في فيلم الأنيميشين اللطيف zootopia لدينا أرنوبة صغيرة تسمى جود تعيش في عالم يحكمه الحيوانات، حيث الحيوانات الأقوى هي من تتولى الوظائف الصعبة كالعمل في الشرطة، ولكن جود لم يعجبها الأمر، وأرادت أن تثبت أن برغم بنيتها الضعيفة وقوتها شبه المعدومة إلا أنها ستصبح أفضل شرطية في المدينة، وبصورة وردية حقق لها الفيلم ذلك لتكون الرسالة النهائية الموجهة لجمهوره من الأطفال " أنت تستطيع أن تكون ما تريد أيًا كان ما تريد. متناسين هنا عن كافة العوائق التي قد تمنع ذلك منها طبيعة الشخص، قدراته العقلية والجسدية، مواهبه الفطرية، ظروفه البيئية والمادية، وغيرها الكثير، ورأيت من وجهة نظري لو كانوا وازنوا بين اختيار الحلم الذي تريد تحقيقه وبين كل ما أشرت إليه لأصبحت الرسالة قابلة للتحقيق على أرض الواقع، ولكن بشكل عام فأنا أرى أن لكل شخص امكانات محددة صعب أن يتجاوزها لكي يحقق حلم بعيد المنال عنه، فهل توافقونني الرأي أم لديكم وجهات نظر أخرى؟
فيلم zootopia: يمكن للإنسان أن يفعل أي شيء أم لكل شخص امكانات محددة؟
وجهة نظري أن كل انسان له كامل الحق في أي حلم مهما كان كبيرا، ومن جهة أخرى أؤمن بمقولة كل انسان مُيسّر لما خُلِق له و معايير ذلك ليست الامكانيات الجسدية أو الفكرية، فكم من ضعيف بنية أثبت جدارته في عدة رياضات.. وإنما الفكرة أن كل شخص خلقه الله ليتولى مكانا في هذه الحياة لا يغطيه مكان آخر، وكل شخص مميز بأمر لايوجد في غيره، ما رأيك بمقولة الشخص المناسب في المكان المناسب؟
من ضعيف بنية أثبت جدارته في عدة رياضات..
والسؤال هنا لماذا يثبت جدراته في عدة رياضات وهو ضعيف أو لديه مشكلة أو إعاقة تصعب عليه ذلك؟ ألا ترى أن هذا نابع في الأصل لنظرة المجتمع الذي يضع هؤلاء تحت ضغط نفسي رهيب لإثبات أنفسهم وجدارتهم ليشعروا بتقبل وترحيب لوجودهم من المجتمع فيلجأوون لطرق صعبة وشاقة جدا لا تناسب امكاناتهم فقط لتعويض احساس النقص لديهم وتحقيق القبول المجتمعي؟ لماذا لا يفيد نفسه ومجتمعه بامكاناته الحالية؟ فإذا كان الشخص معاق جسديا مثلا لماذا عليه أن يحترف رياضة صعبة بدلا من دراسة مجال يعتمد في الأساس على القدرات العقلية ولن تكون مشكلته عائق من الأساس أمامه لاحتراف المجال، هنا نستطيع أن نطبق المقولة التي أشرت لها " الشخص المناسب في المكان المناسب".
أنا غير مقتنع بوجود قدرات أو استحالات غير قابلة للتحقيق، طالما هي معقولة، وأعني بمعقولة أنها قابلة للتحقق بجهد وسعي ومحاولات، فمثلاً غير منطقي أن أقول أنا إسلام سوف اتحول إلى زرافة برية أو سوف ازرع برأسي ورود عباد الشمس، لأن الهدف والغاية هنا لا يمكن للعقل تقبلها ولا يمكن لأي مجهود أن يحققها.
ولكن لو قلت أنا سأصبح رئيس دولة فولله لا أرى ذلك مستحيل ولكن يتطلب مجهود وسعي وتخطيط ومحاولات و....
وأقصد أن الأهداف كلها ممكنة طالما هي معقولة، وأنا عن نفسي في محيطي أدعم كل من يحاول وأقدم له الثقة والدعم المعنوي والأفكار واؤمن بأن من يفعل ذلك هو شريك نجاح
ولكن لو قلت أنا سأصبح رئيس دولة فولله لا أرى ذلك مستحيل ولكن يتطلب مجهود وسعي وتخطيط ومحاولات و....
ولكن السؤال هنا هل ستصبح رئيس ناجح قادر على أداء كل واجباتك بأفضل صورة؟ وصول أي إنسان لأي مكانة أو هدف لا تعني دائما احقيته واستحقاقه بهذا المكان، في هذا العالم الذي تملؤه قوانين غير مطبقة وأنظمة هشة وطرق وألاعيب ملتوية يمكن لشخص غير كفء أن يصل لمكانة لا يستحقها، وما أعنيه بكلامي أن الأهداف يجب أن تكون مرتبطة بالقدرات، فمسألة القيادة مثلا تحتاج لمهارات وإمكانيات معينة لا توجد عند الجميع، فلا يمكنك أن تقول أنني أريد أن أصبح قائدا وأنت امكاناتك لا تسمح بذلك، ووصولك لذلك الهدف لا يعني احقيتك به، فقد يكون النظام المتقاعس هو السبب في ذلك.
ثمة فارق بين القدرات والذكاءات، القدرات قابلة للتنمية وهذا يعني أن أي هدف مقتصر على قدرات فقط هو قابل للتحقيق لو تم التخطيط له كفاية وبذل المجهود اللازم، فلو أنا قلت سوف ارفع سيارة عشر مرات من على الأرض، هنا الأمر معتمد على قدرات بدنية ويحتاج لتدريب ونظام معين حتى يتم تحقيق الهدف.
ولكن الذكاءات مثل الذكاء الحسي والفني والرياضي وغيرهم من الذكاءات المتعارف عليها لو كان الهدف يعتمد عليها ومتطلباته اكبر من حدود هذه الذكاءات فهو مستحيل، كأن يقول مثلاً شخص لا يعرف القراءة والكتابة أنه خلال أسبوع سيؤلف معجم في علوم اللغة هنا الهدف مستحيل لأنه لا يتناسب مع ذكاء من ذكائاته وحتى لو بذل مجهود يكفي لتحريك جبل من مكانه فلن يحقق.
سوف ارفع سيارة عشر مرات من على الأرض، هنا الأمر معتمد على قدرات بدنية ويحتاج لتدريب ونظام معين حتى يتم تحقيق الهدف.
جميل ولكن أنت كإنسان عادي كامل القدرات تستطيع أن تطورها، ولكن مثلا ماذا عن شخص لديه إعاقة جسدية أشركته في لعبة رياضية فكرتها في الأساس قائمة على الحركة واستخدام جميع الأطراف، أليس هذا ضغطا عليهم، فتعلم رياضة لشخص عادي هو في حد ذاته تحدي لكي يحترفها فماذا عن شخص يفتقر أساس أي رياضة وهو القدرة على الحركة؟؟ هذا ما أتحدث عنه أن تكون القدرات والامكانات الشخصية ليست متناسبة مع الأهداف فتصبح حمل بدلا من أن تكون شغفا.
يقول مثلاً شخص لا يعرف القراءة والكتابة أنه خلال أسبوع سيؤلف معجم في علوم اللغة هنا الهدف مستحيل لأنه لا يتناسب مع ذكاء من ذكائاته
أنا اختلف معك هنا حتى الإنسان الذي يعرف القراءة والكتابة لن يستطيع تأليف معجم في أسبوع، هذا ليس مرتبط بالذكاء، الهدف من الأساس غير منطقي وغير قابل للتحقيق طالما أنه مرتبط بهذه المدة الزمنية، ولكن بشكل عام هل يستطيع شخص لا يقرأ أو يكتب أن يؤلف كتاب؟ الإجابة نعم، إذا تعلم القراءة والكتابة ودرس وتعمق وتفقه في اللغة إلا أن احترفها وكانت قدراته العقلية تسمح بذلك فسيتمكن من ذلك.
أرى أن اختلاف الناس فيما بينهم في القدرات والمهارات وطرق التفكير وقوة البنيان وغير ذلك، هو اختلاف تنوع وليس تباين. ويجب على كل الإنسان أن يتقبل نفسه كما هو، ويتقبل غيره كما هو. ليس معنى ذلك أن يكف عن تطوير نفسه ومحاولة التغلب على التحديات، ولكن أقصد أن لا يتسخط على حاله، أو ينتقص من قدر غيره.
ضعيف البنيان مثلا، يتقبل نفسه، ويسعى لتطوير جسده، من خلال الذهاب للمتخصص، ومتابعة الخطوات التي توصله لهدفه. كذلك من هو ضعيف في مادة الحساب، يذهب للمتخصص الذي يمتلك القدرة على تيسير وشرح هذا العلم له، ثم يجتهد ويذاكر، ويُحصّل منه على قدر استيعابه، فإن نجح في ذلك فبها ونعمت، وإن لم ينجح فليعلم أن هذا ليس مناسبًا له، ويحبث عن الأنسب له، وهكذا.
التعليقات