فيلم cast away واحد من أروع الأفلام في تاريخ السينما العالمية

مرحبًا بك نور الدين، وشكرًا لمساهمتك القيمة،

أعتقد أن هذا الفيلم هو من أفضل الأفلام التي وضحت تأثير الخوف والوحدة والألم وكل الصراعات الداخلية على العقل، ففكرة تعلقه بصروة ذهنية تتمثل في انتظار زوجته على الجهة الأخرى، لم تكن إلا وسيلة دفاعية ليحافظ بها على قوته و رجاحة عقله، فتخيل معي لو سيطرت عليه فكرة أن جميع الناس تعتقد أنه مات وكلا مضى في طريقه (مع العلم أن بالتأكيد هذه الفكرة كانت أهم سبب لصراعه وتساؤلاته الداخلية) هل تعتقد أنه كان ليرغب بالمقاومة كل يوم حتى يعود مرة أخرى لحياته السابقة؟

أحيانًا خداع عقلنا هو الأسلوب الوحيد لتقبل الألم ومعايشة الواقع حتى نستطيع مقاومة صراعتنا الداخلية، ولكن سؤالي يختلف في نقطة هل ما تبحث عنه يبحث عنك، هل كنا لنأخذ نفس الموقف ضد الزوجة والأصدقاء لو كنا لم نشاهد الفيلم؟ أعني شخص فقد في المحيط، فما احتمالات أن يعيش كل تلك الفترة؟

جميلة هي الأفلام التي تتحدث عن النجاة وقدرة الممثل على أن يكون منفردا طوال الفيلم أبدع فيها توم هانكس لدرجة جعلتنا جميعا نحزن على ويلسون الكرة، بالمناسبة أثر هذا الفيلم على صناع فيلم كوري وكان يناقش تقريبا نفس القضية ولكن بتأثير أكبر على الحالة النفسية للشباب واسمه cast away on the moon هل شاهدته من قبل؟

فيلم غاية في الروعة بالتأكيد خاصة وأنا في سن صغيرة كنت أحب قصص المغامرات كثيرا، ووجدت نفسي أسرح بخيالي عند قراءة قصة روبنسون كروزو وقصة الكنز وغيرها الكثير التي تدور في إحدى الجزر النائية مع كيفية التعامل ووسائل البقاء بشتى أنواعها.

متخيلآ أن على الضفة الأخرى من ينتظره زوجته التى يحبها وحياته السابقة هذا التخيل كان حافزآ قويآ ليبني قارب و يسبح فى المحيط ويعود لأرضه وينجو بنفسه و يرجع من الموت 

وهل علينا أن نلوم زوجته التي نست وتناست وأحبت وتزوجت و الناس الذين أقاموا سرادق عزاءه وتناسو؟! بالطبع لا، فهم وسط أناس و زوجته قد تكون تحملت شهور و سنين ثم لما لم تجد فائدة عاشت حياتها بالطريقة التي تريدها. فهل نلومها؟ أعتقد لا لأن البعيد عن العين بعيد القلب وهذا حقيقي في مجمله. إن لنا أن نتعاطف مع ذلك الرجل في جزيرته النائية ولكن علينا ان نسأل أنفسنا سؤال: هل لو كان في جزيرة غير نائية هل كان يمكن أن يرسم تلك الصورة و يعيش على أمل أن يلقى زوجته وأطفاله مثلاً؟ أعتقد أنه كان من الممكن أن يتزوج وينجب أطفالاً آخرين من زوجة أخرى! ولكنه لأنه وجد نفسه وحيداً في العراء فلم يجد عزاءاً إلا أن يعيش على ذكرى العودة. من يضمن لنا انه كان سيصنع نفس الشيئ لو لم يكن وحيداً؟!! أعتقد أن علينا أن نتعاطف مع ذلك الرجل ولكن في ذات الوقت لا تثريب ولا لوم على الزوجة أو الناس لأننا لو افترضنا ان الزوجة كان يجب عليها ان تعيش باقي عمرها على ذكرى زوج لم تعرف أحي هو أم ميت لتجنينا عليها وحملناها فوق ما يتحمل معظم النساء.

أروع ما في هذا الفيلم الدرس المخلّد الذي يحمله: علينا أن نتعوّد ونتقبّل ثقافة النسيان التي نعاامل بها وقد نتعامل بها, النسيان ليس دائمًا ورطة فقد يكون أحيانًا نعمة نستطيع من خلالها أن نمضي قدمًا.