بداية أنا أحترم الفن أياً كان جنسيته هذه هي القاعدة التي أستند عليها ، وبالطبع أرحب بالفن السعودي على أنه فن يمكن أن يظهر عوالم جديدة لنا وأفكار جديدة ، وفي فيلم حوجن الضخم التكلفة تم تقديمه على أنه في البداية رواية من الخيال العلمي بحسب كلام المؤلف وهو ليس خيال علمي على الإطلاق .. هو فيلم خيالي يعتمد على قصص الجن والأشباح في حين يجب أن تستند أفلام (الخيال العلمي) على نظريات (علمية) يتم بناء الفكرة عليها ، وكانت هذه أول مشكلة في أن لا يعرف مؤلف الفيلم كيف يصنف روايته -هذه مشكلة كبيرة- المشكلة الثانية هي كلمة (تأليف) حيث أن كلمة تأليف تعني بالضرورة أن هذا العمل بالكامل هو عمل أصلي من خيال المؤلف ، ورغم أنني لم أقرأ الرواية لكن بمجرد مشاهدة إعلان الفيلم وقصة الجن الذي يجمعه قصة حب مع أنسية (هي تيمة مكررة) وحتى أن لدينا فيلم الأنس والجن المشابه للفكرة نفسها ولكن ليس هذا فقط بل هناك بعض الأحداث الخاصة بالشخصيات مقتبسة بالكامل من فيلم مدينة الملائكة من بطولة نيكولس كيج و ميج رايان التي تحكي عن ملاك هبط من السماء وأحب أنسيه وتخلى عن قدراته من أجلها ، هناك مشاهد مصورة بذات التفاصيل تقريباً في الفيلم ، أنا هنا لا أهاجم بأي شكل السينما السعودية .. لكن أنتقد هذا التوجه الذي يدفع الكثير من الأشخاص الكسلى على نسب شيء لأنفسهم (لا يجيدوه أو يفهموه) .. وبالنظر أكثر سنجد الكثير من المؤلفين السعوديين يلجئون في مواقع العمل الحر للمؤلفين الأشباح ليكتبوا نيابة عنهم.. وهذا من وجهة نظري لا يصنع سينما ولا يصنع فن .. يصنع مجرد فقاعات جميلة الهيئة.
فيلم حوجن: كيف يمكن للسينما السعودية أن تتجاوز فقاعة الإنتاج إلى الإبداع الحقيقي؟
أعتقد أن هذه هي النتيجة الطبيعية للاعتماد على الميزانيات الضخمة والمؤثرات البراقة الجاذبة للعين مع غياب الإبداع الحقيقي. الاقتباس بحد ذاته ليس معيبًا إن تم تقديمه بروح جديدة أو بزاوية مبتكرة، لكن استنساخ الأفكار دون إضافة قيمة حقيقية هو ما يجعل العمل فاقدًا للتأثير والتميز. أعتقد أن السعودية عليها أن تستثمر في تطوير المواهب المحلية القادرة على تقديم قصص فريدة وذات طابع خاص بدلاً من محاكاة الأفكار الجاهزة أو الاتكاء على نجاحات سابقة. بهذا فقط يمكن بناء صناعة سينمائية مستدامة تحمل بصمة مميزة.
أتفق تماماً أن الاقتباس بحد ذاته ليس عيباً بل هو (فن) بحد ذاته إن تم استخدامه بطريقة ذكية وضمان الحقوق الأدبية مثل ذكر أن هذا العمل (مقتبس) فسينما هوليود نفسها تقتبس من الكثير من الأعمال الأوربية والأسيوية الناجحة وكما قلت أنت :
إن تم تقديمه بروح جديدة أو بزاوية مبتكرة، لكن استنساخ الأفكار دون إضافة قيمة حقيقية هو ما يجعل العمل فاقدًا للتأثير والتميز.
السعودية يمكن أن تتكامل مع الإنتاج العربي عموماً والمصري خصوصاً بالاستفادة من خبرات بعض وقدرات بعض ، وأنا هنا لا أتحدث عن استضافة السعودية لنجوم مصريين فقط ، ولكن الخروج من بوتقة (عظمة الفن السعودة وقوة وتاريخ الفن السعودي) ففي الحقيقة هذا كله هراء ومجرد كلمات براقة يشدو بها كل منافق متمتع بأموال هيئة الترفيه ، أنا أتحدث عن تنفيذ فن حقيقي مثل بناء السعودية مثلاً لأكاديمية كبيرة تتبنى صناع السينما الشباب في الوطن العربي وتدمجهم بالشباب السعودي ليحققوا مشاريع مشتركة مبنية على مواهب حقيقية تثقل بالدراسة الأكاديمية وتدعم بالمنح المالية التي تجعل مشاريع الموهوبين الحقيقين ((ممن لا يحظون بفرص حقيقية)) الحصول على فرصة لتحقيق أنفسهم في أنتاج عربي مشترك يتيح أنتشار السينما العربية في كل أنحاء الوطن العربي .. ولكن هذا رأيي ماذا عن رأيك؟
رأيي يتفق مع فكرتك تمامًا، خاصة في نقطة أن التكامل العربي هو المفتاح لتطوير السينما، وليس فقط الاكتفاء بالشعارات البراقة أو الاعتماد على الأسماء الكبيرة. المشكلة الحقيقية ليست في قلة المواهب، بل في غياب الفرص المنظمة والدعم المستدام. فكرة الأكاديمية التي تقترحها مذهلة، لأنها تركز على بناء الأساس الصحيح للصناعة من خلال التعليم والتمكين المالي. هذا النوع من المشاريع لا يخدم فقط السعودية، بل يرفع من مستوى الإنتاج السينمائي العربي ككل، ويخلق فرصة حقيقية للتنوع الثقافي والانتشار العالمي. التعاون الحقيقي يتطلب التواضع والرؤية المشتركة، وليس التنافس الفارغ أو الاكتفاء بالتفاخر.
ولكن هل تعتقد أن صاحب المال (القوة) سيهتم بمثل تلك الحلول .. أن من يسعى للفن من أجل الفن (كغاية) يمكنه ببساطة تقديم مثل تلك الحلول بل وتقديم حلول أفضل .. لأنك لا تنظر للمكانة التي سينطق بها أسمك .. ولكن للمعنى النبيل الذي تسعى لتحقيقه : مثل سينما عربية تغزو العالم وليس (سينما سعودية أو مصرية أو خليجية أو أي أيدولجية) .... هل تمنح الشعلة لمن يستحق أن كانت معك القوة ؟
القوة والمال عادة يضعان أصحابهما أمام خيار صعب: تحقيق المكاسب الشخصية أو خدمة المعنى النبيل. المشكلة تكمن في أن من يملك القوة قد يخشى منحها لمن يملك رؤية أعمق، لأن ذلك يعني تقليل نفوذه أو الخروج من دائرة السيطرة. لهذا، الشعلة غالبًا تبقى حيث المال، وليس حيث الرؤية. لكن أنا شخصيا، فحتما سأعطي الشعلة لمن يستحقها
لتتمكن السينما السعودية من الإبداع لا بد أن تركز على المحتوى الذي يعكس القصص المحلية بلمسات عالمية، مع الاهتمام التام بجودة الإخراج والسيناريو أكثر من أي شيء آخر، فأنا ألاحظ أن الاهتمام بالكم طغى على الإبداع بشكل كبير، ولتسهيل مهمة الإبداع لا بد من الاستماع للجمهور والاستثمار في المواهب الصاعدة والتعاون مع أصحاب الخبرات الدوليين ولكن دون التخلي عن الهوية الثقافية، كما ينبغي أيضاً أن يتم الحرص على دعم المنصات التعليمية السينمائية السعودية وتشجيع عمليات الابتكار والإبداع فيها باستخدام تقنيات حديثة.
هل تعرفي يا بسمة أنا لا أعرف دراستك حقاً هل هي مرتبطة بالسينما أم لا ولكن ما طرحتيه بالتحديد يشكل نصف حل للمشكلة :
لتتمكن السينما السعودية من الإبداع لا بد أن تركز على المحتوى الذي يعكس القصص المحلية بلمسات عالمية، مع الاهتمام التام بجودة الإخراج والسيناريو أكثر من أي شيء آخر
فإن قاموا ببناء أستراتيجية لتنفيذ أعمالهم بناءاً على هذا الحل كركيزة أساسية فقد ضمنوا ما يصل إلى 75% من النجاح ، وصدقيني 90% من مشاكل أي سينما تكمن في مشاكل في السيناريو والإخراج ... ولكن هل تعتقدي أن هناك إمكانية أن يسمعوا وينفذوا حل مثل هذا؟
معظم الإنتاج الفني حالياً معتمد على النحت والتقليد، وذلك لأن الأمر تحول إلى تجارة غرضها ربح فقط، وانظر في أي فيلم أو مسلسل من أي بلد عربي وابحث جيداً في أقل من ساعات ستجد مصدره وتعرف أخذوه من أي عمل، الكادر والإخراج والموسيقى وربما اختيار الممثلين يتم بعد دراسة عمل أصلي ناجح.
لا أعلم هذا بسبب غياب المبدعين القادرين على صناعة عمل أصلي مبتكر، أم أن المنتجين فقدوا الثقة في قدرة الفنانين والمؤلفين وباتوا في حلقة مغلقة معتمدة على تكرار التجارب الناجحة فقط.
هذا المشكلة ليست متعلقة بالاقتباس بحد ذاته ولكن متعلقة بنقطة واحدة أنت ذكرتها وأصبت فيها الهدف:
معظم الإنتاج الفني حالياً معتمد على النحت والتقليد
ولأن كل ما يعمل بالمهنة حالياً يكون سعيه الواضح نحو السبوبة ولأن رأس المال جبان فالأمر يتلخص في البحث عن نماذج أو قوالب ناجحة من الأفلام بغض النظر عن الموضوع وجودة الفكرة فقل ما يحدث هو (نقش للفكرة دون أبداع) وتسويق .
وهكذا .
أرجوا ألا نقسوا عليهم في خطواتهم الأولى، لديهم تجربة جديدة عكس معظم دول المنطقة، السينما المصرية قديمة عمرها ربما قرن من الزمان كذلك اللبنانية والسورية نشأو في نفس الفترة تقريبا لكن لا يمكن ان نحكم على التجرية السعودية مبكرا، نعم هياخطاء وربما تضعف النواحي الفنية ولكن كتجرية في بداياتها ، بالنسبة لي مقبولة.
بالعكس أنا أرى في تلك القسوة هي جرس إنذار للتنبيه بهدف إعادة السير بالمسار الحديث فهناك مثل مصري شهير ( يا بخت من بكاني وبكا الناس عليا ولا ضحكني وضحك الناس عليا) المعنى مفهوم فأنا في بداية المناقشة ذكرت ببداية المساهمة بأنني :
أحترم الفن أياً كان جنسيته هذه هي القاعدة التي أستند عليها ، وبالطبع أرحب بالفن السعودي على أنه فن يمكن أن يظهر عوالم جديدة لنا وأفكار جديدة
التعليقات