بعد يوم مليء بالأحداث الكوميدية، والكوارث التي أفعلها -كالعادة- في عملي، أخيرًا عدت للمنزل، ولكني فوجئت بأخي يجلس على مكتبي بكل أريحية ويشاهد حلقة من حلقات أعمل إيه، تابعت بالصدفة مشهد للفنان خالد الصاوي قال فيه: أنا والله عشت طول عمري محترم وكافي خيري شري وكان كل هدفي أحمي بناتي، وأنتم جايين دلوقتي تحاسبوا بناتي على أخطاء ولادكم... أنا ذنبي إيه.
شاهدت أب لم يفعل شيء في الحياة سوى حماية بناته، لم يفعل شيء سوى سيره بجوار الحائط حتى وقع الأخير عليه، ولكن مع الأسف تلك الظاهرة موجودة بكثرة في الآونة الأخيرة؛ فكلما زادت طيبة الإنسان وأخلاقه كلما توالت عليه الكوارث وكأن بين الطيبة والكوارث علاقة طردية، دعوني أخبركم بأسباب تلك الظاهرة كما يلي:
1- الشخص الطيب لا يعرف قواعد اللعبة
الطيبون لا يعترفون أبدًا بمقولة "الناس نوعان" لذا يتعاملون بكل سذاجة مع الجميع وكأنهم نسخة منهم، نيتهم حسنة وأخلاقهم عالية، ولكن في الحقيقة كلما تعاملوا معهم على هذا النحو كلما سمحوا للآخرين باستغلالهم والتلاعب بهم وبمشاعرهم.
2- الأخلاق نقطة ضعف لو ظهرت أمام السفهاء
المشكلة أن الأخلاق كنز يجب إخفاءه عن الجميع؛ لأنها نقطة ضعف كبيرة... مهلًا، لا تستاءوا سأوضح الأمر.
سأخبركم مثال لو صادفت شخص متواضع يتعامل مع الأشخاص بإنسانية ولا يسمح لأحد بإحضار كوب شاي له حتى هؤلاء الذين يعملون في تلك الوظيفة وقتها أنا تعاملت معهم بأخلاقي فحسب، ولكن الطرف الآخر سيستغل طيبتي وتواضعي وقد يطلب مني مساعدته في عمله بما أني متواضعة لهذا الحد.
بيت القصيد أن بعض البشر قد يستغلون طيبة الآخرين وتواضعهم ويستنزفوهم؛ لهذا أنصح نفسي بمقولة "لا تكن صلبًا فتكسر ولا لينًا فتعصر" الطيبون في هذا الزمن ضعفاء بأخلاقهم بسبب هؤلاء الحمقى الذين يستغلون أخلاقهم وطيبتهم بطرق خبيثة
3- نوستالجيا
الطيبون يعيشون في عالم خاص بهم، عالم مليء بأخلاق الماضي وعاداته وتقاليده، سمعت كثيرًا أمي وأصدقائي يرددون جملة واحدة، وهي: المشكلة أن أهلي ربوني غلط، المشكلة أن أمي مربتنيش كده
تلك هي الحقيقة مع الأسف؛ فالعالم الآن ينظر للطيبين وأصحاب المبادئ السامية والأخلاق العالية وكأنهم كائنات رجعية أو ساذجة أو أغبياء أو هكذا ينظرون إليهم ليحللوا لأنفسهم خداعهم والتنمر عليهم وأذيتهم.
والآن أخبروني هل الطيبون يعانون من الكوارث أكثر من الأشرار بسبب طيبتهم وأخلاقهم أم بسبب قلة خبرتهم في التعامل مع الحياة التي تبدلت 180 درجة وأمست حياة بلا أخلاق؟
التعليقات