كثيرون هم من يعتقدون بخيريّة الناس، أنا من القلّة التي تعتقد العكس، بل وأمعن في ذلك الخيار إلى أن أعتقد أن معظم الناس أشرار حتى يثبت العكس، على العموم لست وحدي في هذا الأمر، هُناك مثقّفين وفلاسفة تجرّأ الواحد منهم على تحليل ومراقبة سلوكيات الناس وملاحظة هذا الأمر، واحد منهم وربما أهمّهم نيتشه!

يقول نيتشه في واحدة من جُمله العبقريّة برأيي: "حقًا إنني أسخرا كثيرًا من الضعفاء الذين يعتقدون أن أنفسهم صالحين، فقط لأنهم ليس لديهم مخالب لينشبوها" هذا بالضبط ما أتكلّم عنه، يلخّصه هذا العبقري كعادته بحرفيّة رائعة، في مسلسل الإنمي مثلاً DEATH NOTE يقع أيضاً بسلسلة درامية ما أشعر به فعلاً، يقع دفتر يُسمّى مفكّرة الموت،هذه المفكّرة تمكّن صاحبها أن يشطب أي اسم في الحياة عن الحياة أيضاً فقط حين يكتبه في هذه المفكرة، وقع الدفتر في يد شاب طالب مدرسة، وابن رجل أمن مُهتم بالخير والصلاح والعدالة.

نرى بأمّ أعيننا التطوّر والتحوّل للشخصية، حيث تبدأ طالب مدرسة مُجدّ ومتفوق جداً حلمه الالتحاق بسلك الشرطة كأبوه، ويتبدّل ذلك فوراً عند وصول المفكّرة ليده، ليصير حلمه بعد لحظة وبحدّ تعبيره: حاكم العالم الجديد! - ما الذي يفعله فوراً هذا الحاكم؟ يبدأ بالقتل! كُل شخص مجرم يقتله متجاوزاً العدالة ليصبح هو ذاته العدالة والحاكم الجديد، ثُم يقتل من يعترض طريقه ثم أهله وأصدقائه، هي مجزرة حقيقية للبشر ومن طالب عادي مُسالم كأقرانه!

وبالمناسبة: كل من وقع تحت يده هذا الدفتر تصرّف بذات الطريقة، وكل من يقع تحت يده في الحياة الواقعية أمراً يتيح له التكبّر والتجبّر على الناس وعلى القوانين لن يُقصّر في ذلك وسيقفز فوق كل عقد اجتماعي قد يكوّنه البشر أو كوّنوه سابقاً. هذا هو الإنسان على حقيقته. 

ولذلك برأيي نسمع تلك الجملة السائدة في المجتمع حين نرى أنّ أحدهم قد فاز بمال كثير فجأة وصار غنياً: لقد غيّرته الثروة وصار قاسياً وغير مبالي بمحيطه - وهذا كذب، هو لم يتغيّر، نحن فقط من عجزنا على رؤيته ورؤية أنفسنا في ظروف قوّة هائلة، نحن فقط من نزيّف هذه الخيريّة المُفتعلة ليستمر المجتمع بالانسجام 

أخيراً: هل تتفق معي في أنّ مُعظم الناس أشرار حتى يثبت العكس؟ أو أن لكَ تجربةً مغايرة ورأياً مختلفاً للمسألة؟