مسلسل سفاح الجيزة: لماذا يعيش البعض بشخصيتين متناقضتين؟

فهل من الممكن أن يتواجد بيننا هؤلاء الأشخاص من أصحاب الشخصيات المتناقضة؟ كيف نستطيع كشفهم؟

من الغريب فعلاً أن يطرح إنسان هذا السؤال برأيي، هل حضرتك لا تعيشين بشخصيتين فعلاً في حياتك؟ لا تتسرعي بالإجابة، هذه فرصة لأن تنتبهي إلى نفسك فعلاً، جميعنا نعيش شخصيتين وحتى شخصيتين أيضاً على الأقل، منّا من يعيش خمسة ومنهم عشرة أيضاً! المسألة متعلّقة بالظرف والذكاء معاً، مثلاً، أنت الأن تريدين التعرف على شاب في الجامعة مثلاً، هل تقومين بطرح شخصيتك كما هي معه؟ من يفعل ذلك فعلاً من البنات؟ الكل يزيّف مظهره ويحاول أن يلمّع صورته جداً أمام الآخر، هذه لعبة اجتماعية يعرفها الجميع وهي ذاتها التي تسبب الطلاق بعد الزواج، تقول البنت لحظتها زوجي تغيّر أو يقول الشاب زوجتي لم تعد تحبّني وتغيّرت! وفي الحقيقة هم فقط يكونون قد ملّوا هذه اللعبة الاجتماعية وعادوا إلى أكثر شخصية تريحهم في الحياة، شخصيتهم الأساس، التي جمّلوها أصلاً سابقاً.

وحتى في الشغل، قد تكون أكثر بنت كسولة في بيت أهلها أكثر بنت تشتغل في العمل ومجدّة، هذه التناقضات تحصل، بسبب ظروف أو أمور نفسية كثيرة، الآن تخيّلي معي الظروف المادية صارت أصعب بكثير والطفولة كانت جارحة جداً، والأمور كلها تقريباً سيئة جداً، سيئة إلى درجة مقيتة في تذكّر الماضي وتخيّل المستقبل، كيف سيكون حال تلك الشخصية الثانية؟ حال مزري جداً، شخصية تقتل وتهين وتسرق وترتكب ما لا يجب أن يُرتكب، هذا طبيعي، وجود شخصيات لدينا وتعدد فيها أمر طبيعي، الغير طبيعي أن نتحصّل على شخصيات متطرّفة.

ما هي دوافعهم؟! عزيزتي رغدة ألم تشاهدي فيلم joker؟ إن أي مجتمع مقهور لابد له وأن يمارس القهر على الآخرين، لو كان هذا القاتل وجد بيئة آمنة سياسيًا لا يخشى فيها الاعتقال لإبداء رأيه، وآمنة اقتصاديًا لا يخشى فيها الفقر والجوع، وتتيح له فرصة الإبداع والتميز، ولا تقهر رجولته لما تحول إلى قاتل.

بالطبع لا أبرر فعلته، لكن حينما نحاسب القاتل يجب أن نحاسب البيئة التي نشأ فيها، يجب أن نحاسب المسؤولين عن وصوله لهذه الدرجة من الجنون الهيستيري.

إن الشر الكامن في المجتمع ما هو إلا انعكاس للقهر الواقع عليه.

أعتقد أنّه ليس لنا القدرة على كشف هذا النّوع من الأشخاص خاصّة أنهم يكونوا على قدر عالي، من التمثيل. حدث معي أنّ أصبت بالصدمة عندما عرفت أنّ إحدة الشخصيات التي يـأتمنها الفرد على نفسه هي شخصية مصابة بالنّفاق وكل ما تحدّث حوله هو محض إدعاء. ما يفاجئتي جقا أن الحياة لا تستحق هذا الكم الهايل من التثميل إذ أنّنا نعيشها مرّ’ فلا يمكن أن نحياها بمسرحية وتمثيل رخيص.