج من التريث والهدوء بصورة منفرة أكثر مما تنظر له الشعوب الأوروبية الشمالية مثلًا. نظرًا لطبيعة الشعب، ولهذا تكون النظرة سطحية دائمًا، أذكر أن صديقًا لي ظن أن الانطوائية نوع من المرض النفسي وأنه يشعر بالحزن للأشخاص الذين يلزمون منزلهم معظم الوقت.
أود الإشارة أن للصدفة مساهمتي للأمس كانت عن فيلم كوري بطلته انطوائية أيضًا. ومن ضمن الأشياء التي تفعلها بصدر رحب وبإرادة حرة هي ترك وسائل التواصل الاجتماعي للأبد:
الانطوائيين يحبون البشر ويحبون الأحاديث والاجتماعيات ولكن بقدر محدود ويختصون به قلة يختارونهم بعناية حسب معاييرهم الخاصة، هم يهتمون بتكوين العلاقات القوية والعميقة وهذا النوع من العلاقات يحتم أن يكون قليل العدد لأن الكثرة تؤثر على الجودة ولهذا يقال أن الاجتماعيين أسعد على المدى القصير ولكن الإنطوائيين أسعد على المدى الطويل.
نحن نسعى لدعم المنطوي للخروج من هذه الحالة لأنها اضطراب أغلب من يعاني منه لم يختار هذه الحالة، ولم يقرر أن يضع نفسه في نطاق معزول عن الجميع حيث لا توجد تفاعلات ولا علاقات اجتماعية وفي أغلب الأحيان مضطر لمواجهة الأمور بمفرده، أغلبهم المضطربين يحاولون الخروج من هذه الأزمة ويعجزون عن فعل ذلك.
أما من يختار هذا النمط فهو بالأساس يمتلك مهارات تواصل ومؤهل نفسياً لأن يكون متفاعل وغير منطوي وهذا وضعه مختلف وهو يعيش بناتج قراراته، أما رفضنا وسعينا لإجبار المنطوي على التفاعل إنما هو محاولة لمد يد العون للمضطربين منهم
الانطوائية نمط شخصي وليست مشكلة، من تتحدث عنهم ليسوا انطوائيين بل لديهم مشكلات قلة ثقة أو خوف من الرفض، لنفرق بشكل أفضل، الانطوائي يفقد طاقته بالتواصل لهذا هو لا يفضل الاجتماعيات كثيرا بالأخص إذا كانت لا تثير فضوله، ولكن هذا لا يعني أنه غير قادر على التواصل هو أذكى في الردود والحديث أكثر من الشخصيات الاجتماعية ولكنه فقط غير مهتم. أما من أشرت لهم فهم شخصيات إجتماعية أي تفضل التواصل والتواجد الدائم ضمن مجموعات ولكنهم فقط لديهم خوف وقلة ثقة تمنعهم من الاندماج وهذا ناتج عن أسباب عديدة منها التنمر على سبيل المثال.
التعليقات