الفيلم الكوري Concrete Utopia: هل يُطبق رأي الأغلبية حتى ولو كان ضد الإنسانية؟

يقول جون ستيوارت ميل عن الحكومات و الدميقراطية: لا يوجد شكل من أشكال الحكم يكون مناسبا في كل زمان ومكان. وبدلا من ذلك، يجب أن تكون الحكومات مفصلة لتناسب الأشخاص الذين تحكمهم. وفي حين أن الديمقراطية التمثيلية هي الأفضل في العالم المتحضر، إلا أن هناك العديد من الشعوب غير الصالحة للحرية.

فحسب مل الديمقراطية لا تصلح لكل الناس. لأنه له رأي بان رأي الأغلبية لا يعني الحق دوماً وقد يكون رأي فرد هو الحق ولا يعني الإجماع مائة بالمائة على صوابية و أحقية الرأي. فهنا نحن لا نناقش صوابية الأمر بل رأي المجموع وهو خاطئ بلا شك وغير أخلاقي. ولكن من قال إن الديمقراطية تعني الحق؟! الديمقراطية تسعى إلى تغليب مصالح الغالبية من الناس. وقد يرى البعض من غير الأخلاقيين أن الصوابية تدور حيث دارت مصلحة المجموع؛ فالمجموع أحق بالتقرير لنفسه طالما هو يرى ذلك.

أذكر ان أفلاطون - أو غيره - قال ما معناه أن الديمقراطية قد تأتي بالحمقى إلى الحكم ولكن ما حيلتنا وهي أصوب نموذج للحكومة قد توصل إليه البشر حتى الآن؟! فللديمقراطية عيوبها ولكنها أقل العيوب من بين أنظمة الحكم العديدة لأن التاريخ البشري مر بكل أنظمة الحكم فلم يرت حتى الآن إلا الديمقراطية كنظام يحقق قدر الإمكان مصالح المجموع وإن لم يكن الجميع. ولذلك إجابتي على سؤالك التالي هي نعم.

هل يتم تطبيق قرار لمجرد أن أغلبية الناس وافقت عليه رغم كونه في الأساس قرار ظالم أو مدمر؟

شخصيا لا أطيق مشاهدة الأعمال والأفلام الكورية نظرا لكونها تتّسم بالمبالغة وهي قريبة من الأعمال الهندية بعض الشيء، فهم يبالغون في بعض المشاهد، لكنني بتُّ أحب التعرف على بعض الأفلام الشيقة التي تسرد ثقافة المجتمع الكوري وتعكسه فعلا ومشهدا، لم أشاهد هذا العمل لذلك لا يمكنني الحكم عليه بالضبط، في حين ذلك يمكنني إقتراح عمل آخر أعجبني وهو  مشاهدة فيلم آخر من نفس المخرج Um Tae-hwa، وهو فيلم Vanishing Time: A Boy Who Returned، وهو فيلم درامي خيالي عن مجموعة من الأطفال الذين يجدون ساعة غامضة تغير مفهومهم للزمن ربما أحببت هذا العمل لكونه شيقا وفيه مزيج من الخيال العلمي والغموض والتشويق.

ليصوتوا بقرار " مع أو ضد بقاء الغرباء" والأغلبية الساحقة صوتت لطرد الغرباء للخارج ليواجهوا مصير مجهول محكوم عليه بالموت إن عاجلا أم آجلا.

قضية التصويت واتخاذ القرارات بالأغلبية تعكس توترًا دائمًا بين حقوق الأفراد وحقوق الجماعة، وهي قضية أخلاقية وسياسية معقدة. يتعين على الديمقراطية، التي تعتبر مبدأً أساسيًا في الكثير من الأنظمة، معالجة هذا التوتر بطريقة تحقق التوازن بين الحفاظ على حقوق الأفراد وضمان مصلحة الجماعة.

ولكن ماذا لو قرار الأغلبية خاطئ ويضر بالآخرين؟

من خلال مثل هذه اتصويتات ينبغي حماية حقوق الأقلية، وضمان عدم تعرضها للظلم أو التهميش من خلال آليات لحماية حقوق الأقلية، حتى عندما يكون هناك قرار بالأغلبية، ربما من الجيد أن توجد فئات خارجية تدعمها وتدعم القرار الصائب وليس قرار الأغلبية، يعني تكون جماعة خارجية للتحكيم، تعمل هذه الجهة على التحقق من شرعية القرارات وتأثيراتها على جميع أفراد المجتمع، إذا كان قرار الأغلبية ينتهك حقوق أساسية أو يسبب آثار ضارة، فقد يكون هناك حاجة إلى إعادة النظر فيه.

الأهم من كون الرأي هو رأي أغلبية الناس هو قدرتهم على تنفيذ هذا الرأي بالقوة، فإذا كان لديك السلطة والقوة لفرض رأي سيتم سواء كان رأي الأغلبية أم الأقلية وسواء كان صحيحا أو ظالما مدمرا ولنا فيما يحدث في بريطانيا مثال فالأغلبية الساحقة هناك تقف مع حق الشعب الفلسطيني وحدثت مظاهرة آخرها مظاهرة بالأمس فيها ما يزيد عن ال300000 ألف شخص لكن الأقلية الحاكمة الظالمة لا زالت تقف ضد قرار وقف إطلاق النار

فلا تهم الأغلبية ما يهم قدرتك وسلطتك على تنفيذ القرار

ويثير فضولي حقيقة معرفة ما الذي جرى في الفيلم لو تكرمتي عرفيني ما النهاية

في حالة فيلم "Concrete Utopia"، فإن قرار الأغلبية لطرد الغرباء هو قرار خاطئ وغير عادل. فهو ضار بالغرباء، الذين سيواجهون الموت إذا طردوا إلى الخارج. كما أنه غير عادل، لأنه يحرم الغرباء من حقهم في العيش والحماية.

في مثل هذه الحالات، فإن الرأي القائل بأن قرار الأغلبية يجب أن يُنفذ بغض النظر عن نتائجه هو رأي غير عادل. فهذا القرار ضار بالآخرين، ويخالف مبدأ المساواة أمام القانون.

هناك عدة طرق من وجهة نظري يمكن من خلالها التعامل مع هذه المشكلة. إحدى تلك الطرق هي أن يتم تعديل النظام الديمقراطي بحيث يتم حماية حقوق الأقلية من قرار الأغلبية. على سبيل المثال، يمكن أن يتم منح الأقلية حق النقض على القرارات التي تضر بها، طريقة أخرى هي أن يتم تعزيز قيم العدالة الاجتماعية في المجتمع. عندما يكون الناس أكثر وعيًا بالعدالة، فإنهم يكونون أقل عرضة لاتخاذ قرارات غير عادلة.

هل يتم تطبيق قرار لمجرد أن أغلبية الناس وافقت عليه رغم كونه في الأساس قرار ظالم أو مدمر؟

أعتقد أن دور الأغلبية والأقلية في المجتمع والحديث عن معنى العدل والإنسانية في ظل الأزمات يعتمد على الوضع والظروف والقيم والمبادئ التي يتبناها الناس، ومن المهم أن نحترم حقوق وكرامة الآخرين وأن نتعاون معهم للبحث عن حلول تحقق المصلحة العامة وتحمي الضعفاء والمظلومين، أما بخصوص سؤالك فمن جهة يمكن القول بأن تطبيق قرار الأغلبية هو أساس الديمقراطية والحرية والمساواةو يعكس نوعا ما إرادة الشعب ويحترم خياراتهم وتفضيلاتهم، لكن من جهة أخرى أجد نفسي أقول بأن تطبيق قرار الأغلبية قد يكون ظالما أو مدمرا في بعض الحالات، خاصة إذا كان ينتهك حقوق وكرامة ومصالح الأقليات أو يضرّ بمصالح أخرى، فيمكن أن تكون بعض الحالات مدمرة لبلدان بأكملها، لذلك أتفق في إقامة مفهوم الديمقراطية من خلال تعيين لجان علمية ومؤهلة لاتخاذ مختلف القرارات.

يمكننا أن نسأل أنفسنا ما هي الديمقراطية ولماذا نحترمها. سنجد أن الديمقراطية هي نظام حكم يعطي الناس الحق في المشاركة في اختيار من يحكمهم وكيف يحكمون، و تقوم على مبدأ أن كل شخص له قيمة وكرامة متساوية، وأن صوته يجب أن يسمع ويحترم.

ولكن ماذا لو قرار الأغلبية خاطئ ويضر بالآخرين؟

اعتقد انها دائما الأغلبية تحترم مبدأ الديمقراطية الذي يقول أن الناس هم مصدر السلطة والشرعية و تحاول تحقيق المصلحة العامة والرفاهية للمجتمع.

اما من ناحية ان القرار واضح كثيرا انه ظالم في هذه الحالة لا يصح تطبيق قرار الأغلبية لأن في هذه الحالة اصبح ظلم، و يمكن ان يسبب مشاكل بين المجتمعات، و في هذه الحالات يجب التحلي بالعقلانية و أن يكون الخيار حكيم.

للناس الحق في تقرير مصيرهم ولكن ليس مصير الآخرين. ففي حالة الفيلم الذي تحدثتِ عنه لا يوجد أي حق لسكان المبنى في أن يقرّروا مصير الأفراد المتواجدين في الخارج. أعتقد أنّ أي حق لي يتوقف عند حدود حق الآخر، أي عند الحدود التي يصبح فيه تعديًّا. لذلك تقرير سكان المبنى لمصيرهم مع الإضرار بالأفراد الآخرين فهذا يعتبر انتهاكًا صريحًا. وإن أخبرتيني ولكن لا يتسع المبنى للجميغ فإنّني سأخبركِ انّه بإمكانهم أن يعطوا الأولوية في الإيواء للمسنين والأطفال والنساء والمرضى.