أرى الكثير من البوستات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تشجع الانعزال والابتعاد عن البشر، إما تكون بغرض الكوميكات وإما آلية نجاة بسبب إحباطات سابقة أو حتى سعيًا لتطوير الذات. ولكن المشكلة هنا هي تعميم مصطلح "الابتعاد أو الانعزال" دون توضيح للأساليب الطبيعية والأساليب التي تؤدي إلى مشكلات صحية ونفسية لاحقة.

بحسب الدراسات، فالعزلة الاجتماعية لما يتجاوز الأسبوعين، هي ضمن بوادر الاكتئاب واضطراب ال PTSD، بل تؤدي إلى تراكم بروتينات تؤثر في وظائف مراكز المخ المختلفة وتسمى بال Tachykinins، تلك البروتينات لها علاقة وثيقة بآليات الشعور بالألم والخوف وحتى الوظائف الإدراكية، كون تراكمها في مراكز المخ يغيّر في وظائفها، وضمن التغيرات التي تُلاحظ مع العزلة الاجتماعية لمدة طويلة، هي الخوف من التعامل مع الأغراب، سرعة الغضب والعنف في المواقف البسيطة، زيادة التحسس تجاه أي مؤثر بسيط، والأهم هو شعور "الجمود" عقب حدوث أي مؤثر صادم، أي يصعب على الشخص تجاوز الموقف كأي شخص طبيعي خلال مدة زمنية بسيطة.

كما أن العزلة الاجتماعية تزيد خطر الإصابة بالخرف بنسبة 60%، إذن فالعزلة الاجتماعية لمدة زمنية تتجاوز الشهر وغيرها يؤثر في وظائف المخ الإدراكية والشعورية، وتتابعاته سيئة بالنسبة للفرد وليس كما يروج له بأنه بتلك الطريقة ينقذ نفسه من العلاقات السامة، وعليه فإن الانعزال لفترات في اليوم للعمل أو الدراسة أو غيرها هو أمر طبيعي، ولكن قضاء وقت بسيط مع العائلة أو حتى مقابلة الأصدقاء هي بمثابة أفعال بسيطة لنا ولكنها تزيد شعور الترابط وتحمي المخ من أضرار جسيمة لاحقة، فمن تجاربكم السابقة، كيف تتعاملون مع رغبات الانعزال في حالات الإخفاق أو الإحباط؟