مرّة شاهدت كورس كامل أونلاين تابع لجامعة هارفارد يُناقش قضية العدالة للدكتور مايكل ساندال، كان يؤطّر فيها مفهوم العدالة ولفتني في ذلك اليوم تكلّمه عن القضاء والعدالة فيه بتعريف مميز جداً حيث قال: العدالة مفهوم تعني عدم الإنحياز في محاكمة أي إنسان لأي أمر ومن هذا تنطلق كل أنواع العدالات. 

يشعر الإنسان العادي بأنّ التعريف السابق هو أمر عادي وبسيط (أي أنّ من الطبيعي والبدهي طبعاً أن تكون العدالة هي عدم الإنحياز) ولكن هُناك مواقف كثيرة بالحياة تُثبت العكس دائماً، بأنّ الأمر صعب جداً، وهذه المواقف استطاعت السينما وبالأخصّ التلفزيون في السنوات الأخيرة من إظهاره وتصويره بشكل واضح، خاصّة مثلاً بالمسلسل الشهير breaking bad الذي كان فيه سؤال واحد يلاحق المسلسل كله، سؤال أخلاقي مجتمعي يحكمه: ما الأهم؟ العائلة أم العدالة؟ وذلك لإنّ البطلين الرئيسين فيه متضادّين بالفعل ولكن في ذات العائلة: الأول رجل يحكمه القانون، محقق، والثاني رجل عادي قرر الخروج عنه "أي القانون" حين يكتشف المحقق ذلك، يأتي السؤال: هل عليّ فعلاً أن أُسلّم أحد أفراد عائلتي إلى المحاكمة العادلة، أم عليّ أن أقيم وزناً وربما أوزان للعائلة وأثار هذا عليها؟.

من منّا يرى هذا السؤال سهل؟ بالطبع لا أحد

الأن أصبحت الأمور أعقد، وصار لزاماً علينا أن نُرتّب أولوياتنا فعلاً وبشكل مُسبق، لا لشيء ربما إلّا لغرض واحد، غرض واحد ومهم، هو أن نفهم أين نحن فعلاً بالمجتمع وما واجبنا اتجاهه، وأين نحن من عائلاتنا وعلاقاتنا معها؟ أقصد ما هي حدود التضحية التي نستطيع أن نُقدّمها لهم. 

الأن أسأل أسئلتي الخاصّة، الأسئلة التي تعنيني فعلاً من كل هذا، هل يُمكن أن يُعتبر الشخص الذي يقوم بتسليم أحد أفراد عائلته للخطر في سبيل غاية أسمى "العدالة في موضوعنا" أن يكون رجلاً أخلاقياً؟ أيّهما أصعب؟ خيانة القانون والمبادئ الأخلاقية، أم خيانة العائلة؟ إلى من ندين فعلاً بواجبنا وما هي الجهة التي يجب أن تحكم حياتنا وأولوياتنا؟ فعل الصواب أم فعل ما نُحب أن يكون صواباً؟