مسلسل سفاح الجيزة: إلى أي مدى يستطيع الكاتب أن يدخل عناصر جديدة في قصته دون الاخلال في القصة الحقيقية؟

فما هي الرسالة التي يمكن أن تقدم من مسلسل اجرامي، به سفك للدماء وكمية من العنف

قبل أيام كتبت مساهمة لي عن فيلم july 22 وهو فيلم يحكي قصّة السفاح النرويجي الذي قتل 77 شاب في أوسلو من أجل تغيير قانون استقطاب المهاجرين في بلاده، الأمر حين طُرح بالتأكيد لم يشابه بالملميتر ما صار فعلاً في تلك الواقعة، فهذه سينما وسفاح الجيزة تلفزيون، أي أنّها أعمال درامية لتروى يجب أن تُكثّف أحداثها وتُختزل وتطوّر قليلاً لتحقيق شرط الإمتاع والإقناع، بالنسبة لسفك الدماء والبحث عن رسالة في الأمر، هذا مطلب غريب للصراحة، هل مثلاً نطلب الرسالة من برامج رامز جلال العنيفة جداً والتي تقوم بإرعاب الناس والاستخفاف بعقول المشاهدين؟ بالطبع لا. ولكن لماذا؟ لإنّ بالحقيقة نحن كعرب نخلط بين جهتين بشكل واضح، بين المؤسسة التعليمية والمؤسسة الترفيهية، مثلاً مؤسسة ومجموعة mbc تدخل تحت أي شق؟ بالتأكيد مؤسسة ترفيهية، ومؤسسة الترفيه يجب أن تصنع ترفيهاً وتُبنى على الخيال. بكل تأكيد أخذوا موافقة السلطة في استعراض الحادثة عبر الرقابة وأخذوا موافقة الأهل مالياً، لا تظنّي أنّ الأمر سيمرّ بدون موافقات خاصّة في مصر، إذاً ما المشكلة؟

في بحثنا عن رسالة أصلاً ضمن مؤسسة ترفيهية بحتة.

وكيف أن ذكراتهم تعود بهم للوراء للعيش مرة أخرى مع ألم فقدان فلذات أكبادهم واقاربهم.

ولذلك لا أفضل إستخدام القصص الواقعية بالأعمال الدرامية إلا بعد مرور فترة طويلة، خمسون عاما على الأقل، وذلك لسببين:

أولا تجنبا لإثارة من هم على علاقة بأبطال تلك القصة، وتعرضهم لحرج مجتمعي..

وثانيا، لأن معظم الجمهور سيكون على دراية بأحداث وتفاصيل القصة الحقيقية من خلال الأخبار، وهو ما سيجعلهم يعقدون مقارنات مستمرة بين العمل والخبر!

هناك الكثير من الحالات التي يعمد فيها الكاتب إلى إضافة عناصر جديدة للقصة وهو ما أسمّيه الضرورة " القصصيّة" إذ أنّها تكون مفروضة على الكاتب من أجل صناعة حبكة أفضل للقصّة . إلّا أنّ إضافة عناصر جديدة مع مغالاة بها وه ما يغيّر بنية القّصّة بكشل جذري فأعتقد أنّ هذا الأمر يشكّل تعديّا على حقوق الملكيّة الفكرية وهي أمور على فكرة تحصل في معظم المسلسلات التي تعكس سيرة حياة أحدهم أو حدث ما مثل الذي ذكرتيه. ففي مسلسل مثلا يعكس حياة اللايدي ديانا كان هناك استهجان قوي بأنّ المسلسل يضيف الكثير من التفاصيل التي لا صلة لها بالواقع ولذلك فأنا أعتقد أنّ هذا النّوع من المسلسلات يتطلّب الكثير من توخّي الدقّة والموضوعيّة في نقل القصّة.

منتج العمل معه حق فهو لا يوثق مسيرة مجرم، وإنما يصنع عملًا فنيًا مستوحى من مسيرة مجرم، وهذا النوع من السينما يهدف إلى صناعة المتعة بنكهة الحقيقة والواقعية، وهو مقبول تمامًا أن يُدخل لها ما يشاء من تفاصيل للحبكة الدرامية والمزيد من المتعة والتشويق.

في حقيقة الأمر أنا من الأشخاص المعارضة بشدة لهذا المسلسل من الأساس، لأن السينما المصرية لا تقوم بعمل أفلام أو مسلسلات وثائقية بهدف التوعية وإنما بهدف الشهرة والدعايا والمال وهذا ما يحدث بالفعل عند التغيير في مجريات الأحداث لجعل المسلسل أكثر تشويقًا ولكن في النهاية يتطرق المسلسل لفتح باب أمام بعض الأشخاص الغير واعيين بالإتجاه لهذا الطريق ظنًا منهم أنهم سينالون ما يريدون بدون أن يتم كشفهم كالقصة الحقيقية.

 ما قاله منتج العمل وردًا على الجمهور المعارض والمنتقد للمسلسل اذ يرى بأن هذا المسلسل ليس وثائقيًا ويحق للكاتب أن يكتب و يضيف ما يحلو له، لكن كيف هذا؟ 

هذه حجة ضعيفة للغاية لأن المسلسل تم تسميته تبعًا للقصة الحقيقية لذلك الجميع يعتبره وثائقي لذلك أي تغيير في الأحداث يعتبر تلاعب بالحقيقة ولكن ما أراه صحيحًا هو جعل النهاية أكثر ألمًا من الواقع حتى يصبح هنالك رادع أمام من يفكر فقط بهذا الطريق.

ما رأيك بالمسلسل إن كنت قد شاهدته؟

لم ولن أشاهده وأعتقد أنه من الأفضل أن تقل الدعايا والضجة الإعلامية قليلاً في الفترة القادمة.