عاد المسلسل التركي الشهير "القضاء" بموسم ثالث منذ فترة قريبة، وعدت بالزمن لأتذكر بدايات هذا المسلسل، وقصته وشخصياته، حيث بطلة المسلسل " جيلين" هي محامية ذكية جدا ومجتهدة، ولا تمانع فعل أي شيء وحتى لو بمخالفات أو مجاوزات للقانون لتبرئة موكليها، وإن لم تتأكد من برائتهم، فبالنسبة لها، هي محامية وهذا دورها وما ينص عليه واجب وظيفتها، وهو الدفاع عن كل البشر بغض النظر هل هم مذنبين أم لا، وفي أحد القضايا وفي أثناء دفاعها باستماتة عن شاب متهم بجريمة قتل ومحاولاتها لتدمير أدلة إدانته، من سخرية القدر أن تكتشف أن الضحية المقتولة هي أختها المتعلقة بها بشدة، وهنا تضرب بكل مبادئها عرض الحائط وتقيم حربا على الشاب وعائلته، وتبدأ القصة من هنا.

وبعيدا عن أن تغير رأيها كان بدافع أن الضرر قد وقع عليها، ولكن لنعود لمنطقها بالأساس، هي تتحدث أن واجب مهنتها يدفعها للدفاع عن أي شخص حتى وإن كان مذنب، ولكن هل من الإنسانية أن يسعى شخص من أجل تبرئة قاتل أو سارق أو شخص دمر حياة أشخاص أخرين؟

الأمر ليس في مهنة المحاماة فقط، بل لننظر لمهنة الطب أيضًا على سبيل المثال، فواجب المهنة ينص على إنقاذ جميع الأرواح، وحتى إن كانت إحداها قد أزهقت مئات الأرواح الأخرى. وفي الطب النفسي، ليس مسموح على الإطلاق إفشاء أسرار المرضى، وحتى لو كانت إحدى هذه الأسرار هي جريمة أو ضرر يؤذي بالآخرين!

لا توجد استثناءات، الواجب يفرض عدم التمييز، ولكن الإنسانية تفرض علينا أن نهتم بأرواح وحياة المظلومين والمتضررين، الضحايا الذين عانوا، والحيوات التي دُمرت، ماذا عنها؟ أين الواجب المفروض علينا تجاهها؟

فما برأيك أهم، هل الإلتزام بواجب وأخلاقيات المهنة أم لا شيء يعلو على إنسانية الفرد؟