في إحدى الإعلانات الخاصّة بقطع السيّارات وتحديدًا الدواليب، قامت امرأة شابّة بحمل دولابين بآن معًا ولم تلبث أن وضعتهما في مكانهما المناسب داخل إطار السيّارة. تراوحت مشاعري حينها ولدى رؤية المشهد بين الصدمة والإستياء إذ كيف لامرأة أن تنفّذ عملًا خاصًّا بالرجال وهو العمل الذي يتطلّب قدرة جسديّة عالية توفّرها البنية الجسديّة للرجال وليس للنساء. إلّا أنّني تفاجئت عندما وجدت أنّ صديقتي قد أسعدها هذا المشهد وبرّرت موقفها حينها بالقول " على الأقل لا يعطِ هذا الإعلان صورةً نمطيّة عن المرأة، حيث أنّ بإمكانها أن تكون امرأة خارِقة أيضًا."

يُعرف هذا النّوع من الإعلانات في عالم التسويق بالتسويق المثير للجدل بحيث يتناول الإعلان قضيّة حسّاسة أو مثيرة للجدل ينقسم النّاس في رؤيتهم لها بين مؤيّد ومعارض. ومن الشركات التي نشطت في هذا المجال شركة بيبسي بحيث وضعت فيديوًا تسويقيًا يصوّر عارِضة الأزياء الشهيرة كيندال جينر وهي تقوم بجلسة تصوير خاصّة. فما لبثت أن لاحظت إحدى الاحتجاجات فقامت بالانضمام للمحتجّين ومن ثم إعطاء عبوة بيبسي للشرطي. وفي النّهاية تم كشف النّقاب عن هدف الإعلان وهو أن حياة السّود مهمّة Black Lives Matter. وقد لاقى الإعلان حملات سخط وغضب جماهيري نتيجة تناوله لقضيّة الاحتجاجات بأسلوب ساخر وخاصّة أن الاحتجاج هو حق مشروع ومكتسب لأي فرد.

على المقلب الآخر، شاهدت إعلانًا لشركة Airbnb وهي شركة عاملة في مجال تأجير واستئجار أماكن سكن. وقد تناولت في إحدى إعلاناتها قضيّة اللاجئين السورّيين وهي وكما معروف قضيّة حسّاسة جدا بحيث ينقسم النّاس في رؤيتهم لها بين مؤيد ومعارض. كان العنوان الخاص بحملتها الإعلانية "We Accept " أي نحن نقبل اللاجئين ونساعدهم والتي لاقت معارضة البعض مقابل قيام أكثر من 15000 شخص بدعم اللاجئين من خلال تقديم يد المساعدة. حسنًا، فإنّ إعلان Airbnb قام بتناول قضية مثيرة للجدل وهي قضيّة النازحين. إلّا أنّها وبالخلاف من بيبسي فقد أحدث إعلانها أثرًا إيجابيّا في المجتمع.

ومن هنا وبرأيكم، هل يجب على الشركات تناول قضايا مثيرة للجدل في إعلاناتها أم أنّها يجب أن تتجنّب ذلك نتيجة المخاطر التي قد تنجم عن ذلك؟ ولما ذلك؟