نسمع ونشعر عادةً أنّ سعادتنا لا تكتمل إلّا بمشاركتها مع المحيط، إلّا بإشراك الناس معنا فيما يُسعدنا حقاً.

أليس كذلك؟ ألا تشعر بأنّ هذا الحاصل معك أحياناً؟ لكن ماذا لو كان هذا ذاته سبباً رئيسياً لكي تُدمّر سعادتك وتخرب ما كنت تبنيه فعلاً سواء من نجاح أو من حالة نفسية أنت بها الأن؟ 

يستعرض مسلسل أولاد آدم بشخصية غريبة ومُركّبة جداً اسمها غسّان يؤدّيها المُمثّل السوري مكسيم خليل هذا الأمر، حيث بواحدة تقريباً من أغرب وأحلى المشاهد يُقابل شخص يبيع أكل شارع ويبدو عليه الفقر، ولكن لمصادفة يكتشف غسّان بأنّ هذا الرجل الفقير الذي يكتشف حاله أثناء الشراء منه أنّهُ سعيد! يبدأ بسؤاله عن أحواله وعن حياته بالتفصيل، يدخل معه في تفاصيل التفاصيل ليتأكّد أخيراً أن نعم، الرجل لا يكذب، هو فعلاً سعيد، وهذا تماماً ما يُغيظه وبلا أي أسباب، لمجرّد أنّهُ اكتمل يُزعجه، فيقوم بتدمير العربة التي يقف عليها الرجل عن آخرها ويضحك كثيراً على ذلك.

هذا المشهد على بساطته وحلاوة استعراضه طبعاً في المسلسل إلا أنّهُ عين الحقيقة في مرّات كثيرة، يبدو أن السعادة الخالصة تسبب إزعاجاً، السعادة مُزعجة لأولئك المكروثين والذين في ضياع في هذه الحياة. هُناك أثر وحديث معروف عن النبي الكريم يحكي عن هذه المسألة يُشكّل حلاً لهذه المواقف: "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان".

مع تواجد الكثيرين في الحياة الذين يشبهون غسّان في الحياة ومع رغبتك في مشاركة سعادتك بين الناس وخاصّة في عصر تغدو المشاركة فيه سهلة بوجود وسائل التواصل المجتمعي نضيع، نضيع بين أن نقول أو لا نقول. من خلال تجربتي الشخصية أشعر بأن الأمر لهُ علاقة بالذكاء العاطفي ومعرفة من هو الشخص الذي يجب أن نشركه فيما نفعل ومن لا، هذا بالضرورة يحيلنا إلى أنّ المشاركة المجموعية أمر خطير خوفاً من المكائد والحسد.

لذلك أحتفظ بدائرتي، بدائرتي من الأشخاص الذين أشعر فعلاً بأنّهم يكنّون حُبّاً لي، حب حقيقي، وأحكي لهم، وأنت؟ إلى ماذا تميل عادةً؟ هل هو كتمانٌ تام ما تعيشه؟ أم مفتوحية بالكلام مع الجميع؟ أم رُبما تعيش فيما بَين بين وما زلت لا تعرف ما الطريقة الأنسب للتعامل مع الأمر؟ 

شاركنا رأيك وتجاربك في الأمر