شاهدتُ مؤخرًا الفيلم الكوري (محتال على الخط)، رئيس العصابة في الفيلم كان يقول لجماعته وهو يدربهم على طرق النصب على الآخرين: الاحتيال يتمحور حول التعاطف، نحن لا نستغلّ الجهل أو الغباء بل الآمال والمخاوف، لذلك حفزّوا غريزة الآخرين لحماية من يحبونهم من حدوث الأسوأ لهم!!.

في نهاية الفيلم كانت الرسالة بأن لا نُجيب على رقم غريب، ولا نسمح للغرباء بمساحة حرية من الثرثرة، وإن اضطررنا لذلك فلننهي الحوار حين يدور موضوعه حول دفع المال.

هذا الفيلم ذكرني بأحدّ النصابين في لقاء معه أشار بأنهم كمحتالين لا يبحثون عن أولئك الذين لا يوجد لديهم ما يخسرونه، بل ينصبّ بحثهم على تلك الفئة التي تخاف الخسارة، ولديها ما تقلق حوله!!، بماذا تشعرون وأنتم ترون كيف تصبح مشاعرنا وسيلة احتيال علينا!؟ 

كلّ ذلك خلق التساؤلات في داخلي وأنا أعيد تلك الأحداث التي قد أكون مررتُ بها مع غرباء شدني ذلك الوجع على ملامح وجوههم، أو تلك الدمعة المتساقطة من عيونهم وهم يشرحون ظروفهم الصعبة.

لكن، هل يتوقف الأمر عند الغرباء، أو مشاريع وهمية أقنعونا الدخول بها؟، ألا يحدث الأمر أيضاً مع الأصدقاء؟ فكم مرّة قمنا بسداد أحد الديون عن صديق أو قريب وشعرنا كأننا نتسوّل منهم حين طالبنا باسترداد أموالناّ، فأتسائل ولتشاركوني الإجابة، كم مرّة تعرضنا للاحتيال بسبب شعورنا بالتعاطف؟ وكيف كانت مشاعرنا ونحن نجد بأنّ ما تعبنا لتحصيله يأخذه المحتال دون عناء؟

هذا العصر بما حمله من تطوّر واطلاع على تجارب الآخرين، استطاع أن يسلبنا الأمان، وخلق زمرة من الأشخاص يجيدون التلاعب بالكلمات لحتى دون أن نفكر ننقاد إلى ما يملونه علينا فنفقد ما كنّا نجمعه، لأجل وَهْم استطاعوا في لحظة تزيينه في عقولنا، فنفقد ما في جيوبنا، ومدخراتنا، وأخيراً نفقد ثقتنا بالمحيطين بنا.

برأيكم، كيف يمكن للثقة بالآخرين أن تبقى ونحن نواجه أطماع المحيطين، ولا نعرف حقيقة ما يدعونه؟

ألا تتفقون معي بأنّ الاحتيال ليس إلا جريمة تتمّ برضا الضحية حتى وإن كان مبرره التعاطف؟