مرحباً مجدداً يا أصدقاء !

ربما من الأمور التي حفرت في ذهني منذ تخصصي في التسويق هو توصيف وظيفة التسويق بأنها تتلخص في فهم عقلية وسلوكيات المستهلك وليس التحكم بها، فالهدف الرئيسي من التسويق ليس تغيير المستهلك ليتوافق مع المنتج بل تغيير المنتج وتطويره وفقاً لتفضيلات المستهلك.

وهذا يقودنا إلى مصطلح آخر جديد في عالم التسويق وهو التسويق العصبي أو (Neuromarketing) وهو يمثل التداخل بين التسويق وعلم الأعصاب في أبهى أشكاله، حيث يهتم بدراسة الإشارات العصبية والفسيولوجية في دماغ المستهلك لمعرفة وتوقع تفضيلاته وسلوكياته الشرائية ودوافعه، والإستفادة من هذه البيانات في تطوير الحملات الإعلانية أو في التسعير وغيرها من الجوانب المختلفة، ويتضمن إجراءات طبية مختلفة وقد تكون معقدة ومكلفة، فهل يستحق الأمر هذه المخاطرة ؟

ولعل واحدة من أهم التجارب في هذا المجال هو التجربة التي أقيمت في جامعة إيموري في عام 2004، حيث قاموا بتقديم مشروبات كوكا كولا وبيبسي للمشتركين دون توضيح العلامة التجارية وقاموا بقياس إشارات الدماغ، ثم أعادوا التجربة ولكن هذه المرة بعرض العلامة التجارية عليهم وأظهرت النتائج تغيرات واضحة ونشاط مختلف في إشارات الدماغ وطريقة تعامله وتلقيه للمشروب مع معرفة العلامة التجارية.

وعلى الرغم مما ذكرته سابقاً حول الهدف الرئيسي من التسويق إلا أنه يتم اتهام المسوّقين بأنهم يستخدمون التسويق العصبي وغيره من الأدوات للتحكم والتلاعب بدماغ المستهلكين وسلوكياتهم، وهناك مخاوف بشأن استخدام عمالقة التكنولوجيا مثل ميتا لمثل هذه الأساليب وإجراء تجارب شبيهة دون التحلي بالشفافية حيالها، فهل فعلاً تحاول الشركات إجبارنا -بشكل ما- على شراء منتجاتها وتفضيل خدماتها؟ وهل يفقد المستهلك حريته الشرائية؟ أم أن تأثير التسويق يبقى محدوداً إلى حد خدمة رغبات المستهلك دون توجيهها؟