تعتبر متلازمة الرجل الثالث من الألغاز الطبية والنفسية التي ما زال الخبراء عاجزين على حل شفراتها حتى الآن بالرغم من التقدم الطبي الذي وصلنا له. متلازمة الرجل الثالث أو "Third Man Factor" هو المصطلح المستخدم لتحديد تجربة شائعة جدًا في جميع أنحاء العالم، وعبر تاريخ البشرية وهي الإحساس بوجود شخص آخر معنا وأحيانًا يصل الأمر إلى حد التصور لكائن ليس موجودًا بالفعل، وهو ما يسميه الكثيرون "صورة ثلاثية الأبعاد". تحدث هذه المتلازمة عندما يمر الشخص بتجارب مؤلمة تواجهه وتضعه في مواجهة مباشرة مع الموت فعلى سبيل المثال المستكشف البريطاني الشهير "إرنست شاكلتون"، الذي واجه تجربة مماثلة أثناء رحلته إلى القطب الجنوبي في عام 1917. أثناء تواجده في موقف خطير، شعر بوجود شخص آخر يقدم له الإرشاد والدعم لذلك سُميت متلازمة الرجل الثالث على اسمه لأنه غامر باستكشاف القارة القطبية مع رجلين ناهيك عن أنه عند وصوله إلى الملجأ المنتظر، احتفظ بهذا السر لسنوات حتى كشفه في مقابلة صحفية ليكتشف أن رفيقيه قد لاحظا وجود ذلك الشخص المجهول أيضا. والشيء الغريب في هذا الأمر هو أنه عندما وصلوا إلى بر الأمان، لم يتم رؤية الرجل الغامض أبدًا، ولهذا السبب يقال إن هذه المتلازمة هي مجرد سراب. لهذا يشار إليها أنها دافع البقاء. لذلك وفي هذا الصدد هل هذه الظاهرة حقيقة أم مجرد خيال، وما تفسيرها؟ وكيف يمكن لشخص خيالي المساعدة في إنقاذ حياة بعض الأفراد؟
الشخص الخفي الذي يتدخل لإنقاذ الأشخاص المهددين بالخطر .. كيف يمكننا تفسير متلازمة الرجل الثالث؟
لم أسمع عنها من قبل ولكن لا أعتقد أنها حقيقة من الأساس من الممكن أن تكون من نسج خيال الأشخاص في هذه الرحلة نتيجة تعرضهم للموت ونجاتهم كان محض حظ بحت.
أنا أعلم أنه للوهلة الأولى قد تجد أن الأمر يبدو مستحيلاً ولكنه حقيقي وتم ذكره بالفعل في العديد من المصادر ولكنه أمر نادر للغاية لأنه يحدث فقط حينما يتعرض أحد للموت القريب حينها يريد أن يتشبث بأي أمل له في النجاة لدرجة أنه يتخيل أحد الأفراد يساعده بالرغم أنه شخص وهمي والأمر وما فيه أنه الأمل النابع من داخله.
وأنا أيضاً أول مرة أسمع بها ولكن في تراثنا االشعربي العربي مثال عليها. فالشاعر العربي الجاهلي القديم كان يخاطب صاحبين في وقت الضيق او الكرب الشديد أو في وقت السرور الطاغي الذي يريد أن يشاركه في غيره. فلا عجب إذن أن نرى من يقترب من الموت أو في اللحظة الحاسمة بين الحياة و الموت يتخيل وجود طرف ثالث منقذ. اسمع إلى امؤ القيس وهو ينفعل حزيناً ويقول:
قِفا نبْكِ من ذكرى حبيبٍ ومَنزل ♦♦♦ بسقْط اللِّوى بين الدَّخول فحَومل
فهو ليس معه صاحبين ولكن هو يتخيلهما. فقد جرد من نفسه شخصين حتى يفضي بحمولة نفسه الثقيلة بالمشاعر الأليمة إليهما وإلا لنفجر حزناً وكمداً. فكان لابد أن يجرد من نفسه شخصين آخرين يخاطبهما حتى تكون المشاركة العاطفية وكذلك أرى ما يعرف بالطرف الثالث في مساهمة الزميل.
بالتأكيد ليست حقيقة بمعنى الوجود الحقيقي للخيال.
وكيف يمكن لشخص خيالي المساعدة في إنقاذ حياة بعض الأفراد؟
علم النفس يجيبنا على هذا الأمر بالحديث عن الصديق الخيالي ولكن علم النفس يربطها بشكل أوضح عند الأطفال وحتى أنه لا يصنفهم كمرضى لأن الصديق الخيالي الذي يخترعه الطفل أنما أخترعه لتمضية وقته وتسليته فهو رفيق جيد وحتى أن الأطفال مع مرور الوقت يستطيعون تميز هذا ونسيان هذا الرفيق الوهمي والصديق الخيالي بدون حدوث أي مشاكل ولكن في الأفلام يصورنهم على أنهم للأسف يعاونون من أمراض.
ولكن ألا تعتقد أن فكرة الصديق الخيالي أحيانًا تكون نابعة من الوحدة وأحيانًا التوحد وجميعها أعراض نفسية توضح حاجة الطفل الصغير للرعاية بشكل أكبر ، ألا توافقني على ذلك ؟
بالتأكيد أوافقك ولكن ما كنت أرمي إليه هو عدم تصنيف الطفل بأنه مريضا نفسيا، لأن المرض النفسي بكل أنواعه يضر بالإنسان أما في تلك النقطة فالطفل لم يقع عليه ضرر من صديقه الوهمي
بالطبع لا يمكننا التصنيف بناء على ذلك ولكن ما أرمي إليه هو وجود مشكلة لدى الطفل عند وجود الصديق الوهمي الذي يقضي معه الكثير من الوقت بدلاً من العائلة والتفاعل مع الآخرين لذا من الممكن حدوث تفاقم للأمر مما يؤدي إلى ظهور أعراض نفسية آخرى غير العزلة، ومن المتعارف عليه أنه لن يظهر الأمر سوى في الكبر فقط وليس في الطفولة.
كل ما يحدث في الطفولة يؤثر بنا على المدى البعيد بالتأكيد وكما أشرت لنقطة البعد عن العائلة وربما اختيار العزلة بإرادته مستقبليا للأسف.
أوافقك الرأي بكل تأكيد، عادة ما أرى أن الأعراض النفسية تحدث بسبب تراكمات منذ الصغر حتى نصل إلى نقطة معينة وهي كوننا غير قادرين على المرور من اليوم بسلام تام حينها يمكن أن تصنف الشخص على كونه مريض نفسي.
ولكن وجب التنويه لأن الوصف المحدد للمرض النفسي وتشخيصة يتم من قبل اخصائين متخصصين لأن الكثير منا يبحث عن الأن عن التوصيف النفسي لكل شيء وكأنه حمع العللوم كلها.
لذلك وفي هذا الصدد هل هذه الظاهرة حقيقة أم مجرد خيال، وما تفسيرها؟
أعتقد أنها قد تكون صحيحة فعلا. فالإنسان ولد وبداخله غريزة البقاء على قيد الحياة. وما يساعده في تنشيط هذه الغريزة هو عقله. عقل الإنسان إذا شعر بتهديد قد يدفع صاحبه لفعل أي شئ لكي يحافظ على حياته. الإنسان وقتها يحتاج لدافع وسبب قوي كي لا يستسلم ويترك نفسه. لذا العقل قد يصور له رؤية شخص أخر فعلا يدعمه وينصحه، فهذا هو الدافع الذي يبقى الإنسان متمسكا بالأمل مدافعا عن حياته.
وكيف يمكن لشخص خيالي المساعدة في إنقاذ حياة بعض الأفراد؟
تذكرت فيلم life of pi. الشاب وقتها عندما كان بمفرده وسط مياه المحيط ولا أمل واحد بأنه يمكن أن يعيش ليومين، كان ما أبقاه على قيد الحياة هو نمر! بشكل ما تكونت علاقة ما بين الخوف والصداقة بين الشاب والنمر كانت هي سبب في إنقاذهما. كان النمر مؤنس لوحدته والخوف منه سبب ليقظته وتشغيل عقله. فالشخص الخيالي الذي يتصوره الإنسان وقتها يمكنه أن يقوم بدور مشابه في التحفيز وإعطاء الأمل والاطمئنان للإنسان بأنه ليس بمفرده وأنه سيتجاوز ما يمر به. الأمر مشابه تماما للدعم من الأصدقاء أو الأهل عندما تكون في مشكلة أو وضع سئ وقتها كل ما تحتاجه ليس حلول بقدر ما تحتاج الدعم والإطمئنان وأن لا تشعر أنك وحدك.
إذا شعر بتهديد قد يدفع صاحبه لفعل أي شئ لكي يحافظ على حياته.
بالفعل التهديد الذي يقع فيه الإنسان هو السبب الرئيسي في ظهور هذه الظاهرة ولكن يجب أن يكون قريب من الموت بشكل أو بآخر لأن ذلك لا يحدث مع كافة أنواع التهديدات.
بشكل ما تكونت علاقة ما بين الخوف والصداقة بين الشاب والنمر كانت هي سبب في إنقاذهما.
أنا أحب هذا النوع من الأفلام بكل تأكيد مثل Life of Pi ، the jungle book وغيرها من الأفلام التي تتجسد فيها علاقة صداقة بين البشر والحيوانات عن طريق غريزة البقاء ولكن السؤال هنا هل هذا ممكن في أرض الواقع؟
وغيرها من الأفلام التي تتجسد فيها علاقة صداقة بين البشر والحيوانات عن طريق غريزة البقاء ولكن السؤال هنا هل هذا ممكن في أرض الواقع؟
حيوانات مفترسة؟ لو السؤال عنها فلا لأنه من اليوم الأول وسيتم تقطيع الإنسان لأشلاء فلن يكون هناك فرصة لتكوين علاقة صداقة. فبرغم من حبي لأفلام ك life of pi ولكن هذا مجرد خيال. لكن حيوانات أخرى غير مفترسة فنعم فحتى وإن لم تكن حياة الإنسان مهددة فالحيوانات لها تأثير إيجابي على البشر. بعض البشر يتعاملون مع حيواناتهم الأليفة على أنهم أولادهم. لذا وجودهم في هكذا وضع سيكون دافع قوي جدا لاستمرار الإنسان وعدم استسلامه.
ولكن حتى الحيوانات المفترسة يتم ترويضها بواسطة مختصين فعلى سبيل المثال قد نرى بعض الأشخاص تسعد بتربية الأسود منذ الصغر وبالرغم من هذه المخاطرة الكبيرة إلا أنه عندما يكبر يصبح كسائر الحيوانات ويتم التحكم به بسهولة.
بشكل عام صحيح يمكن ترويض الحيوانات المفترسة من الصغر، وكثير منها يكبر ويصبح كحيوان أليف مع صاحبه، ولكن حتى هذا ليس مضمونا فأنا سمعت بقصص كثيرة قتل فيها الحيوان صاحبه فجأة رغم أنه مروض جيدا ويعرف صاحبه منذ أن كان صغيرا.
ولكن بالتحديد في الحالة التي أشرت إليها فلن يكون هناك وقت كافٍ لترويضه، فالاثنان غرباء عن بعض تماما وإذا كانت الفرصة سانحة سيفعل الحيوان ما يجيد القيام به.
. لذلك وفي هذا الصدد هل هذه الظاهرة حقيقة أم مجرد خيال، وما تفسيرها؟ وكيف يمكن لشخص خيالي المساعدة في إنقاذ حياة بعض الأفراد
منطقيا هذا غير ممكن، لا يمكن لشخص خيالي القيام بالمساعدة المادية أما المعنوية فالأمر قد يكون ممكنا، أعتقد أن الإنسان المصاب بهذه المتلازمة ونتيجة للخوف الشديد من الهلاك والتوتر يقوم بتخيل هذا الشخص الخيالي في تلك اللحظة كي يتشبث ببصيص الأمل ذاك للبقاء وحينما يزول ذلك الخوف يزول معه الشخص الافتراضي ويصبح غير موجود.
لا يوجد تفسير محدد للأمر ولكن ما يبهرني بحق هو كيف يمكن لجميع الأفراد الموجودة حينها رؤية نفس الشخص ؟ من الممكن أن يقوم أحدهم يتخيل شخص من نسج خياله ولكن ليس للجميع ولن يشعر به أحد أيضًا، لهذا كيف تفسر هذه الأمور من وجهة نظرك ؟
إن إفترضنا صدق رواية جميع الأطراف، فحينها سأقول بأن الوضعية المعاشة وشعورهم بالخطر ذاته قد ولد لديهم هذا الأمر بأن هنالك شيئا ما او شخصا سيحاول إنقاذهم مما فيه، أو أنهم يعانون من المتلازمة نفسها، لا يمكن معرفة الحقيقة التامة إلا إن كنا في مكانهم وعشنا نفس ما عاشوه.
أعتقد أن التفسير المقنع بالنسبة لي هو أن الشخص الخيالي هو من نسج خيال الجميع ونابع من الدافع الخاص بهم للبقاء والنجاة من الموت الوشيك لذلك يظهر شخص خيالي في صورة الأمل لديهم جميعًا هذا التفسير المنطقي لرؤية الجميع له في الوقت ذاته.
التعليقات