مسلسل lessons in chemistry: ما رأيكم في الشركات التي تفرض قوانين تخص الحياة الشخصية لموظفينها بحجة عدم تأثر أدائهم بالسلب؟

يستحضرني الآن مرّة لقائي بمراسل في قناة مشهورة عالمية، يومها التقيته لأجل تصوير تقرير كنت أعرف الكثير منه، المهم يومها قال لي هذا المراسل في جلسة كلام ودّي بأنّه يخاف أن يأتي اليوم الذي يبحّ فيه صوتي وأطرَد من العمل مباشرةً، هذا الأمر كان مخيف جداً بالنسبة له، لإنّهم كانوا يشترطوا جماليات معيّنة بالنسبة لهذا الصوت، بغض النظر عن المعنى الذي يمكن أن يصل بكل الأحوال، وأنا برأيي لتحديد هذه الأمور وفهمها جداً، يجب أن نعرف نقيضها، أي أن نسألة بأمانة عن مسألة: ما هو المسموح أصلاً لكل شركة، حتى نعرف أنّ كل ما هو عدا هذا المسموح هو خطأ بشكل أكيد، برأيي الأمور هي:

• تحديد ساعات العمل والجداول الزمنية.
• تنفيذ قواعد اللباس.
• منع أنشطة معينة أثناء ساعات العمل، أي شيء هو نشاط يمكن أن يؤثّر فعلاً على مستوى انتاجية الأعمال بشكل قابل للقياس.
• مراقبة أداء وإنتاجية الموظفين.

عدا ذلك لا يجب نهائياً القيام بهذا الأمر بالمرّة.

أظن أن قيام الشركة بصرف الموظفة لأنها حامل بسبب أنها انتهكت القوانين الموضوعة حسب سياسات الشركة، فهناك بعض الوظائف في الشركات الخاصة أو المؤسسات الحكومية تفترض وضع شخصي منفرد ومركز ويخضع لضوابط خاصة، كوظيفة عارضة الأزياء مثلا تفرض خصوصيات في العلاقات الشخصية والتحكم في ما تأكله وتشربه طيلة فترة سير العقد المبرم بين الموظف والشركة وهذا يقع ضمن شروط الإتفاق، ووظيفة العسكري أو رجل الشرطة تفرض مواصفات جسمانية وشخصية للوظيفة.

و إن فرض الشركات لقوانين تقييدية يمكن أن يكون مبررًا بدافع الحفاظ على سمعتها وضمان بيئة عمل صحية وضمان سير العمل بالظوابط المطلوبة، ولكن يجب أن تلتزم هذه القوانين بمعايير الخصوصية وحقوق الأفراد، يفضل دائما فحص التشريعات وسياسات الشركة لفهم حدود هذه القيود وضمان توازن مناسب بين احترام الحياة الشخصية للموظفين واحتياجات العمل.

في العموم تصرف الشركات في تقييد حياة موظفيهم خطأ وهذا يؤثر في حقوق الموظفين وهذا ما اقابله كثيراً في بعض الشركات التي أجري معها مقابلات شخصيه. على الرغم من أن بعض الاحكام قد تستدعي اهتمامًا بالتأثير على أداء الموظف، إلا أن التعميم قد تظلم الكثيرين.

من المهم توفير مساحة للمرونة في الاحكام التي تناسب الشركة دون نقص في اداء الفرد او تأثيره علي عمله لضمان حقوق الجميع وتحقيق توازن مرضٍ بين الحياة العملية والشخصية.

بالمناسبة كثير من أرباب العمل يطبقون تلك القوانين دون أن يفرضوها فعندما تبحثين في وظائف العمل الشاغرة تجدين أن الأكثر طلبًا هم الآنسات الغير متزوجات وترين العرض بالشكل التالي " مطلوب للعمل فتاة ويقضل غير متزوجة" وبذلك صاحب العمل يقوم بإجراء احترازي ليريح رأسه منذ البداية من إجازات الولادة والغيابات والتأخر ناهيك عن هدفه المادي لأن الآنسة باعتقاده سترضى بالقليل.

بالنسبة لموقفي فأنا أكره تلك المعاملة والتمييز بناءً على الحالة الاجتماعية والحياة الشخصية للموظفين وأرى أن الفيصل يجب أن يكون في إتقان الموظف لعمله دون النظر لاعتبارات أخرى.

أنا أيضاً أرى أنّه من غير العادل أو المقبول أن تفرض الشركات قوانين وقواعد تقيد حياة الموظفين الشخصية. فالموظفون هم أشخاص لديهم حياة كاملة خارج العمل، ويجب أن يكون لديهم الحق في العيش تلك الحياة كما يرغبون.

بالنسبة للمسلسل فلم أشاهده رغم أنه يبدو لي جيداً وبه ممثلة أحبها كثيراً ولكن وفق للمثل الذي قمتي بطرحه في حالة طرد العالمة في المسلسل بسبب حملها، فإن ذلك يعد انتهاكًا واضحًا لحقوقها. فهي موظفة مؤهلة ومجتهدة، ولا يوجد أي دليل على أنها لن تكون قادرة على أداء عملها بشكل جيد أثناء الحمل أو بعد الولادة.

بالنسبة لفرض قيود على الزواج أو الإنجاب، فإن ذلك يعد أيضًا نوعًا من التمييز غير العادل. فالزواج والإنجاب من الأمور الطبيعية التي يحق لكل شخص القيام بها، ولا ينبغي أن يُعاقب الموظفون على اتخاذ هذه القرارات.

بالطبع، قد تعتقد بعض الشركات أن فرض هذه القيود ضروري للحفاظ على جودة العمل. ولكن أعتقد أن هذا الرأي غير صحيح. فهناك العديد من الموظفين الذين يمكنهم الموازنة بين متطلبات العمل ومسؤوليات حياتهم الشخصية بنجاح،من الأفضل للشركات أن تركز على تقييم أداء الموظفين بشكل عادل وشفاف. إذا تأثر أداء الموظف فعلًا بسبب تغييرات في حياته الشخصية، فيمكن للشركات حينئذ اتخاذ إجراءات مناسبة، مثل تعديل ساعات العمل أو توفير مساعدة إدارية.

قرأتُ منذ عدة أيام منشور على الفيسبوك لواحدٍ من مشاهير صناع المحتوى في مصر، وكان يتحدث عن أنه قبل أن يقبل الموظفين في شركته يقوم بفحص صفحاتهم على تطبيقات التواصل الإجتماعي.

أرفض هذا الأمر شكلًا وموضعًا، فالشركات بهذه الطريقة تتحول إلى أماكن عسكرية تتحكم في الشخص وأرائه، بل وتفرض عليه عقوبات برضه من وظيفة من الممكن أن حياته كانت لتتغير بسببها.

أرى أننا يجب أن نعترض على الموضوع بالكامل، ويجب أن تفهم الشركات هذا الأمر، فالحياة الشخصية خط أحمر، ولن تتوانى الشركات الرأسمالية لثوانٍ حتى تتحكم في حياتنا أيضًا.

الجدير بالذكر أننا إذا فكرنا في كل الوظائف التي يعمل بها الإنسان حاليًا، فلن نجد وظيفة واحدة تستحق تدخلات بهذا الشكل !