السينما قادرة على أن تتجاوز دورها كوسيلة ترفيه، قادرة على الغوص داخل النفس البشرية بتعقيداتها وعوالمها خاصة اللاوعي، من المدارس الفنية التي منحت السينما هذا العمق هي المدرسة السيريالية، وقد نشأت المدرسة السيريالية في الأدب والفن التشكيلي ثم انتقلت إلى السينما .
تركز السيريالية على استخدام أدوات غير معتادة في السرد، فهي تكسر السرد النمطي وتستخدم عوالم اللاوعي والأحلام والرموز، لتقديم تجربة بصرية مختلفة وثرية.
من أبرز من قدموا تجارب لها طابع سيريالي في السينما العربية المخرج رأفت الميهي أفلام مثل "تفاحة" و "سمك لبن تمر هندي" على الرغم من أن هذه الأفلام تحمل داخلها نقد لواقع الحياة الاجتماعية والسياسية، مثل فيلم سيداتي سادتي الذي نجد فيه عالم الفيزياء يتنكر من علمه ليعمل ساعي في مصلحة حكومية فقط لأنه يجني مالاً أفضل.
وفي السينما العالمية فيلم مثل I'm thinking of ending things للمخرج تشارلي كوفمان يعد من أبرز الأمثلة للسيريالية في السينما، حيث يقدم سرد غير نمطي، تجربة تختلط فيها الأحلام بالواقع، لتتحول السينما من وسيلة للحكي إلى وسيلة لاستكشاف الذات.
وعلى الرغم من ذلك نجد أن أغلب الجمهور ينفر من الأفلام ذات الطابع السيريالي، ربما لاعتقادهم أن السينما ليست سوى وسيلة للترفيه، أو رغبة المتلقي واعتياده على طريقة السرد النمطية، فالجمهور يرغب في رؤية بداية ووسط وعقدة وحل، يرغب في أن يرى الخير ينتصر.
قد تكون السيريالية غامضة ومربكة، لكنها تحمل في داخلها أحلام ورسائل تبحث عمن يحاول فك شفراتها، فالسيريالية لا تقدم لنا الواقع كما هو، بل كما نحلم به، لذا سؤالي ما الذي يمنع السيريالية في السينما من أن تصبح تيارًا جماهيريًا؟
التعليقات